في مبنى متحف الآثار في مدينة الهفوف محافظة الأحساء يشد ناظريك حائط علقت عليه لوحات متنوعة في صالة الاستقبال، بينها لوحة رئيسة فيها آية من القرآن الكريم تحث على النظر والعظة من عاقبة الأقوام السابقين. وتعطي تلك اللوحات تعريفاً بأهم المواقع الأثرية في الأحساء خصوصاً وفي السعودية عموماً، منها لوحة تعرض خريطة للمواقع الأثرية التابعة لمتحف الأحساء والمواقع الأثرية في المنطقة الشرقية ومعلومات عنها. كما توجد لوحة تعرف متحف الأحساء للآثار والتراث الشعبي والغرض من انشائه. وكذلك هناك لوحة تتضمن خريطة تبين شبكة المتاحف الوطنية الإقليمية والمحلية في السعودية، وأخرى تتحدث عن تاريخ التنمية الحديثة في السعودية، تتضمن صوراً للمؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل طيب الله ثراه أثناء تدشينه بعض المشاريع في المنطقة الشرقية، اضافة الى صور للملكين الراحلين فيصل وخالد ولخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز أثناء تدشينهم بعض المشاريع في المنطقة الشرقية. وثمة لوحة تظهر اهتمام الحكومة بالآثار، تتضمن صوراً للملك فهد أثناء زيارته العلا ومدائن صالح في صفر سنة 1406، مستعرضة عدداً من الصور القديمة للأحساء يعود تاريخ التقاطها الى الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي. وخصص جزء من صالة الاستقبال لعروض المتاحف الخاصة وإهداءات المواطنين عملاً بتوجيهات وزارية، وتطبيقاً للأهداف المرجوة من المتاحف. وكانت باكورة هذا التواصل عرض المجموعة الخاصة للأمير الراحل محمد بن فهد بن جلوي الذي كان أميراً لإمارة الأحساء لنحو 30 عاماً، ومجموعة أخرى من عروض المواطنين. وخصص جزء آخر من صالة الاستقبال لعرض جوانب من سمات التراث المعماري في الأحساء. أما صالة المحاضرات فجهزت بكل ما يلزم للمحاضرات العلمية من أجهزة عرض سينمائي وعرض شرائح وفيديو ومكبر صوت إضافة الى جهاز تلفزيون في صالة العرض، التي تتسع ل40 مقعداً وتقدم فيها عروض للزائرين. وتتألف صالة المتحف الرئيسة من أجزاء عدة تتضمن عدداً من خزائن العرض الزجاجية واللوحات التوضيحية الملونة والخرائط التفصيلية وفقاً للتسلسل الزمني والتاريخي للمنطقة. ويقول باحث الآثار سعيد بن إبراهيم الحويجي إن"الجزء الأول يعرض تاريخ المنطقة وآثارها منذ 12 مليون سنة وحركة القارات والأزمنة الجيولوجية وعمر الأرض ومقارنة آثار المنطقة بآثار السعودية في بشكل عام، وأهمية المنطقة الزراعية والتجارية والخليج العربي وتشكله منذ بداية تكوينه إلى وقتنا الحاضر. أما الجزء الثاني فيوضح فترات العصر الحجري القديم والوسيط والحديث ويعرض نماذج من أدوات ومواقع كل عصر، ومنها موقع عين قناص بالأحساء الذي يمثل آخر مراحل العصر الحجري الحديث وما كشف فيه من حظائر تدل الى استئناس الحيوان، وما يعاصرها كموقع الدوسرية وما عثر فيه من نماذج لمساكن الأكواخ البدائية مع عرض لتأثر المنطقة بالحضارات المجاورة في وادي الرافدين كحضارة العبيد التي تعود إلى نحو 3500 - 2500 قبل الميلاد". أما الجزء الثالث من المتحف فتحدث عنه الباحث في الآثار خالد بن أحمد الفريدة، موضحاً"أنه يشتمل على نبذة عن الحياة الفطرية في المنطقة تبين أهم النباتات الصحراوية والحياة النباتية للأشجار المعمرة والحولية في الأحساء، والحيوانات البرية وتكيفها مع البيئة وأنواع