يبدأ الشهر المقبل تطبيق نظام العنونة البريدية الجديد في السعودية، وهو من أهم المشاريع الحضارية التي سيتم تنفيذها في مختلف المناطق والمدن السعودية، والذي يحقق من خلاله البريد السعودي إنجازاً فريداً عبر إيصال الخدمة البريدية إلى ملايين السعوديين. وأوضح المهندس زكي محمد علي فارسي الذي شارك مكتبه في المشروع عن طريق إعداد دراسة شاملة للمشروع وآلية تنفيذه في حديثه إلى"الحياة"، أن مشروع العنونة البريدية الذي ينفذه البريد السعودي يعد الأول على مستوى الدول الخليجية من حيث كونه نظاماً متكاملاً يغطي المدن والقرى والمناطق السعودية ولا يقتصر على تلبية حاجة المناطق الحضرية فقط، بل روعي فيه ايصال الخدمة البريدية إلى كل جزء من الأراضي السعودية، وباكتمال تنفيذه تكون السعودية أول دولة خليجية تطبق شعار"لكل إنسان عنوان"وفق أحدث النظم الجغرافية. وأشار إلى أن مؤسسة البريد السعودي أجرت بمشاركة مكتبه دراسات مكثفة بالتعاون مع بيوت الخبرة في نظم المعلومات الجغرافية والخرائط الرقمية من أجل تنفيذ هذا المشروع العملاق، بهدف إيجاد شبكة متطورة من الخدمات البريدية النموذجية في السعودية، تقدم الخدمة البريدية للمواطن في موقعه من دون الحاجة إلى الذهاب إلى المكاتب والمراكز البريدية، إلى جانب تقديم خدمات متميزة ومتفردة لصناع القرار في الإدارات الحكومية المختلفة والقطاع الخاص للحصول على العناوين الدقيقة من خلال آلية عمل تضمن سرعة ايصال الخدمة البريدية. وأضاف فارسي، أنه باكتمال المشروع تتحقق أبعاد سياسية وأمنية واقتصادية عدة، أبرزها وضع السعودية في مصاف الدول المتقدمة في تطبيق نظام العنونة، عن طريق توافر إمكان وصول البريد والخدمات إلى جميع المناطق، وأخذ قصب السبق وزمام المبادرة بتبني أحدث النظم العلمية والتقنية في السعودية المضاهية لكبريات الدول في العالم وعملها بأيد وكوادر وطنية سعودية. وأشار إلى تقريب السعودية من هدف تفعيل الحكومة الإلكترونية وجذب المستثمرين من الدخول في تقديم خدمات جديدة، عن طريق تحديد العنونة الدقيقة للمناطق السكنية، بحيث تتوافر إمكان التواصل السريع والمباشر بين الإدارات والأجهزة الحكومية مع المواطنين، في إيصال معاملاتهم المنجزة بريدياً في خطوة مهمة وحاسمة لمشروع الحكومة الإلكترونية، وتوفير إمكانات متقدمة لربط العنونة بأنظمة الأمن والطوارئ والدفاع المدني والإسعاف والمرور للاستدلال على الواقع في أسرع وقت ممكن. ويهدف المشروع اقتصادياً، إلى توافر إمكان وصول الكثير من الخدمات والمنتجات للمناطق البعيدة ورفع انتاجيتها وقيمتها، مما يفعّل الدورة الاقتصادية في الكثير من المدن الصغيرة والقرى البعيدة، وينشط دورة الاقتصاد، إضافة إلى رفع مستوى دخلاً البريد ما يوفر دخل للدولة يمكّنها من القيام بخدمات أخرى تنعكس إيجاباً على الدورة الاقتصادية، إلى جانب إيجاد فرص عمل جديدة ومتنوعة للشبان السعوديين. ومن الأبعاد الاجتماعية لمشروع العنونة البريدية، تفعيل خدمة مهمة وحيوية للمواطنين والمقيمين كانت مغيبة، واحساس المواطن والمقيم بهوية خاصة للمكان الذي يقيم فيه. ووضع الأسس اللازمة لما يطرأ في المستقبل من زيادة سكانية أو تطورات حضرية أو في مجال التقنية البريدية مستقبلاً. وسينجز المشروع وفق أسلوب علمي سهل، من خلال استخدام آخر ما توصل إليه العلم في تقنية المعلومات الجغرافية والخرائط الرقمية التي تساعد في سرعة الاستعلام والاستدلال والتحكم في إدارة هذه الخدمة الحيوية والمهمة، والهدف إيصال الرسائل والطرود البريدية إلى المستفيدين سواء كان ذلك منزلاً أو منشأة أو مؤسسة مباشرة وفي أسرع وقت ممكن، من دون الحاجة إلى وضعها في صندوق البريد الموجود في فروع المؤسسة. صدقية البريد في العمل والخدمة يهدف المشروع، بحسب المهندس زكي فارسي إلى إيجاد أساس لنظام بريدي حديث في السعودية، وترميز وترقيم المناطق كافة إلى مستوى الموقع والوحدات لو اقتضت الحاجة، وتفعيل دور البريد وتحسين خدماته وتنويع وزيادة دخله مع رفع الإنتاجية والصدقية في العمل والخدمة، وإنشاء بنية تحتية أساسيه، وخدمة بريدية تستطيع القطاعات الحكومية والخاصة الاعتماد عليها في تقديم خدمة أفضل للمواطنين والمقيمين والقطاعات المختلفة. ويضاف إلى تلك الأهداف، بناء نظم المعلومات الجغرافية والخرائط وقواعد البيانات اللازمة كبنية تحتية تمكّن من الوصول إلى أي مبنى في السعودية عن طريق عنوانه أو مالكه ومستأجره، إضافة إلى معلومات مفصلة عن المبنى وموقعه بحسب الحاجة.