أعلن معظم وزراء نفط "أوبك" خلال المؤتمر الوزاري الذي عقد أخيراً في مدينة أصفهان الإيرانية أن السعر المعقول للنفط الخام في الفترة الحالية يفضل أن يستقر عند 40 دولاراً للبرميل. وعلى رغم أن"أوبك"أعلنت في المؤتمر رفع سقف الإنتاج500 مليون برميل يومياً ليبلغ السقف الإنتاجي اليومي للأعضاء العشرة ما عدا العراق 27.5 مليون برميل، إلا أن الإعلان لم يوقف ارتفاع الأسعار الذي زاد على 55 دولاراً للبرميل. "الحياة"التقت عدداً من المتخصصين وناقشت أسباب ارتفاع أسعار النفط. عزا أستاذ الاقتصاد المشارك في جامعة الملك عبد العزيز في جدة الدكتور علي دقاق أسباب ارتفاع الأسعار إلى عوامل عدة، لعل أولها هو النمو الاقتصادي العالمي الذي وصل إلى4 في المئة بحسب تصريح رئيس الصندوق الدولي الأسبوع الماضي. كذلك أن قدرة معظم دول"الأوبك"على زيادة الإنتاج إلى مستويات عالية هي محدودة جداً لان أقطار المنظمة تنتج بأقصى سعتها في الوقت الراهن، ما عدا السعودية والى حد ما الإمارات والكويت. ويرى الدقاق أن الارتفاع في أسعار النفط سيستمر لثلاث سنوات مقبلة على الأقل معللاً السبب بأن هذه المدة الدنيا لاستكشاف واستخراج النفط من الحقول الجديدة والتي يمكن أن تدعم الإنتاج العالمي بموارد جديدة. وأشار الدقاق إلى عوامل أخرى تدفع الأسعار إلى الأعلى، منها تحول اندونيسيا من دولة مصدرة إلى مستوردة لان ارتفاع الطلب الداخلي أعلى من الطاقة الإنتاجية النفطية المتوافرة والكميات الجديدة المكتشفة، ناهيك عن المشكلات السياسية في بعض الأقطار المنتجة، مثل نيجيريا، التي من الممكن أن تزيد إنتاجها من 2.2 مليون برميل يومياً إلى ثلاثة ملايين برميل يومياً لولا الصراعات القبلية والاثنية التي تعرقل العمليات النفطية. ويضيف الدقاق أن السعر ربما تجاوز مستوى60 دولاراً. ولكن ما يجب معرفته انه يجب عدم لوم"الأوبك"على ذلك. فالدول الأعضاء تنتج بأقصى طاقاتها. كما إن إنتاج أعضاء المنظمة مع العراق يبلغ نحو29.50 مليون برميل يومياً، وهو لا يشكل تقريباً إلا ثلث الإنتاج العالمي المقدر بنحو83 مليون برميل يومياً، بل أن ثلثي الإنتاج يأتي من المنتجين المستقلين مثل المكسيك وكندا والنرويج والولايات المتحدة وبريطانيا وأنغولا ودول الاتحاد السوفياتي السابق. لذا، يجب عدم تحميل من ينتج الثلث فقط كامل المسؤولية وترك الآخرين. ويختم الدقاق قائلاً إن النطاق السعري 22 الى 28 دولاراً للبرميل الذي كان معتمداً من منظمة أوبك يجب أن يكون حديثاً من الماضي. فلا الطلب العالمي المنظور ولا قيمة العملة تسمح بمثل هذا السعر. ويرى أن السعر المعتدل حالياً يجب ألا يقل عن 36 دولاراً للبرميل، وان كان يعتقد أن السوق ستطلب بأكثر من هذا السعر على الأقل خلال السنوات الثلاث المقبلة. من جهته، يقول أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك سعود الدكتور عاصم عرب ان"السعر المعقول خلال هذا العام يجب أن يتراوح بين 50 الى 60 دولاراً للبرميل. ولهذا فان سعر اليوم البالغ نحو 55 دولاراً هو في النطاق المعقول. ويعلل عرب أن دول اوبك لا تستطيع أن تفعل شيئاً حيال قضية يحددها العرض والطلب في السوق العالمية."فالاوبك"تنتج حالياً 29.50 مليون برميل ولو حاولت بكامل طاقاتها لما زاد انتاجها على هذا المعدل كثيراً. ولهذا يجب ألا تلام دول"الاوبك"لانها ببساطة تعمل ما في وسعها لمواجهة الطلب المتزايد من دول كبيرة مثل اميركا والهند والصين، ولأن المشكلة لا تكمن في نقصان المعروض من الإمدادات بل لعوامل صناعية ونفسية متعددة لا علاقة لمنظمة اوبك بها". إلا ان عرب لا يتفق مع دقاق في أن السعر لن ينخفض خلال السنوات الثلاث المقبلة، ويقول:"إننا نغفل العراق حالياً وبعض الدول الصغيرة المنتجة التي لو عادت إلى السوق لربما أثرت كثيراً في الأسعار، إضافة إلى ترشيد الدول المستهلكة للنفط بما يقلل الطلب عليه". ولا يتوقع عرب بالطبع أن يحصل ذلك في الزمن القريب جداً، إلا أنه يقول ان"سعر النفط يصعب التنبؤ به أحياناً".