لم يكن يخطر في بال الفرق الأمنية التي شنت حملات دهم في سوق الحراج في مدينة الخبر أن موقف المخالفين من المواطنين سيشكل أمامهم عائقاً في مسلسل تطهير البلاد من مقيمين لم يلتزموا بقوانينها. إذ حاول مواطنون عرقلة تلك الجهود بكل السبل. وكشفت عمليات المسح الأمني التي نفذتها شرطة محافظة الخبر فجر أمس الجمعة، في سوق"الحراج"ضعف تعاون المواطنين مع رجال الأمن في القبض على كل مخالف أو فار من قبضة رجال الأمن، عبر محاولة بعضهم إخفاء تلك العمالة المخالفة في سيارته أو بين أغراض محله، أو قيام بعضهم بتأجير العمالة من دون التأكد من حملهم إقامتهم وصلاحيتها. وأعدت الجهات الأمنية في محافظة الخبر بقيادة مدير شرطة المحافظة العميد محمد الحربي وعدد من القيادات الأمنية بالمحافظة وبمتابعة من مدير شرطة المنطقة الشرقية اللواء عبدالعزيز البعادي، خطة أمنية محكمة لتنفيذ مسح أمني لسوق الحراج، بعدما كثرت الشكاوى لديهم عن العمالة المخالفة الموجودة في السوق، وتزايد جرائم السرقة، التي غالباً ما يتم القبض على مرتكبيها، وهم يبيعون مسروقاتهم داخل السوق، أو العثور عليها بعد بيعها داخل السوق. وشكلت الجهات الأمنية فريق بحث وتحرٍ، وعملت على دراسة السوق وساعات الذروة فيه والتعرف إلى مداخلها ومخارجها، وحددت فجر الجمعة على انه الوقت المناسب لبدء عمليات المسح. وهذا ما تم بالفعل فجر أمس، إذ وضعت الجهات الأمنية ممثلة في دوريات الأمن وفرق البحث الجنائي وفرق الأمن والمناسبات التابعة لشرطة المحافظة، طوقاً أمنياً على السوق، بمشاركة أكثر من 100 عنصر من عناصر رجال الأمن، وتمكنت من القبض على 200 مخالف لأنظمة الإقامة والعمل، إضافة إلى القبض على 12 مشبوهاً يشتبه في أنهم مطلوبون للجهات الأمنية في قضايا جنائية، وكذلك ضبط الكثير من الأجهزة والأدوات الكهربائية والساعات والخردوات وغيرها من السلع التي كانوا يعرضونها داخل السوق للبيع. لا تهاون في معاقبة المخالفين وأوضح من جهته مصدر في شرطة الشرقية ل"الحياة"أن المسح الأمني الذي قامت به الجهات الأمنية لسوق الحراج أسفرت نتائجه عن القبض على 200 متخلف ومخالف لأنظمة الإقامة والعمل، إضافة إلى عدد من المشتبه في تورطهم في قضايا جنائية ومطلوبين لدى الجهات الأمنية، موضحاً أن هذه الأمور ستتضح بعد التحقيق معهم. وأشار إلى مصادرة كل ما ضبط بحوزتهم من سلع يبيعونها داخل السوق من أجهزة كهربائية وساعات وألعاب وملابس وخردوات، وتسليمها لبلدية المحافظة. وأكد أن عمليات المسح والدهم التي تقوم بها الجهات الأمنية في بعض الأحياء والأسواق في جميع مدن ومحافظات المنطقة مستمرة بهدف تنظيفها وتطهيرها من كل ما يخل بأمن هذا الوطن وممتلكاته، والقبض على الفارين من يد العدالة. بيد أنه أبدى أسفه في ختام تصريحه، من ضعف تعاون بعض المواطنين مع رجال الأمن في الاسهام في القبض على تلك العمالة المتخلفة والمخالفة من خلال توفير وظائف لهم في سوق العمل، وإيوائهم وتسكينهم، مؤكداً في الوقت نفسه أن الجهات الأمنية"لن تتهاون في معاقبة مثل هؤلاء الأشخاص وتطبيق أشد العقوبات بحقهم وفق الأنظمة والقوانين". وعبر عدد من المواطنين العاملين في السوق بطريقة نظامية عن ارتياحهم لعملية المسح الأمني التي نفذتها الجهات الأمنية داخل السوق. وطالبوا في استمرارها والعمل على تطهير جميع أحياء المحافظة، وكذلك تنظيف ما يعكر صفو أمنهم، وكذلك العمل على الحد من استنزاف خيرات هذا البلد إلى خارج عن طريق هذه العمالة المخالفة والعمل على سعودة الأسواق. الزي السعودي يرفع الأسعار . غياب رقابة الجهات المعنية يسهم في "العشوائية" "فوضى وعشوائية"، أبسط ما يوصف به"حراج الخبر"الذي قامت الجهات الأمنية فجر أمس