رحم الله خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، واسكنه فسيح جناته، فقد كان ملكاً وحاكماً ورجل سياسة من الطراز الاول، ورجل علم واقتصاد متمكناً وادارياً محنكاً، فقد حكم البلاد بحكمة ودراية وبعد اقتصادي واجتماعي حصيف ورؤية ادارية ثاقبة، كما كان واسع الادراك في سياسة التعليم التي وضعها ابان وزارته للمعارف والتي نقطف ثمارها حتى الآن. لقد تعلم جيلنا في المدرسة التي اسسها بثاقب رأيه، وعاصرنا التنمية الشاملة بكل تفاصيلها، والتي من اهمها خطة التنمية الثانية عندما كان ولياً للعهد، والتي ارست الاسس الحديثة للنهضة الاقتصادية والصناعية التي نعيشها، فانشاء الهيئة الملكية للجبيل وينبع وتشييد مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين الشاهدان على نهضة صناعية تقارع العالم بالمجمعات البتروكيماوية والصناعية الثقيلة المتطورة، كما تم بناء الطرق الفسيحة الحديثة التي تربط اطراف المملكة من كل انحائها، وانشاء الانفاق والجسور والسدود والجامعات والمعاهد الفنية والعلمية ومراكز البحوث وآلاف المدارس، كما انجز - رحمه الله - اكبر توسعة في التاريخ للحرمين الشريفين في مكةالمكرمة والمدينة المنورة، وانشأ مطبعة المصحف النبوي الشريف التي تطبع كل عام مئات الآلاف من المصاحف واشرطة التسجيل وترجمات معاني القرآن الكريم، وهو انجاز يحفظه له التاريخ، ويسجله بحروف من ذهب جعله الله في موازين حسناته. وفي السياسة فهو القائد الذي استطاع بحكمته وحنكته ان يواجه كل الظروف والمشكلات، الاقليمية والدولية بعقل وفكر الحاكم والملك الحكيم، الذي لا تعوزه الارادة واتخاذ القرار الحاسم والجريء في الوقت المناسب، وحادثة احتلال الكويت اكبر دليل على هذه الحكمة والحنكة والجرأة، كما ان اتفاق الطائف لحل مشكلة لبنان دليل آخر على الكياسة السياسية، لقد كانت قضايا الامة العربية والاسلامية محل اهتمامه وعنايته، لقد وضع - رحمه الله - اساس الدولة الحديثة، وانشأ المؤسسات التي تقوي دعائم الدولة، مثل مجلس الشورى ومجالس المناطق والمجالس البلدية وانظمة الحكم والمجلس الاقتصادي الاعلى والمجلس الاعلى للبترول، وصناديق التنمية والهيئات المتخصصة، والكثير الكثير، كما كان رجل الادارة المتميز الذي يسمع ويتشاور ويتحاور مع الجميع ويتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب. اتسم عهده - رحمه الله - بالتنمية الشاملة والنهضة الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية في المجالات والقطاعات كافة وتظلل الشعب السعودي بكل فئاته الرفاهية والتطور العلمي والثقافي والفني، والتي تعجز عن وصفه المجلدات والمؤلفات، لقد عاش ملكاً كبيراً ومات شهماً كريماً ? رحمه الله رحمة واسعة ? وغفر له، واجزل له الثواب، واحسن الله عزاء اخوانه وابنائه، وعامة الشعب السعودي، والامة العربية والاسلامية والعالم اجمع. ولنا في خليفته وعضده خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز العوض المبارك ? ان شاء الله ? فهو خير خلف لخير سلف، وولي العهد الامير سلطان بن عبدالعزيز اللذين يرعيان الدولة والشعب والتنمية والتطور الحديث للمملكة العربية السعودية وفقهما الله وسدد خطاهما. * محافظ المؤسسة العامة لتحلية المياة المالحة