تسير دببة سوداء داخل أقفاصها وسط الحرارة اللافحة في حديقة حيوان الجيزة في مصر، وتتنسم الهواء الذي أضحى فجأة... بارداً ورطباً. إذ ترسل مراوح ضخمة هواء بارداً وهو ترف لم تعهده الدببة. وعما قريب يتدفق ماء بارد في انابيب اسفل الاقفاص لتبريد الارضية. وقال كبير حراس الحديقة عبد الرازق مصطفى:"يمكنها التنفس، تحسنت أحوالها". وتكييف الهواء الخاص بالدببة جزء من جهود تحديث حديقة الحيوان التاريخية في الجيزة، على رغم الحالة الرثة التي تدنت اليها، وذلك لاستعادة عضويتها في الاتحاد الدولي لحدائق الحيوان بعد استبعادها عام 2004. جوهرة التاج وكانت حديقة الحيوان في الجيزة يوماً ما، جوهرة التاج لحدائق الحيوان في أفريقيا. وأمر الخديوي اسماعيل بإنشاء الحديقة، وافتتحت عام 1891 لعرض أزهار مستوردة ونباتات غريبة بصفتها معرضاً ضخماً للحياة البرية في افريقيا. لكنها تعرضت لمشاكل في السنوات الاخيرة، بداية من ذبح متسلّلين جملين تحت جنح الظلام واصابة بعض الطيور بسلالة فيروس"اتش5 ان1"الفتاك من انفلونزا الطيور. ويشكو نشطاء حقوق الانسان من ان الاقفاص ذات الطراز الفيكتوري تبدو مثل نوافذ عرض اكثر منها مأوى للحيوانات، وانها صغيرة وقذرة جداّ، وان حراس الحديقة لا يدرون سوى القليل عن الرعاية الصحية للحيوانات. ووصفت نادية منتصر النشطة في منظمة"أناس من أجل المعاملة الاخلاقية للحيوانات"الاوضاع بالمزرية، لكنها أبدت تفاؤلاً حذراً في شأن التغييرات. وتقول:"انا ضد حدائق الحيوان. ولكن لا يمكننا ان نفعل شيئاً بصددها هنا في مصر. لا يمكننا اغلاق حديقة الحيوان. الى اين ستذهب جميع الحيوانات. لم تعد حيوانات برية... عاشت في اقفاص طيلة حياتها". وفي الحديقة نحو ستة آلاف حيوان من 175 نوعاً من بينها بعض الانواع النادرة من التماسيح والابقار الوحشية. لكنها سارت على درب الانهيار لسنوات، وتؤكد منى صادق المتحدثة باسم حديقة الحيوان انها فقدت قبل سنوات نحو ربع الانواع التي كانت موجودة. واعتبرت أن سوء الإدارة كلّف الحديقة عضويتها في الاتحاد الدولي لحدائق الحيوان والاسماك، بعدما تأخرت ادارة سابقة في سداد رسوم العضوية وتجاهلت توصيات فريق الاتحاد الذي تفقد الحديقة. وقالت:"عادة حين تنفق حيوانات نشتري لها بديلاً، ولكننا لم نفعل ذلك خلال الفترة الماضية"، مضيفة ان الاتحاد الدولي وجد الحديقة دون المستوى. ورفض المدير التنفيذي للاتحاد بيتر دولينجر الكشف عن تفاصيل ما اكتشفه الاتحاد اثناء تفقده الحديقة قبل استبعادها، ولكنه قال:"ثمة اشياء غير مقبولة". إهمال قاتل وكانت المشاكل بدأت قبل ذلك بفترة طويلة، إذ قتل أسدان حارساً عام 1993 بعدما ترك الباب الخارجي لقفصهما مفتوحاً وهو يطعمهما، فقتلا بالرصاص في ما بعد. وفي وقت لاحق داس فيل على حارس آخر وقتله. وفي الاونة الاخيرة ارسل دب قطبي الى الاسكندرية هرباً من حرارة القاهرة ويأمل المسؤولون بأن تتحسن احواله هناك، كما نفقت آخر زرافة، وتأمل الحديقة في أن تأتي ببديل منها قريباً. وفي عام 2006 اغلقت مصر حديقة الحيوان لفترة قصيرة بعدما نفقت عشرات الطيور بعضها من فيروس انفلونزا الطيور. وقبل عام تسلل عدد من الرجال الى الحديقة تحت جنح الظلام وذبحوا جَمَلين. وقالت صادق ان احدهم اعترف بعد القبض عليه انه كان يريد استخدام اجزاء الجمل في السحر الاسود. وفي عام 2007 عين مدير جديد للحديقة وظهرت الكثير من دلائل التغيير. ففي بيت الزواحف يعكف عمال على انشاء دغل مصغر للسحالي. وفي الخارج يقوم عمال بتجميع عدد من أقفاص القردة لاتاحة مساحة أكبر لحركتها. وصممت الحديقة مأوى أكبر لعدد متزايد من حيوانات الشمبانزي من بينها ثلاثة من هذه الحيوانات صودرت من متجر لبيع الحيوانات الاليفة ومنتجع. غير انه ينبغي ان تجد الحديقة ممولين يدفعون 2.7 مليون جنيه مصري 510 آلاف دولار تكلفة البناء. وتقول صادق ان إدارة الحديقة لا يمكنها تحمل التكلفة بما لديها من موازنة تكفي فقط الغذاء والصيانة. ويأمل مسؤولو الحديقة بأن يشيدوا مكاناً جديداً للدببة للتجول فيه، ولديهم المال اللازم لبناء بيت جديد للفيلة. إهتمام أفريقي وفي وقت لاحق من هذا الشهر سيتفقد مسؤول من الاتحاد الافريقي لحدائق الحيوان والاسماك حديقة الجيزة، ويقدم توصيات في شأن التغييرات اللازمة. والانضمام للاتحاد الافريقي خطوة أولى لاستعادة عضوية الاتحاد الدولي. ويقول ديف مورغان المدير التنفيذي للاتحاد الافريقي:"لم نرفض حديقة حيوان أبداً"، مضيفاً انه توجه الاتحاد ضم الجميع لعضويته ولكنه يوصي بتحسينات. وأضاف:"نتابع ذلك ونحاول تشجيع التغيير حين تكون ثمة حاجة للتغيير. توجهنا... العمل من اجل التغيير من الداخل بدلاً من محاولة فرضه من الخارج".