تختلف تسعيرة سائقي حافلات نقل الطلبة والموظفات بين مدينة وأخرى، فالسائق في مدن الدمام والخبر والظهران، يحدد سعراً يفوق بكثير نظيره في مدن أخرى، مثل القطيف وسيهات وصفوى ورأس تنورة. وعلى رغم ذلك يسعى السائقون إلى توحيد أسعارهم، ويضعون تسعيرة قابلة للتغيير، وكأنهم عمال منظمون خاضعون لشركة كبرى تديرهم. ويعتمد السائقون في تثبيت السعر على المصادر السمعية، التي لا تتأخر في العادة عن الوصول إليهم. ولا يبدي الزبائن قبولاً بما يسمى"استغلال السائقين"، بيد أن عدم وجود البديل المناسب، يجبر الركاب في أكثر الأحيان على الخضوع لتسعيرة السائقين. ويحاول غير سائق أن يستقر بسعره، لئلا يفقد مصداقيته، التي يعتمد عليها في عمله. ويتقاضى السائقون في حاضرة الدمام نحو 400 ريال شهرياً، عن الراكب الواحد، ويبرر السائق سعود الدوسري ذلك ب"اتساع مساحة الدمام، ما يعني استهلاك مزيد من الوقود أثناء التنقلات، ومن جانب آخر قلة سائقي الحافلات الصغيرة في هذه المدن". فيما لا تتجاوز التسعيرة في مدن محافظة القطيف وقراها ورأس تنورة ال 200 ريال، حيث تتوافر الحافلات، وتقل المسافة بين الأماكن. لكن ذلك لا يمنع من وصول التسعيرة إلى 600 ريال، في حال التنقل بين القطيفوالدمام، لطالبات الكليات والمعاهد وجامعة الملك فيصل، والمعلمات والطبيبات والممرضات. بيد أن هذه التسعيرة ترتفع وتنخفض لدى السائق الواحد، سواء في الدمام أو القطيف، ويندر أن تجد سائقاً واحداً يقدم تسعيرة واحدة طوال العام. وفي حاضرة الدمام، يلجأ البعض إلى التعاقد الشهري مع سائقي الليموزين، لكن ذلك قد يكلف 1200 ريال شهرياً، كما حصل لهدى محمد، وهي طالبة في كلية الآداب في الدمام،"سيارات الأجرة والليموزين مرتفعة السعر مقارنة بسائقي بالحافلات الصغيرة، ويصل الفارق إلى 300 ريال، لكنه أكثر راحة، وأسرع، فلن أتوقف هنا وهناك لكي تركب وتنزل راكبة أخرى، ترافقني في السيارة". ويشير محمد الشبر"سائق حافلة"إلى أن هناك سبباً آخر لرفع الأسعار، وهو المخالفات التي يحصل عليها السائق. ويقول:"إنها قد تؤثر في دخلي الشهري، فخلال العام الماضي كان هناك تشديد على حافلاتنا من جانب إدارة المرور، التي كانت تشترط وجود"كرت التشغيل"على الخطوط السريعة، وغالبية السائقين لا يملكونه، لعدم الرغبة في دفع رسومه، البالغة 1200 ريال"، مضيفاً"حصلت على مخالفات عدة في تلك الفترة، ما اضطرني إلى رفع السعر على الركاب، الذين أوصلهم من القطيف إلى مدينة الدمام، بنسبة 10 في المئة، وأوضحت لهم السبب، وتفهموه، ولم تحصل بيننا خلافات، باستثناء راكبة واحدة، رفضت، وتوجهت لسائق غيري". ولم يكن الشبر وحده من غيّر السعر، فعدد من السائقين يتابعون ارتفاع الأجور. ويضيف"خبر التغيير ينتشر بين السائقين، وسرعان ما يعمم السعر الجديد، ومثالاً على ذلك كنت في الماضي أوصل من القطيف إلى الدمام بمبلغ 600 ريال، ثم ارتفع سعر البنزين، فرفعت السعر، بعد أن عرفت أن عدداً كبيراً من السائقين رفعوه إلى 750 ريالاً، ثم تلت تلك الارتفاعات ارتفاعات أخرى، في دفعات، وكانت تأتي تبعاً لأي تغيير مباشر على السائقين". ولا يخفي كثير من الممرضات والطالبات امتعاضهن من رفع التسعيرة المتواصل. بيد أنهن مضطرات للتعامل مع السائقين. وتقول زينب ناصر، وهي ممرضة في إحدى المستشفيات الخاصة في مدينة الدمام:"لم أذهب طيلة يومين إلى العمل، بسبب رفع التسعيرة مئة ريال في الشهر، بيد أنني فكرت أن عدم ذهابي سيخسرني كل شيء، فاضطررت للموافقة، بعد أن شاهدت أن السعر عُمم لدى كثير من سائقي الحافلات الصغيرة". وتطالب زينب بضرورة وضع قانون ملزم لجميع الأطراف، تكون فيه التسعيرة بحسب عدد الكيلومترات، مع مراعاة سعر البنزين والمحروقات. وبعيداً عن كل التحفظات التي يسجلها الركاب على السائقين، فإن الشبان العاملين في هذه الحافلات يحصلون على دخل جيد. ويقول السائق الشبر:"تعيش أسرتي من دخلي في هذه المهنة، وأستطيع القول إنني أنام مرتاحاً، فرزقي مؤمن، وإن كان القلق يعاودني بين حين وآخر، بسبب عدم وجود تأمينات اجتماعية لنا، فنحن نعمل لحسابنا، وليس لحساب شركة معينة، فالشركات الخاصة غير متوافرة بعد، وإن توافرت فستأخذ مالاً كثيراً، وتعطينا القليل منه".