على رغم أني أتجنب الخوض في مثل هذه الظروف وما يجري في الداخل خصوصاً، ولكن مشاهدتي مصادفة لحلقة تلفزيونية بثت من دولة مجاورة حرضتني على الكتابة. وعلى رغم عدم اتفاق دول العالم على تعريف للعنف الحالي بسبب تباين وتضارب المصالح ووجهات النظر، إلا أن القيام بأي عمل يؤدي إلى الضرر بأمن الأشخاص والمجتمع والأفراد والمنشآت والأموال فهو بلا شك عمل تخريبي. والعنف الذي أخذ صبغة دينية، والتطرف يعني الاتجاه بقوة على اليمين أو بقوة الى اليسار بمعنى لا يوجد وسطية في حالة التفكير، وهي حالة تميل الى عدم التسامح التام مع أي فرد او مجموعة لا تتفق معها ويسوغون ما يقومون به من أعمال بما يتوافق مع مصالحهم أولاً ثم فكرهم. وفي الاحداث التي جرت في الداخل ودول الخليج من اعمال تخريب قام بها فئات من صغار السن والبعض متوسط التعليم، وتبين ان التغرير بهم من الداخل وان مستواهم الثقافي والادراكي للأمور لم ينضج ليكون لديهم ضوابط داخلية لهذا الفعل الذي يعود عليه أولاً ومن حوله بالضرر، أو لعدم قدرته على وجود رقيب داخلي يوضح له جانب الصواب في ما يسمع، ويكون آلة بيد من لديه أهداف ومكاسب وأطماع سياسية، ويخضع هؤلاء الشباب لفكر احادي ولست ممن يميل الى تحميل المناهج فقط السبب، ان اعترافات هؤلاء الشباب هو أنهم لم يتلقوا هذه التوجيهات من الخارج، بل من الداخل ولا داعي لأن تحمل الأمور أكثر مما تحتمل... لعل الخلل الأول الجهل بالعلم الشرعي الصحيح، ولكن هذا لا يعني أن المناهج هي أيضاً سليمة تماماً فبعضها غير قادر على استيعاب الشباب وتوجهاته وضرورة تنشئة الأبناء على حرية الحوار والنقاش والانفتاح والشفافية من دون قمع حتى لا يكونوا شخصيات انقيادية، ولعل أسلوب التلقي لأي فكر ورفض استيعاب النقاش والحوار... حوّل الشباب إلى ما يشبه"جند الانكشارية"إن لم أكن مخطئة ممن تم جمعهم في عهد الأتراك بحيث يعزلون عزلاً تاماً عن المجتمع وتقطع جميع الصلات الاجتماعية مع الآخرين، ويدربون على الطاعة العمياء لقوادهم. ربما هذه منهجية من جنّدهم فكرياً... أيضاً أعتقد أن للأسرة دوراً في بناء شخصية الشاب وتوجهاته وتنشئة الأبناء على حرية الحوار والنقاش والانفتاح والشفافية من دون قمع حتى لا يكونوا شخصيات ضعيفة، ولعل الجانب العاطفي في الأسرة له دور في بناء شخصيته وهو يغيّب في معظم الأسر. إن ثقافة المجتمع السعودي ومعظم المجتمعات العربية هو أن الشدة والقسوة مع الأبناء الذكور تجعلهم يصبحون رجالاً أقوياء... فدور الأسرة شبه مفقود في كثير من هذه الحالات. والهزة التي حصلت نتاج فكر لا يقبل إلا نفسه اجتمع على شباب هذه المرحلة... غير أن سنّهم الحرجة لم تستوعب التغيير العالمي الكبير، وأعتقد أن تدرس كل حالة من جوانبها لئلا يقع الشباب في أخطاء لأفكار خاطئة وعادة يحتاج الشاب لقدوة تبني ولا تهدم، والشباب بحاجة لاحتواء عاطفي، وأعتقد أن الشاب بحاجة إلى هدف وطني كبير يحتوي تطلعاته وطموحاته وتفعيل دوره ومشاركته وتشجيع هواياته... أدبية أو اجتماعية أو فنية مسرح أو رسم أو أي من الفنون الراقية لأنها عادة تكون مرحلة... فما أكثر من عاقب ابنه على هواية بريئة بدلاً من أن يحتويه إلى أن تنتهي هذه الحالة... إن اللجوء إلى الصمت ووضع الحاجز النفسي بين الأب والمجتمع والأم والمعلم والمدرسة يجعل الشاب يتجه إلى التمرد بأي صورة. افتحوا الأبواب المغلقة للشباب والشابات وربما الشابات مشكلاتهن خلف الستار. ونتمنى أن لا يكون كشف المستور أصعب في هذه الحالة. [email protected]