لم يمنع فوز وتأهل المنتخب السعودي إلى مونديال ألمانيا 2006 من تسهيل وصول معظم الطلاب إلى "مونديال النجاح" في اختبار الأمس. وعلى غير العادة، خرج طلاب وطالبات الصف الثالث الثانوي القسم العلمي، أمس، مستأنسين وفرحين، في أول اختبارات الأسبوع الثاني. واعتبروا"سهولة اختبار الفيزياء تعويضاً لهم عن مأساة الرياضيات". كما عبّر كثير منهم عن رضاه عن مستوى الأسئلة، وبصوت واحد وجهوا شكرهم إلى الوزارة، وتمنوا أن تكون الفيزياء بداية صفحة جديدة مع الوزارة، خصوصاً أن اختبار الرياضيات أو أحداث"السبت الأسود"كما سماه بعضهم، لا يزال عالقاً في أذهانهم. وبدت ملامح الفرح والسرور على معظم طلاب الصف الثالث الثانوي بعد خروجهم من قاعات اختبار الفيزياء، الذي وصف بالسهولة. "أسئلة الفيزياء هدية"، بهذه العبارة وصف معلم الفيزياء في ثانوية اليمامة في الرياض، حسام صالح، أسئلة الفيزياء لطلاب القسم العلمي. وأوضح حسام أن ما يميّز الأسئلة خلوها من الغموض، إضافة إلى مراعاتها مستويات الطلاب المتفاوتة. يقول:"في الوقت الذي أعطت فيه الأسئلة الأمل للطلاب الضعاف في الحصول على درجة معقولة، فإنها أيضاً منحت الطلاب متوسطي المستوى فرصة لرفع معدلاتهم، بينما سيحصل الطلاب المتفوقون على درجة كاملة بسهولة". ويشير حسام إلى أن الاختبار كان شاملاً وغطى جميع أجزاء المنهج. أما الطالب عبد الله عتيق، فيتمنى قائلاً:"ليت الوزارة تتعاطف معنا دائماً. آه لو أن أسئلة الرياضيات كانت مثل الفيزياء". ولم يجد الطالب علي الضامن بحسب ما يقول"أي صعوبة تذكر بالنسبة إلي". واعتبر مدرس المادة لقمان الفرج من جدة أن أسئلة الفيزياء"كانت مباشرة، إلا أنها لا تخلو من ثلاث فقرات تحتاج إلى تركيز. وتوزعت هذه الفقرات بين الأسئلة لتحدد مستوى الطالب". ويضيف:"أسئلة المادة خلت من أي صعوبة، لأنها احتاجت إلى تعويض مباشر بالقوانين". رسمت البسمة ويشير مدير ثانوية الدار الحمراء في بني سعد، خيران الثبيتي، إلى أن"أسئلة الوزارة لمادة الفيزياء رسمت البسمة على وجوه الطلاب والطالبات بسبب سهولتها. ولم تخرج عن المقرر بتاتاً، حتى أن الطلبة سلموا أوراق الإجابة بعد مضي نصف الوقت مباشرة. وكانت تعابير الفرحة بادية على الطلاب المميزين والمستوى الوسط منهم ومتدنيي المستوى، بخلاف أسئلة الرياضيات التي سببت صدمة نفسية لدى العديد من الطلاب بسبب صعوبتها". ويقول الطالب صبحي عبيد من جدة إنه لم يتخيل هذه الدرجة من السهولة، مشيراً إلى أن"سؤال الربط بين الأعمدة، من النمط السهل جداً، مقارنة بطرق أخرى للأسئلة في مادة الفيزياء". وعلى العكس، يقول المعلم في إحدى ثانويات الطائف، سلطان العتيبي، إن"أسئلة الفيزياء كان فيها نوع من الصعوبة". مضيفاً أنه التقى مجموعة من الطلاب بعد خروجهم من الامتحان، وأبدوا عدم ارتياحهم لأجوبتهم بسبب صعوبة الأسئلة وغموضها - على حد تقديرهم! صدمة نفسية وربما كان كلام العتيبي يتوافق مع حال الطالب يعقوب في الدمام، الذي وصفت أمه المسؤولين عن وضع الأسئلة بناقص الكفاءة والتدريب، لأنها كانت تعجيزية. وتتساءل:"هل هذا إحباط للطلبة؟ وهل هو نقص في الكادر التعليمي، واتفاق بين الجامعات والمسؤولين في وزارة التربية والتعليم لتنسيق نسب القبول بالجامعات؟". وتصف حال يعقوب الذي"طار حلمه وانطفأ مع الفيزياء، ويجلس حالياً مقفلاً باب حجرته على نفسه، رافضاً التحدث مع أحد". وتوضح والدته آماله في دخول جامعة الملك فيصل، وتقول:"لماذا تغلقون الطريق أمامهم؟ هذه حال اغلب الطلبة، في مدرسة ثانوية الظهران وعدد من المدارس". وتضيف:"خرج يعقوب وزملاؤه من قاعة الاختبار ودموعهم تتصبب على مصيرهم الذي أصبح حسرة في قلوبهم". ولا تنزعج أم يعقوب من نقطة اختلاف مستوى الأسئلة بين البنين والبنات، وتقول:"البنت لا تتجاوز بالنسبة إليهم أن تكون ممرضة أو معلمة في مجتمعنا. ولكن الشاب قد يكون جراحاً أو قاضياً، لذلك يجد من يقف في طريقه لزيادة الأيدي العاملة من الخارج". وطالبت باسم مجموعة من الأهالي بالنظر في مسألة من يضع الأسئلة،"من دون إهمالها، لأنها مصيرية وليست مزاحاً". على أي حال، يتخوف كثير من الطلاب من أن تكون الفاجعة اليوم، في"مادة المفاجآت المتوقعة، علم الأرض". ويصف غالبية الطلاب المادة بالغريبة والعجيبة، وسط تخوف من مدى مستوى الأسئلة. بلاغة "الأدبي" خانقة وفرحة "العلمي" فائقة "سبحان مقلب الأحوال"هذا ما قاله أحد طلاب"القسم الأدبي"بعد خروجه من قاعة الاختبار، إذ رأى أن البلاغة والجغرافيا كانتا استفتاحاً سيئاً لبداية الأسبوع، على عكس بداية الأسبوع المنصرم، وأبدى الطالب ندمه على دخول القسم الأدبي، مضيفاً أنه"فر من صعوبة المواد العلمية في القسم العلمي وإذا به يقع في فخ مواد الأدبي". عاش طلاب القسم الأدبي معاناة لم يسجلها طلاب القسم العلمي في مادة الفيزياء، وتباينت ردود أفعال طلاب الأدبي حول مادتي البلاغة والنحو، إذ شهدت إجماعاً بين الطلاب بخصوص بعض أسئلة المادتين، ووصف اختباريهما بالصعبين بشكل عام بين الطلاب. وقال سجاد البيابي، الذي يعد من الطلاب المتفوقين"إن امتحان البلاغة رفع مستوى الخفقان في القلب، وجعل غالبية طلاب في حال من القلق، باستثناء طلاب الليلي الذين لا يحرصون على المعدل. وتمثلت الصعوبة في البلاغة في السؤال الأول والأخير اللذين يعتمدان على ذهنية الطالب على ضوء ما درس، كما أنهما كانا من خارج المنهج . أما مادة الجغرافيا، فقد أصابت الطلاب بحال من الضيق، إذ كان"أكثر من 75 في المائة من الأسئلة من بين السطور، وكان السؤال الأخير مفارقاً كلياً للسؤال الأول، فطالبهم بتحديد المناطق التي احتلت سنة 1948 والأماكن التي احتلت سنة 1967 على خريطة فلسطين، وكل منطقة يضعها الطالب برمز على الخريطة، ولم يستطع أكثر الطلاب حل هذا السؤال"، بحسب رواية بعض طلاب القسم الأدبي، الذين بدوا حانقين. ويضيفون:"جلبت بعض الأسئلة المتاعب للطلاب، كتلك التي طالبتهم بذكر المؤتمر الإسلامي في المدينة الفلانية، وتكمن الصعوبة في الاتيان باسم المدينة وعلى الطالب أن يحدد انتمائها إلى دولتها، والدرس يكون عن المؤتمر بينما التركيز في السؤال على البلدة، كما احتوى السؤال الثاني فقرة"ب"على نمط غريب من نوعه، إذ ذكرت الفقرة عبارة وطرحت عليها ثلاث جمل تكمل العبارة، فالجملة الصحيحة تضع عليها صح والجملة غير الصحيحة تضع عليها خطأ، لكنهم يعتقدون أن السؤال الأول خفف على الطالب المأساة، كما يصفها، حيث كانت إجابته بنعم أو لا، وتمنى لو أن كل الأسئلة سارت على هذه الشاكلة، لأنها لا تستنزف الوقت أوالجهد. اختبارات "بنات" من دون مكيفات الطالبات انتقمن