خالفت نتائج حملة، نفذتها مساء أول من أمس الأجهزة الأمنية في محافظة الأحساء في حي"النعاثل"في مدينة الهفوف، توقعات وتحريات سبقت تنفيذ الحملة. وقال مصدر أمني ل"الحياة":"توقعنا القبض على أعداد كبيرة من المخالفين، وضبط كميات من الخمور، نظراً لما تحتويه المنطقة من مصانع خمور، حسب مسح ودارسة للحي". بيد أن رجال الأمن الذين طوقوا الحي منذ الساعة الحادية عشرة ليلاً وحتى الثانية فجراً، لم يخرجوا خالي الوفاض، إذ تمكنوا من القبض على نحو 40 مخالفاً لأنظمة العمل والإقامة من جنسيات مختلفة، وكذلك على مخمورين أجانب وسعوديين، إضافة إلى ضبط كميات من الخمور والمواد المخدرة وأدوات تستخدم في السحر، وأقراص وأفلام إباحية، ووكر لإقامة الحفلات"الماجنة". وسادت مشاعر توجس وخوف وقلق وتوتر وانفعال ما أن بدأت الحملة. وارتفعت صرخات تحذيرية أطلقها عمال، لتنبيه زملائهم من أجل الهرب من الموقع، تزامن مع نباح كلاب، سمع في أزقة حي"النعاثل"أو"المزروعية"كما يسمى أيضاً، وهو أحد أشهر أحياء الهفوف. وانتشر نحو 60 عنصراً أمنياً بين البيوت القديمة والخربة المبنية من الطين. وتوزعوا في أماكن متفرقة، كل مجموعة منها في أحد أطراف الحي، وأحاطوه بأكمله. بعد أن شكلوا حلقة، تم خلالها توزيع التعليمات من قائد الحملة، لتنفيذ الخطة التي تم وضعها سابقاً، انتشرت بعدها القوات في أماكن مدروسة من الحي. وشارك في عملية الدهم، التي دامت نحو ساعتين ونصف الساعة، ست فرق من شرطة الأحساء، بقيادة مدير شرطة مركز"الرقيقة"المقدم مبارك العصيل، وقاد الحملة من"الجوازات"الملازم أول محمد العمري. إضافة إلى فرق من الهلال الأحمر ومكافحة المخدرات، والمباحث العامة بقيادة الملازم عبدالله الدويش، وقاد رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ عبدالله الحامد. تمكنت قوات الأمن في ثاني عملية دهم تنفذها في محافظة الأحساء، من إلقاء القبض على عمالة مخالفة لأنظمة العمل والإقامة، إضافة إلى سعوديين اثنين، أحدهما كان في حالة سكر، وكذلك ضبطت عدداً من المتورطين، في قضايا مخدرات وتمرير مكالمات، قُدر عددهم بنحو ستة، كما اكتشفوا مخازن للأطعمة الفاسدة، وأماكن تستغل في لعب القمار. كما أسفرت الحملة عن العثور على عدد من قوارير الخمر ولفائف الحشيش والحبوب المخدرة والسحر، إضافة إلى أقراص وأفلام إباحية، لم يتم إحصاؤها. فيما تم القبض على عمال هاربين من كفلائهم. وبدا الارتباك على العمالة واضحاً، عند اندفاع قوات الأمن إلى منازلهم. واقتيد المخالفون إلى حافلتين، خُصصتا للمقبوض عليهم، وتم إيقافهم عند نقطة ارتكاز الحملة. فيما سارت عمليات التفتيش والانقضاض على المخالفين في شكل بطيء، حيث جلب البعض مقيداً بالأصفاد. وبددت أنوار ساطعة، نصبتها الأجهزة الأمنية ظلمة أزقة الحي وشوارعه الضيقة، حيث تنعدم في الحي الإنارات، إلا ما ندر، وعلى استحياء، ما يوحي أن المكان هو أكثر ملائمة للمخالفين، الذي يعشقون الأماكن المنسية البعيدة عن أنظار الناس. واضطر رجال الأمن إلى استخدام القوة في فتح أبواب بعض المنازل. فيما عمدوا في بيوت أخرى إلى مباغتة الموجودين فيها، خوفاً من هروب من يقيمون فيها، أو إخفاء