أكد خبراء إداريون تزايد الحاجة إلى توظيف كفاءات إدارية في الشرق الأوسط عموماً، ومنطقة الخليج خصوصاً، على رغم أزمة المال العالمية، التي دفعت الشركات في المنطقة إلى الاستغناء عن عدد كبير من الموظفين، بينهم عرب وأجانب. وقدرت مصادر خليجية أن تكون منطقة الخليج استغنت منذ آب (أغسطس) الماضي، عن خدمات اكثر من 30 ألف موظف عربي، بعد أن أجّلت مشاريع وألغت أخرى تجاوزت قيمتها 150 بليون دولار، نتيجة نقص في التمويل، ناجم عن الأزمة العالمية. وتخشى دول عربية أخرى، مثل الأردن ولبنان ومصر، أن تتأثر اقتصاداتها جراء، عودة رعاياها وانخفاض حجم تحويلاتهم المالية إلى أهلهم، فضلاً عن تراجع الطلب على العمالة العربية. وأعرب رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق سليم الحص خلال ملتقى للاستثمار احتضنته إمارة دبي الأسبوع الماضي، عن خشيته من أن تؤدي تداعيات أزمة المال العالمية على الاقتصادات الخليجية إلى "تقليص الطلب على العمال اللبنانيين". وتوقع تقرير أصدرته مؤسسة «ادفانتج» للاستشارات الإدارية ان تشهد هذه السنة تراجعاً في معدلات توظيف العاملين الوافدين في دول الخليج بين 26 و30 في المئة. وأشار خبير إدارة الموارد البشرية علي شراب، إلى أن استغناء الشركات عن موظفيها في هذه الأوقات يضعها أمام تحد كبير في استقطابهم مجدداً بعد التعافي من الأزمة. ونصح شراب دول الخليج، العمل على إيجاد حلول أخرى غير الاستغناء عن العمالة العربية، مثل تبنّي مشروعات تنموية لتعزيز الاستثمارات، واستيعاب العمالة في الوطن العربي وإعطاء هذه العمالة أولوية في التوظيف داخل كل دولة، إضافة إلى تنسيق الجهود في ميدان العمل والعمال على المستويين العربي والدولي. وسعت دول خليجية، خلال الأعوام القليلة الماضية التي شهدت خلالها المنطقة طفرة اقتصادية غير مسبوقة، إلى استقطاب الكفاءات العربية من بلدانها الأم ومن بلاد المهجر في الخارج، للاستفادة من خبراتها في تنمية المنطقة. ويرى محللون "أن الاستغناء عن العاملين الوافدين، في منطقة يشكل الأجانب فيها نحو 80 في المئة من القوى العاملة، ينعكس سلباً على الاقتصاد الحقيقي" فيها، حيث أن النمو السريع في الوظائف، كان عاملاً رئيساً في توسع استهلاك الأفراد خلال السنوات الأخيرة. وتوقع مسؤولو تشغيل، تراجع عدد العاملين الوافدين إلى دول الخليج هذه السنة بنحو 30 في المئة، مع اشتداد الأزمة المالية، بخاصّة في الإمارات وقطر والكويت، علماً أن عدد الوافدين في المنطقة تجاوز 14 مليوناً من إجمالي السكان البالغ 35 مليوناً. وحض شراب الشركات على أن "تفتح حواراً صادقاً مع موظفيها للوصول معاً إلى سيناريوات مناسبة للطرفين للحفاظ عليهم، فتنقلهم مثلاً، إلى مجموعات عمل أخرى أو تخفّض رواتبهم في مقابل منحهم حصصاً معينة من الإيرادات أو الأسهم". ولاحظ خبراء لجوء شركات في المنطقة إلى خفض رواتب الموظفين، غير أن شراب أكد أن رواتب المديرين التنفيذيين في منطقة الخليج، لم تشهد انخفاضاً بعد، على عكس رواتب التنفيذيين الميدانيين التي انخفضت رواتبهم حتى 30 في المئة. وسجلّت دولة الإمارات أعلى نسبة زيادة في رواتب القطاع الخاص في منطقة الخليج، بلغت 16 في المئة خلال 2008، وفقاً لاستطلاع أعدته شركة "فرسان الحياة" المتخصصة في مجال التنمية الإدارية، وتتخذ من دبي مقراً. وشمل الاستطلاع شركات خدمات خاصة تعمل في مجال الصيرفة والمال والتأمين والتطوير العقاري والنفط وتكنولوجيا المعلومات. ووفقاً للنتائج، حلّت قطر ثانية لناحية زيادة الرواتب بنسبة 14 في المئة، تليها عمان 11 في المئة، ثم البحرين والكويت 9 في المئة، ثم السعودية 8 في المئة. وقال شراب: "زادت رواتب القطاع الخاص بنسب متفاوتة بين دول الخليج، نتيجة النمو الاقتصادي الكبير الذي شهدته المنطقة في كل المجالات خلال السنتين الماضيتين. وتوقع عدم انخفاض الرواتب في شكل كبير خلال الفترة المقبلة لأن حجم الطلب على الكوادر الإدارية لا يزال يفوق حجم العرض، وتضاءلت حركة تغيير الوظائف في شكل كبير، مع الحذر الكبير للفئات الوظيفية تجاه الانتقال من شركة إلى أخرى حالياً، مقارنة بمعدل انتقال غير صحي اتصفت به خلال السنوات الماضية. وأشارت نتائج الاستطلاع أيضاً إلى المنافسة الخفية التي شهدتها الفترة السابقة بين الشركات لاستقطاب الكفاءات البشرية، لا سيما بين شركات التطوير العقاري وتكنولوجيا المعلومات وشركات توفير منتجات سريعة الاستهلاك.