يكثر الحديث عن الملابس الإسلامية أو الحجاب الإسلامي، ولقد ذهب البعض إلى تحديد اللون والشكل والقاعدة الشرعية لكيفية هذه الملابس وليس النوعية! ومعظم الفقهاء لم يفرضوا لوناً أو طريقة معينة للملابس بالنسبة إلى المرأة المسلمة أو الرجل، وإن لم يكن لدينا في الجزيرة العربية خصوصاً تاريخ لتطوير الملابس النسائية والرجالية على حد سواء، وربما هناك دراسات لم أطلع عليها. أعتقد أن الملابس ثقافة عصر، وإن تمسكت بعض الشعوب بالشكل العام إلا أنه يدخل عليها بعض تأثير العصر الذي هي فيه. إن الملابس ثقافة عصر، فما كانت تلبسه المرأة في القرن الماضي أو أوائل هذا القرن في الجزيرة العربية والخليج، وحتى في معظم الدول العربية والأوروبية، طرأ عليه تغييرات بحكم تغير الزمن والظروف ما أدى إلى تغيير بعض العادات والتقاليد في كل منطقة، بما لا يتعارض أيضاً مع العادات والتقاليد والدين، هذا في الخليج والجزيرة والدول العربية. واعتقد بالنسبة إلى الخليج والجزيرة العربية حدث تغيير وتداخلات حتى أن الملابس الحقيقية اصبحت تراثاً... فبلد كالسعودية مترامي الأطراف واسع، لكل منطقة فيه عادات عامة وخاصة ومميزة لها، فملابس سكان الجبال تختلف عن البادية أو عن سكان المدن أو السواحل... وحتى سواحل المنطقة الغربية متأثرة بالجوار ومختلفة عن المنطقة الشرقية... والخليج عموماً متأثر بدول آسيوية مجاورة، فثقافة كل عصر تنعكس على الملابس كما تنعكس على الفكر. إن التمييز مع التجديد ضرورة حضارية، ولا يعني هذا إلغاء الهوية كما لا يمكن فرض ذوق فئة معينة على فئة أخرى أو إجبارها عليه. الزمن والظروف والمتغيرات... وفوق هذا وذاك الموضة، فمنها أيضاً المناسب وغير المناسب. وكلما كان التشدد في قضية كان التمسك بها أقوى، بما لا يخرجه عن كونه لباساً ساتراً لا يمكن إلا أن يكون مناسباً. وما كان يطلق من مسميات منذ عصر ما قبل النبوة أو ورد في الأحاديث مختلف جداً ولا بد من شرحه ووصفه واستيعابه في العصر الذي يليه. والعرب، خصوصاً بحكم اختلاطهم بأجناس وشعوب مختلفة في زمن الفتوحات الإسلامية، أدى بهم الأمر إلى التطور والتغيير في شكل ومسمى ونوع الملابس. كل هذا خطر لي وأنا أسمع وأقرأ الكل يخوض في مواصفات ومقاييس للملابس الإسلامية! إن الملابس تخضع للمتغيرات وهي ثقافة عصر، والحياة في شكل عام متغيرات. وما يكون في حكم الثابت يتغير بقدرة الله بما لا يخطر على بال... فالأزار والقميص والعمامة والرداء وغيرها من مصطلحات زمن مضى تغيرت! إلا أن الأهم هو التمسك بالثوابت.