الكتاب: رسائل إلى روائي شاب المؤلف: ماريو بارغاس يوسا ترجمة: صالح علماني. الناشر: دار المدى. يختار ماريو بارغاس يوسا أن يكتب عن الرواية بطريقة مخالفة لما يكتبه النقاد، إنه يكتبها بطريقة مراسلات، بينه وبين شاب روائي، فيلتقط زوايا تجربته الخفية في الروايات التي صقلت عبقرية السرد فيه طوال حياته، مستخدماً في ذلك أسلوب الوصف التصويري، ومتجنّباً تعقيدات التنظير الأكاديميّ، مستعيناً في الوقت ذاته بوسائل تعليمية كالأمثلة التصويريّة، فهو يعنون بعض رسائله بعناوين لافتة. فالرسالة الأولى: قطع مكافئ للدودة الوحيدة، ويعني بها أن على الكاتب أن يكتب للفن وحده، وأن يبتلع دودة الفنّ ويأكل من أجلها في تضحية مطلقة وعبودية غبيّة، كما كانت تفعل بعض السيدات المذعورات من بدانة أجسادهن في نهايات القرن التاسع عشر، إذ كنّ يبتلعن هذه الدودة الوحيدة، فيطعمن من أجلها، تنمو الدودة، ويضمحل الجسم. والرسالة الثانية تأتي بعنوان: الكاتوبليباس، وهو كائن خرافيّ يمثل به الروائي العالمي يوسا، لهذا الكاتب الشاب، كيف يجب عليه أن يصنع خياله من وقائعه الصغيرة، لا كما هي تسجيلياً، ولكن كما يفعل الكائن الخرافي الكاتوبليباس، الذي يلتهم نفسه بدءاً من قدميه إلى رأسه. وهكذا كما يصف يوسا، يجب على الكاتب أن يبعثر تجاربه الحياتية الخاصّة ليختار منها مادة عمله الروائية. إن يوسا لا يتخلى عن غرائبيّة السرد التي يتمتع بها كل اللاتينيّين حتى وهو يشرح رؤيته الخاصة بكينونة الكتابة ووسائل العناية بالنص ليصبح ناجحاً. طارحا عناوين لافتة للنظر وغريبة لدى المرأى الأول: كعنواني رسالتيه العاشرة والحادية عشرة: العلبة الصينية، والأواني المستطرقة! ويمكن أن تُلخّص نظرية يوسا إلى النجاح الروائيّ على أنه: القدرة على إقناع القارئ بحقيقة هذا الواقع المستعار، والأسلوب والمكان والزمان والراوي وتعدد مستويات الواقع والنقلات والمعلومة المخبّأة والقصص الجانبية الرافدة، كل يندرج في قائمة الوسائل التي تخدم رغبة الروائي في الإقناع.