بدأت السعودية بعد توحيدها على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، أولى خطوات التحول الحضاري الكبير في جميع المجالات، فقد استطاع أن يؤسس هذا الكيان الكبير بحنكته وقوة إرادته، وأن يقهر المستحيل، ويذلل الصعاب، وان يصنع من هذه الرقعة المترامية الأطراف كياناً واحداً متآلفاً ومتجانساً، لتبدأ مرحلة جديدة من الاستقرار والرخاء، والتطور والبناء، هي ثمار مرحلة سابقة زاخرة بالتضحية والعطاء والبطولة والفداء. لقد بدأ الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - مسيرة التأسيس والبناء، معتمداً على الله أولاً، ثم على عزيمة وإرادة الإنسان السعودي ثانياً، فكان هو العنصر الرئيس في معادلة البناء في ظروف صعبة متواضعة، للامكانات النادرة والموارد المالية والبشرية القليلة، وكان التلاحم النابع عن الإخلاص والإحساس الصادق والانتماء لإنسان هذا الوطن عاملاً رئيساً في صنع تاريخ وحضارة الوطن. وبرز القطاع الاقتصادي من بين المجالات، من خلال التركيز الحكومي على تحويل الخيرات الوفيرة التي تنعم بها أرضنا الطيبة إلى مكاسب، يستفيد منها أبناء الوطن من أقصاه إلى أقصاه، فمن أرض بوار وعسر شديد، إلى ازدهار وتحضر ونماء متصل. وتظل الأرقام والمشاهدات الملموسة على الأرض أكثر ما يدل على النقلات الكبرى التي جعلت من اقتصادنا السعودي حاضراً ومؤثراً في المستويين الإقليمي والدولي. ولم يكن لهذا التطور الفاعل والمتنامي أن يتمدد ويتوسع لولا جهود الدعم والمؤازرة التي كانت ولا تزال تقدمها حكومة السعودية لمختلف القطاعات، وتصميمها على إتاحة المجال الكافي للقطاع الخاص وبشكل كبير في صنع الاقتصاد الوطني من خلال تهيئة البنية الاستثمارية المناسبة له، سواءً كانت في شكل الاستمرار في الاستثمار في البنية التحتية أم تحسين وتطوير الكثير من الأنظمة واللوائح. ومن بين القطاعات التي شملتها تلك الرعاية الكريمة قطاع الطيران المدني، ذلك القطاع الحيوي الذي يلقي بتأثيره المباشر على منظومة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية للوطن، خصوصاً بعد صدور نظام الطيران المدني الجديد الذي جاء مواكباً لتوجه الدولة، الرامي إلى دعم القطاعات المنتجة، وتوفير الآليات النظامية التي تمكنها من أداء المسؤوليات المناطة بها، وتطوير أساليب عملها، والذي سيثمر حال تطبيقه في جذب استثمارات مهمة إلى قطاع النقل الجوي، كما سيحقق الخدمات المطلوبة منه بنهج واضح وعالي الأداء، لتحديد المسؤولية للمستفيدين والمهتمين بقطاع الطيران المدني والنقل الجوي. إن اليوم الوطني ليس مناسبة عابرة، بل ذكرى زاخرة بكل المعاني والدلالات التي تبرز معنى الوطن والمواطنة الصادقة، ويسعدني في هذه المناسبة التاريخية المجيدة، أن أشير إلى الدعم اللامحدود الذي حظيت به الهيئة العامة للطيران المدني من الحكومة السعودية. * رئيس هيئة الطيران المدني