صرخ عصام في وجه والدته وتشبث في عباءتها عندما راى أسداً ضخماً يزأر بصوت هز مفاصله، لكن شعوراً بالفرح خالجه بعد دقائق من الخوف والارتباك، فالطفل الذي لم يتجاوز التاسعة يرى الأسد للمرة الأولى في حياته في حديقة الحيوان في الطرف في محافظة الأحساء. ووقف يستحضر الصورة المطبوعة في ذهنه عن"الملك"الذي يأكل الحيوانات والبشر، مسترجعاً حكايات جدته عن قصة الأسد والثور والصياد، المستوحاة من كتاب"كليلة ودمنة". وتجتذب حديقة الحيوان في الطرف نحو 15 ألف زائر سنوياً، من أقران عصام وأسرهم، وبخاصة خلال أيام العيد، إذ يتسابق على ارتيادها الكبار قبل الصغار، لمشاهدة أكثر من 50 نوعاً من الحيوانات المفترسة والأليفة والطيور والزواحف والأسماك. أبرزها الأسد والنمر والدب والذئب والثعلب والغزال والزرافة والتمساح والسلحفاة والنعامة والصقر والنسر. ويتجمع أكبر عدد من الزوار حول القرود، إذ تجتذبهم حركاتها المثيرة ومداعباتها للأطفال والكبار، والاستعراضات التي تبدو من خلالها وكأنها تسخر من الزائرين، خصوصاً حين ترد القرود علب المشروبات وبعض الطعام التي يلقيها الزوار داخل القفص، وسط ضحكات الجميع. أما بعض الحيوانات فبدت كأنها مريضة أو حزينة، بسبب عدم تلاؤم المكان مع البيئة التي اعتادت عليها في بيئتها الطبيعية، وهي هنا اما نائمة أو ساكنة متجهمة، تنتظر غذاءها كل يوم من أجل إشباع جوعها. وتعيش هذه الحيوانات جنباً إلى جنب، لكن في أقفاص، وقسمت الحديقة إلى أقسام، بحسب الفصيلة الحيوانية. وكتب على كل قفص لوحة تبين نوع الحيوان وموطنه الاصلي، ونوع غذائه. وعادة، يقرأ الآباء لأبنائهم تلك اللافتات، من أجل زيادة حصيلة معلوماتهم عن هذه الحيوانات التي يحرص الصغار على التقاط الصور التذكارية قربها. وعلى رغم أن مساحة الحديقة تبدو صغيرة، فإنها تضم جداول مياه، وغابات من الأشجار، متشابكة الأغصان، تغطي الأقفاص الضيقة التي تقل أو تزيد بحسب حجم الحيوان ومعدلات تناسله. وتتوسط الحديقة ألعاب للأطفال، بينها قطار وسيارات صغيرة، كما تتوفر أماكن لبيع المواد الغذائية والساندويتشات والآيس كريم. وفي بعض الأماكن كراسي للأمهات من أجل الاستراحة وشرب الشاي، وهن يتابعن أطفالهن.