الجمعة بتطويقه والقبض على عدد من مخالفي نظام الإقامة فيه. وكشفت العملية غياب فرع وزارة التجارة والدفاع المدني والبلدية الكامل عن هذه السوق في عمليات الإشراف والتنظيم والإدارة، واقتصار دور البلدية في تأجير الموقع فقط، في ظل غياب الوعي الكامل وعدم تعاون المواطنين بالإبلاغ عن أي أمر مريب، يحدث في أروقة الحراج. ويلاحظ المتسوق في الحراج وجود البضائع بأشكالها وأنواعها الأصلي منها والمقلد، الجديد والمستخدم، المسروق وغير المسروق. واللافت أيضاً أن بعض زائري السوق يرتدون قمصاناً وسراويل، كأنهم باعة في السوق. وهذه الحال كان عليها أحمد البلوي الذي كان يتجول في الحراج وهو يرتدي بنطلوناً وقميصاً، فاستوقفه رجال الأمن، إلا أن إثباته بالبطاقة السعودية التي طلبت منه أثناء المداهمة أعفته من ركوب الباص المعد لنقل المتخلفين الذين تم تفويجهم على دفعات. وعلل البلوي سبب عدم ارتدائه الزي السعودي، بخوفه من ارتفاع الأسعار الذي"يصاحب هذا الزي تحديداً". وقال إن الباعة من العمالة الشرق آسيوية التي تدير السوق، يرددون عبارة:"سعودي فلوس كثير"ما يجعل السعر مرتفعاً على السعوديين فقط. وأثناء تجولك في الحراج لمشاهدة المعروضات، فلا تستغرب وجود عطورات مقلدة مع مجموعة من أحذية السلامة التي يستخدمها موظفو الشركات. ولو أمعنت النظر، فستلاحظ مجموعة من أشرطة فيديو مجهولة، متراكمة خلف الباعة وأجهزة شحن للجوالات وأدوات خياطة وغير ذلك من المعروضات غير منسقة. وهذا يدل على انعدام التنظيم، كما أن للملابس المستخدمة بسطات مخصصة للعرض والبيع. وقد تم توفير معظم هذه الملابس عن طريق تجميعها من النفايات أو سرقتها من نقاط تجميع الملابس المستخدمة التي وزعتها الجهات الخيرية في عدد من الأحياء لإعادة تهيئة الملابس وتوزيعها على الأسر المحتاجة. إلا أن أيادي اللصوص طاولت تلك النقاط قبل تحصيل محتوياتها من الجهات الخيرية. ولم تكن دوافع السرقة للاستخدام فقط، بل للبيع أمام الملأ. وتعد أسواق الحراج المشابهة لحراج الخبر مرتعاً خصباً يلتقي فيه المتخلفون واللصوص لعرض بضائعهم وبيعها والتنسيق مع مجموعات عمالية أخرى تتولى عمليات تجميع الخردوات من النفايات وسرقة البعض منها في الوقت الذي نفى ذلك مسؤولون أمنيون، وأكدوا أنها تخضع لرقابة أمنية. مشاهدات من عمليات المسح الأمني التي نفذت فجر أمس سجلت"الحياة"خلال متابعتها عمليات المسح الأمني في الخبر التي استمرت لمدة ثلاث ساعات وشملت جميع أطراف السوق والشقق القريبة، المشاهد الآتية: رجال الأمن تغمرهم الفرحة بعد نجاح عملية مسحهم وقبضهم على العديد من العمالة المخالفة والمشتبه بهم. تعاون كبير من رجال الأمن مع الصحافيين الذين وجدوا في الموقع. مواطن حاول إخفاء أحد العمالة في سيارته عن أعين رجال الأمن لمخالفته، إلا أن يقظة رجال الأمن أفشلت محاولته. عدد من العمالة حاول التخفي داخل البضائع الموجودة في محلات السوق إلا أن رجال الأمن تمكنوا من القبض عليهم. خلت جميع البسطات الموجودة داخل السوق من البائعين بعد عمليات المسح. السوق انقلبت من متسوقين إلى رجال أمن. متسوقون وبائعون نظاميون شبهوا يوم المسح على العمالة المخالفة ب"اليوم الأسود". يقظة ومتابعة من رجال الأمن للخارجين من السوق والتأكد من إثباتاتهم وإقاماتهم. أحد العمالة يبكي بعد أن قبض عليه وصودرت بضاعته نتيجة تخلفه. دهشة وذهول من العمالة أثناء عملية التطويق الأمني. رجال الأمن يحرسون البسطات المصادرة لعدم تعرضها للسرقة والعمل على تسليمها للبلدية. مواطنون يشيدون بجهود رجال الأمن التي مكنتهم من القبض على المخالفين. صورة من التلاحم والترابط جسدها مواطن من خلال توزيعه الماء على رجال الأمن بالموقع.