سخر مدير مركز أبحاث النباتات الطبية والعطرية والسامة في جامعة الملك سعود د. جابر بن سالم القحطاني من المعالجين الشعبيين، وطالب وزارة الشؤون البلدية بالمبادرة لحل مشكلة محلات العطارة التي خرجت عن مهنتها الأساسية في بيع البهارات والمواد العطرية، إلى بيع مستحضرات عشبية وحيوانية، وشدد على أنه ليس هناك أي علاج عشبي يشفي من السرطان والإيدز والفشل الكلوي، ناصحاً المصابين بتلك الأمراض بالعلاج في المستشفيات."الحياة"التقت القحطاني العضو في الهيئة الاستشارية لتسجيل المستحضرات العشبية والأغذية التكميلية الصحية ومستحضرات التجميل والمطهرات المعدة للاستعمال البشري في وزارة الصحة... فكان الحوار الآتي: في ظل التقدم العلمي الهائل للطب الحديث وعلم العقاقير، هل تتوقع أن يكون للأعشاب دور فعال؟ - نعم للأعشاب دور فعال، والدليل على ذلك أن منظمة الصحة العالمية أصدرت دليلها عام 1992 حول تنظيم طب الأعشاب وذلك من خلال المؤتمرين الرابع الذي عقد عام 1986 في طوكيو والخامس الذي عقد في باريس عام 1989، بشأن نظام الدواء بالأعشاب والسلطة التشريعية له، وكذلك تنظيم ورش عمل بشأن نظامية وصناعية الأدوية العشبية وتعميمها على الأسواق التجارية، وفي مقالة نشرت عن النباتات وصحة الإنسان في القرن الحادي والعشرين، مفادها أن الأدوية التي تحتوي على مركبات نباتية لعام 1997 في الأسواق العالمية تساوي أكثر من 22 مليون دولار أميركي، وطورت لتساوي أكثر من 30 مليون دولار عام 2002. هل هناك أعشاب تستخدم في صناعة العقاقير الطبية الحديثة؟ - نعم هناك الآلاف من الأعشاب تدخل اليوم في صناعة العقاقير الطبية، والدليل على ذلك أن هناك دساتير دوائية عالمية عدة للأدوية العشبية، مثل دستور الأدوية العشبي البريطاني ودستور الأدوية العشبي الألماني ودستور الأدوية العشبي الأميركي ودستور الأدوية العشبي الصيني ودستور الأدوية العشبي الفرنسي، إضافة إلى صدور المرجع المكتبي للأطباء للأدوية الكيماوية المشيدة، وصدور قاعدة معلومات عالمية للأعشاب، ونظراً إلى الضغط الزائد الذي حصل في السنوات الأخيرة للمستحضرات العشبية، إذ قامت شركات عالمية بإنشاء مصانع حديثة لصناعة الأدوية العشبية، حتى أن بعض مصانع الأدوية الكيماوية حولت إلى مصانع أدوية عشبية. ونظراً إلى الضغط الزائد على الإدارة العامة للرخص الطبية والصيدلة في وزارة الصحة السعودية، لطلب تسجيل أدوية عشبية ومكملات غذائية صحية، فقد وضعت لائحة للأدوية العشبية وكذلك شكلت لجنة لتسجيل الأدوية العشبية على غرار لائحة ولجنة تسجيل الأدوية الصيدلانية فيها، وقد سجلت الإدارة العامة للرخص الطبية والصيدلة في وزارة الصحة أكثر من 570 مستحضراً عشبياً تباع حالياً في الصيدليات. وقد أكدت منظمة الصحة العالمية مجدداً دمج استخدام العقاقير العشبية ضمن برامج الرعاية الصحية الأولية، وقد أنشئ العديد من المراكز المتعاونة مع منظمة الصحة العالمية في مناطق مختلفة من العالم بما في ذلك بلدان أميركا الشمالية وأوروبا وآسيا وأفريقيا، ولو نظرنا إلى التطور الناتج في الأدوية العشبية في الولاياتالمتحدة الأميركية لوجدنا أن الشركات والعملاء العاملين في تجارة الأدوية العشبية يبلغ 218 شركة. ما سبب إقبال الناس على التداوي بالأعشاب؟ - يعود إلى سببين: السبب الأول أن الأدوية العشبية من صنع الخالق عز وجل وليست من صنع الإنسان، قدر الخالق كثيراً من المركبات الفعالة بنسب محددة ومتوازنة في عشبة واحدة بمزيج يستحيل على الإنسان أو مصانعه أن تأتي بمثله، وعليه فإن الإنسان بطبيعته ميال للطبيعة لأنه تعايش مع الأعشاب منذ سنوات حياته الأولى فهو يتغذى يومياً في وجبات الطعام على الأعشاب، فالفول والخبز والشاي والقهوة التي يتناولها الإنسان في طعام الإفطار أعشاب، والرز والخضار بمختلف أنواعها والفاكهة التي يتناولها في الغداء والعشاء أعشاب، فهو إذاً يميل إلى الأعشاب بالغريزة، ولذلك كثير من سكان العالم يقبلون على التداوي بالأعشاب لهذا السبب. أما السبب الثاني فيقبل كثير من الناس على الأدوية العشبية نتيجة الإعلانات والأوهام التي يروجها بعض المعالجين الشعبيين والعطارين عن هذه