تتميز تجربة التشكيلية شاليمار شربتلي، بتنوع محطاتها وثراء اللحظات التي تشتمل عليها، وهي تجربة ثرية تنمو وتتعمق ملامحها كل يوم. فالوعي الذي تمتلكه، إضافة إلى مطالعاتها، واستيعابها لمجمل التجارب في الوطن العربي والعالم، تجعل من غير السهل تلقِّي أعمالها... هنا حوار معها: إلى أي مدى ترتبط اللوحة لديك بتقنيات الفنون الأخرى، الكتابة الأدبية مثلاً أو حتى النحت؟ - الرسام شأن أي مشتغل بالكتابة الأدبية أو العمل البصري، في تنوعه وشموله، ما يمر به في الحياة وخلال يومياته يختزنه، اما في عقله الواعي أو الباطن. كل التجارب الحياتية أو اليومية حتى الصغير منها يلتقطها، يهضمها الحس أو لا يهضمها ليست هنا القضية، لكنه يأخذ معه كل هذا المخزون، الذي يعرفه ويجهله في الوقت نفسه، وهو في طريقه إلى الجزيرة البيضاء أي اللوحة. لا تصدق فناناً يقول لك أنا ذاهب إلى اللوحة وأعرف ماذا أرسم، لأن ذهابه في هذه اللحظة محكوم بقوة الموهبة. أخيراً أقول ان الفن مثل الحب، أي احتياج دائم لفهم أشياء يجهلها، بمحاولة الرسم. لنتحدث عن الألوان وعما تعنيه لك، يلاحظ أن للون حضوراً مختلفاً في أعمالك؟ - يتحول لدي الاشتغال على اللون إلى ما يشبه الحرفة، فالاحتراف اللوني هو قمة الإبداع بالنسبة إلي، أن تجد اللون وتشتغل عليه وبالتالي تغير مفهومه، ألا يصبح الأحمر رمزاً للدم أو للوردة، بل جزءاً من سماء، ألا يصبح الأزرق كئيباً، فذلك أقصى ما يرغب أن يصل إليه الفنان. كيف ينجو الخيال الفني بفطرته، من سطوة الخيال العلمي والتطور التقني؟ - هناك مقولة لابن رشد أحبها كثيراً، تقول: "العقل له أجنحة... ولا يستطيع أحد أن يسجنه". بمعنى آخر وعلى رغم سطوة الخيال العلمي، هناك خيال الحلم الذي في داخل الفنان، وهو خيال لاشيء يقدر على تحجيمه، لأنه يرحل إلى آفاق ليست لها علاقة طوال الوقت بالأرض والآخرين. هناك التحليق، أتحدث هنا عن الفنان الحقيقي وليس المدعي، أو من يأخذ الفن كوجاهة اجتماعية. هل تشغلك المصطلحات النقدية، بعبارة أخرى هل تجدين أن حياتك تشهد نزاعاً بين الإبداع والنقد؟. - بالتأكيد الإجابة هي لا، لماذا؟ لأني غير مقتنعة على الإطلاق بما يسمى مصطلحات نقدية، مثل التي تستخدم في نقد اللوحات، ومنها: التفلطح التلقائي والاندياح البرجوازي والتراشق الكائن. هذه السفسطة في النقد أكرهها بشدة، لأن اللون والاشتغال عليه هو خاصية لكل فنان... من ناحية ثانية، لا يوجد لدينا أكاديمية للفن التشكيلي لتخرج لنا نقاداً أكاديميين. هناك اجتهادات أحترمها، ولكني أفضل الاستماع إلى أغنية "بابا فين"، أفضل من قراءة النقد الأكاديمي. تأثير علم الجريمة يطرح بعض المهتمين بمتابعة أعمالك تركيزها على فلسفة الذات، أي أنك انصرفت عن القضايا الراهنة؟ - القضايا المعاصرة في كل مكان، في التلفزيون، الراديو، النت، كلام الناس، وفي الصحف، ولكن الأمر يختلف معي كرسامة، أنا لست مؤرخة لعصر يقذف بي كل يوم إلى جور الغضب والحيرة. بالتأكيد القضايا في داخلي، لأني أقرأ وأسمع و أرى... ولكن كما قلت في السابق كل هذا يعتبر مخزوناً في داخلي، فحين أذهب إلى اللوحة أحمله معي، ويؤثر في عند الرسم. دراستك ل"علم الجريمة" و"علم النفس"، هل كان لهما تأثير في أعمالك ورؤيتك؟ - حين بدأت دروس الماجستير في علم النفس، كان الدافع نفسياً. كنت أود أن أعرف لماذا يكون هناك إنسان، نشأ اجتماعياً مغموراً بفيض من الحنان والدفء، ثم يقذف بالآخرين في جحيم القسوة؟ ولكني عندما انتهيت من دراستي ونلت درجة الماجستير، وجدت أنني لم أزدد إلا جهلاً في تصنيف أولئك الناس... ومع ذلك هناك انعكاس لكل ذلك على لوحاتي.