المظاهر السطحية التي تعيش فيها مختلف الحيوانات والزواحف والطيور واستئناس الحيوان، اضافة الى مظاهر الحياة البحرية وأنواع الأسماك ومصائدها في الخليج العربي ونماذج لأدوات الصيد التي توصل إليها الإنسان وتطور صناعة المراكب وأصنافها ومراحل صناعتها، ومهنة الغوص بحثاً عن اللؤلؤ ومصائده الهيرات في الخليج العربي وتشريح الأصداف ونماذج لسلال الغوص وموازين اللؤلؤ". وعن الجزء الرابع قال:"انه يبين مواقع الألف الثالث وأوائل الألف الثاني قبل الميلاد ومدن العصر البرونزي في شرق الجزيرة العربية التي يطلق عليها فترة حضارة دلمون وأساطيرها وظهور رعاة الجمال 1700 ق.م - 500 ق.م الفترة الآشورية والبابلية المتأخرة، ويعرض فيه قطعاً أثرية عثر عليها في مواقع العقير والجرهاء، وترجع إلى عصر الجرهاء من 500 - 400 ميلادية، إضافة إلى عرض خرائط تبين الطرق التجارية البرية والبحرية في الجزيرة العربية وما حولها". وخصص الجزء الخامس للخطوط واللغات في شرق الجزيرة العربية قبل الإسلام ونماذج لأنواعها مع عرض لشاهد حجري كتب بالخط المسند الاحسائي، إضافة إلى نبذة عن الكتابة في التراث الإسلامي وتطورها وأدواتها. أما الجزء السادس فهو للفترة الساسانية في شرق الجزيرة العربية 228 - 622 ميلادية واتحاد القبائل العربية. ويقول رئيس وحدة الآثار في إدارة التعليم في الإحساء الباحث وليد بن الحسين"إن الجزء السابع يركز على الفترة الإسلامية والخلافة في شرق الجزيرة العربية وعرض معثورات منها، كما يعرض دور قبيلة بني عبد القيس في الاقتناع بالإسلام والدخول فيه وتأسيسها للمساجد فيها وكذلك مدينة هجر والأحساء والعقير في صدر الإسلام". وأشار إلى أن"الجزء الثامن يبين فترة الحكام المحليين للأحساء العيونيون، والعصفوريون، والجبريون واستعراض تاريخ دولهم، كما يعرض للأحساء في العصر الإسلامي الوسيط وحكم بني خالد والفترة العثمانية الأولى والدولتين السعوديتين الأولى والثانية والفترة العثمانية الثانية، واسترداد الاحساء على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه". ويحتوي الجزء التاسع على عرض لمواد وأدوات التراث الشعبي في حياة البدو والمجتمع القروي والزراعي والمجتمع الحضري ومدن الأحساء وأسواقها وأبرز صناعاتها المحلية. وأخيراً الجزء العاشر ويعرض عدداً من العملات الإسلامية المنوعة وعدداً من المخطوطات وصورها. وتولي الحكومة اهتماماً كبيراً بالمتاحف وإنشاء شبكة كبيرة منها في المناطق التي تتسم بأهمية تاريخية وحضارية في إطار برنامج متواصل لحفظ الآثار ودرسها وتيسير الوصول إليها. وأنشأت متاحف عدة في عدد من المناطق والمحافظات منها سلسلة المتاحف المحلية في الأحساء والجوف وتيماء والعلا ونجران وجيزان. وتهدف المتاحف إلى صيانة المواقع الأثرية والتاريخية ذات الأهمية وحمايتها، وتيسير عملية تسجيل هذه المواقع الأثرية والتاريخية ذات الأهمية، وتيسير عملية تسجيل هذه المواقع واستقصائها، واحتواء القطع الأثرية والتاريخية وتقديم أفضل الطرق لتوثيقها وصيانتها وخزنها، واستقصاء وتسجيل ألوان التراث الشعبي المادي والشفهي، وإيجاد مركز لجمع قطع التراث الشعبي المحلي، واطلاع الجمهور على الآثار والتاريخ والتراث الشعبي المحلي من خلال المعارض والنشاطات التثقيفية الأخرى، والتعبير عن مساهمة المجتمع المحلي في تاريخ السعودية وحضارتها.