الأدوية على أنها تعالج جميع الأمراض وأنها آمنة إذا لم تفد فإنها لن تضر، وللأسف هذه الإعلانات تنشر في الصحف والمجلات محاطة بعناوين مثيرة وألوان زاهية، وكذلك ما يقوم به بعض المعالجين الشعبيين من الظهور في القنوات الفضائية في حوارات مدفوعة القيمة مسبقاً، حتى أن كثيراً من المتصلين قد اتفق معهم مسبقاً على أسئلة معينة، والمريض عندما يشاهد تلك الدعايات المتنوعة يظن أن وزارة الإعلام وافقت عليها، فيندفع إلى هؤلاء المعالجين الشعبيين وإلى العطارين الذين يبيعون مستحضراتهم المجهولة الهوية وغير المقننة وغير المعترف بها من السلطات الصحية ويشتريها بأغلى الأثمان، هذه المستحضرات سببت لكثير من مستعمليها أمراضاً لم تكن لديهم من قبل، مثل تليف الكبد والفشل الكلوي والعقم وتلف البنكرياس والسرطان، وهناك حالات مسجلة في المستشفيات السعودية نتيجة استخدام الأدوية العشبية، وهناك من العطارين من يخلط بضعة أعشاب وهو يجهل تماماً المجاميع الكيماوية لكل عشب من الأعشاب المكونة للوصفة، التي تتفاعل عند خلطها وتعطي مركبات جديدة غير موجودة في الأعشاب المكونة للخلطة، تسبب السرطنة أو تلف الكبد أو الفشل الكلوي وغير ذلك، أما الأدوية التي تنتجها مصانع متخصصة تحت إشراف السلطات الصحية فهي آمنة ولا خوف من استعمالها. كثيراً ما نسمع ونشاهد من خلال أجهزة الإعلام المختلفة عن وجود من يعالجون أمراضاً يعجز الطب عن علاجها، مثل السرطان والسكري والفشل الكلوي وغيرها، فهل هناك أعشاب تعالج مثل هذه الأمراض من دون إجراء جراحة؟ - هذا ما يحلم به المعالجون الشعبيون وبعض العطارين، ولو سألتهم عن أحد المجاميع الكيماوية في أي نبات فلن يستطيعوا الإجابة، فكيف لهؤلاء معرفة أن هذا العشب سيعالج مرضاً من الأمراض السابقة، ولقد شاهدت في إحدى القنوات الفضائية برنامجاً لأحد المعالجين الشعبيين عندما سئل كيف يعالج مريض السل في مراحله الأخيرة بالأعشاب، أتعلمون ماذا كانت إجابته؟ ذكر انه سيعطي المريض عشباً يمتص السل من جسده، وفي مقابلة للمعالج نفسه في قناة أخرى سئل عن علاج مرض السرطان فذكر أنه قد عالج عجوزاً في الثمانين من عمرها وكانت في حال غيبوبة وخرج السرطان من سرتها وشفيت، وذكر في قناة ثالثة أن الأدوية العشبية جميعها آمنة وإذا لم تفد فلن تضر، هناك أعشاب لعلاج بعض الأمراض مثل السكري وأمراض القلب ولكن هذه الأعشاب مدروسة دراسة علمية ومقننة ومعترف بها من الجهات الصحية، أما أمراض السرطان والإيدز والفشل الكلوي وضمور الأعصاب والشلل الدماغي فليس هناك حالياً أي علاج عشبي يشفي من هذه الأمراض، وأنصح أي مصاب بتلك الأمراض بالتوجه إلى المستشفيات الكبيرة، فكثير من الأمراض السابقة تحتاج إلى تدخل جراحي ولا يستطيع عمل ذلك سوى الطبيب المختص. بحسب خبرتك وتجربتك الشخصية في مجال الأعشاب هل هناك أمراض يمكن معالجتها بالأعشاب؟ - نعم هناك أمراض كثيرة يمكن معالجتها بالأعشاب، مثل الضغط المرتفع والمنخفض وداء السكري وحصوات الكلى والمرارة والسل الدرن والبروستاتا وأمراض الشيخوخة ومرض الزهايمر ومرض البارنكسون وأمراض القولون والبواسير وأمراض القرحة المعدية والاثني عشر والصداع النصفي وأمراض الكوليسترول والدهون الثلاثية والذبحة الصدرية والروماتيزم واعتلال عضلة القلب والربو والحساسية، عدا الأكزيما والصدفية. وبعض الأمراض الفيروسية عدا الإيدز وفيروسات الكبد، والحد من حدوث السرطان أو الوقاية منه قبل حدوثه، والجروح والحروق والانفلونزا وخلاف ذلك. وأتمنى من وزارة الإعلام الحد من الإعلان عن الأدوية التي تحمل ادعاءات طبية خطيرة، من دون أن يحضر صاحب الدواء ما يثبت ادعاءه الطبي من السلطات الصحية، كما أرجو من السلطات الصحية السعودية متابعة موضوع المعالجين الشعبيين ومحلات العطارة التي تبيع الأوهام للمرضى. كما أرجو من وزارة الشؤون البلدية والقروية حل مشكلة محلات العطارة التي خرجت عن مهنتها الأساسية في بيع البهارات والمواد العطرية، إلى ما تقوم به حالياً من بيع مستحضرات عشبية وحيوانية ومعدنية تحمل ادعاءات دوائية خطيرة تضر المستهلك، خصوصاً أنها غير مقننة ومجهولة التركيب وتحوي أنواعاً من البكتيريا.