ممنوعات. بيد أن ذلك لم يمنع هروب بعضهم. ومن بين المقبوض عليهم عامل في حالة سكر، بعد أن شرب كميات كبيرة من الخمر، وكان فاقداً للوعي، وفي حالة شرود وهذيان. ما حدا برجل الأمن الذي كان يقتاده إلى الإمساك في يديه حتى أوصله إلى الدورية، ثم أجلسه في كرسي، ولازمه، قبل أن يقيد يديه بالأصفاد، وأغلق الباب عليه، وسط ضحكات من المتجمهرين عند الموقع. وسجلت الحملة دخول أحد رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بيتاً طينياً، ووجد داخله سعودياً تجاوز الستين في حالة سكر. كما وجد في حوزته قوارير خمر، وكان على ما يبدو يصنع الخمر، حيث عُثر على براميل صغيرة. وحاول الرجل تقبيل رأس رجل أمن عند نقطة الارتكاز، حتى يتركه ويطلق سراحه، بعد أن اعترف بشرب الخمر، مبدياً تعابير الحزن، فيما انسكبت دموع على خديه، في محاولة لحشد التعاطف معه، بيد ان رجال الأمن اقتادوه للتحقيق معه. فيما حاول سعودي آخر الهرب من رجال المباحث، بعد أن تسلل من أعلى سطح المنزل، لكنه سقط وأصيب، وتم نقله بالإسعاف، وبعد فحصه من قبل الهلال الأحمر تبين عدم إصابته بكسور، حيث كان يحاول الإيهام بإصابته لإخفاء كونه في حالة سكر. وشهد أحد البيوت مداهمة غرفة تم تحويلها إلى صالة رقص، من خلال الإضاءات الحمراء، كما عُثر فيها على أربع قوارير خمر وأشرطة أغاني وأفلام فيديو إباحية ولفائف دخان وأغلفة إبر ملقاة على الأرض. يشار إلى أن الأحساء شهدت أول حملة مداهمة قبل نحو ثلاثة أسابيع، ونفذت في المنطقة الصناعية، وتم خلالها العثور على أوكار لتمرير المكالمات وضبطت سيارة مطلوبة من قبل الحقوق المدنية، إضافة أفلام وأقراص إباحية، وكذلك 27 مخالفاً لأنظمة العمل والإقامة. من المداهمة - فاحت بين أرجاء الحي رائحة الطبخ والأوساخ، بيد أن ذلك لم يمنع قوات الأمن من تفحص المنازل للقبض على المخالفين، وضبط مواد ممنوعة. - ممرات الحي تفتقد إلى التنظيم، وتهيمن عليها العشوائية، وبعض مساكنه مهجورة، تستوطنها الكلاب والجرذان. ويتميز الحي بفقر سكانه. - غالبية منازل الحي تقطنها عمالة وافدة من جنسيات شرق آسيوية، تعمل في أماكن متفرقة من محافظة الأحساء، إضافة إلى عوائل وعزاب سعوديين، استقطبتهم تدني أسعار إيجار المنازل في الحي، الذي يقع غرب المدينة. - لم يتوقع سكان"النعاثل"أن يتحول حيهم إلى"ثكنة عسكرية"، وخرجوا من منازلهم وعلى وجوههم علامات التعجب، وهم يشاهدون سيارات الأمن وإنارتها المضيئة تنعكس على أبوابهم. - خرج عدد من النساء مصطحبات أطفالهن من منازلهن، خوفاً من وقوع مصادمات مع رجال الأمن. بيد أن ذلك لم يحدث، حيث سارت الحملة دون استخدام القوة من العمالة. - أغلب البيوت التي تمت مداهمتهما شوهد العمال فيها نائمين في غرفهم، فيما كان بعضهم آتياً من خارج الحي، إذ فوجئوا بما يحدث، وأبرز بعضهم هوياتهم، فيما كان بعضهم دون هويات. - تجمهرت أعداد كبيرة من الشبان والرجال عند نقاط التفتيش داخل الحي وعند نقطة الارتكاز التي بدأت منها الحملة، بعد ان تم منعهم من دخول الحي، إثر تطويق الدوريات لنوافذ الحي. - منحت الأجهزة الأمنية حرية كبيرة للإعلاميين الذين رافقوا الحملة، من أجل توثيق المداهمة.