من "الرياضيات" ... ولم يبكين أمس على رغم سهولة أسئلة اختبار الفيزياء لطالبات"القسم العلمي"في الصف الثالث الثانوي، فإن فرحتهن لم تكتمل، إذ شاع بينهن أن أسئلة البنين أصعب من أسئلتهن. وتضامنت الطالبات مع زملائهن الطلبة حزناً عليهم. تقول إحداهن:"لا نعرف سبب اختلاف الأسئلة، ولماذا يتصرف المسوؤلون هكذا ويضعون فروقات تجعل الطلاب يكرهوننا؟". لكن الفرحة، كانت واضحة على معظم الطالبات في مناطق السعودية كافة، بعد خروجهن من قاعات الاختبار، بل تبادلن النظرات أثناء الاختبار وكأنهن يتهامسن من عيونهن"الأسئلة سهلة جداً، ومباشرة لا تحتاج إلى تفكير". وتقول سارة علي:"خرجت الطالبات من دون بكاء على عكس ما توقعنا، بل أخذت الطالبات يتعانقن، تعبيراً عن الفرحة لقفزهن مادة الفيزياء من دون عوائق". وتبدو فرحة"الفيزياء"على رقية هادي من الدمام بعدما غمرتها السعادة فور خروجها من الاختبار. ولم تصدق أنها أسئلة المادة التي توقعت أن تكون مشابهة لمستوى الرياضيات. وتقول معلمة الفيزياء في القطيف، بتول الخباز:"كانت واقعية ومتناسبة مع جميع مستويات الطالبات". وتضيف:"الأمور كانت مستتبة داخل القاعات وخرجت الطالبات قبل الوقت المحدد بفرق واضح، ويحملن شعار الانتقام من الرياضيات". وكان الوضع في قاعات اختبار"التاريخ"ل"القسم الأدبي"مشابهاً إلى حد ما، إذ تميزت الأسئلة بالسهولة والمباشرة، على رغم أنها تطلبت إجابات طويلة. تقول ايمان القحطاني:"الأسئلة عادية لكن طول الإجابات أرهقنا". لكنها تضيف:"أتمنى أن تسير الاختبارات على هذا المنوال من دون تعكير مزاج". ومن جهة أخرى، عانت بعض الطالبات في مدرسة بنيت حديثاً في قرية الفضول إحدى قرى الأحساءالشرقية، إذ ان هذه المدرسة تفتقر لصيانة أجهزة التكييف. وكان ذلك سبباً رئيساً تسبب في إصابة طالبتين بحالتي إغماء نقلتا على إثرها إلى إحدى غرف المدرسة المكيفة. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تعداه إلى أن بعض الطالبات أجبرن أنفسهن على الخروج مبكراً غير مكترثات بمراجعة أجوبتهن هروباً من الحر داخل القاعة إلى حرارة الشمس. وبدا الحزن والأسى على وجه زهرة جاسم وهي تقلب كتاب مادة الفيزياء بعد رجوعها إلى المنزل من اختبار يوم قاس، بسبب الحر داخل المدرسة ذاتها. زهرة الطالبة التي تحمل في أحشائها طفلها المنتظر منذ خمسة أشهر بدا عليها التعب والإرهاق إلى درجة أنه تسلل إلى بقية العائلة. تقول:"الاختبار لم يكن بصعوبة أجواء قاعته. كانت لا تحتمل بسبب حرارة الطقس المرتفعة، التي يقابلها عطل تام أو جزئي في أجهزة التكييف". وقعت طالبة تدرس بنظام المنازل في الصف الثالث الثانوي في صدمة مفاجئة اثر اكتشافها أنها كانت تدرس منهجاً، قديماً لمادة التاريخ يعود إلى العام الماضي. ولعل أطرف المواقف في اختبارات الطالبات يوم أمس حدث في جدة، إذ وقعت طالبة رفضت ذكر اسمها في مشكلة كبيرة. الطالبة تدرس بنظام"المنازل"، واكتشفت عند حضورها إلى قاعة الاختبار أن"بقية الطالبات من المنتظمات، كن يدرسن منهجاً حديثاً غير الذي كان يدرس في العام الماضي. ولم يفدني جهدي الكبير في مذاكرة الكتاب القديم". لكن مديرة المدرسة"قدرت الموقف الذي وقعت فيه، وطالبتني بالهدوء ودخول قاعة الامتحان، وساعدتني معلوماتي الكثيفة في حل معظم الأسئلة".