أوجز نحو 2200 مشارك من خبراء وأعضاء هيئة تدريس، إضافة إلى وزراء التعليم العالي والبحث العلمي في دول منطقة الخليج، رؤيتهم لإصلاح حركة التعليم في المنطقة في ستة مطالب رئيسة، جاءت على شكل توصيات. والتوصيات الست التي صدرت في ختام ورشة عمل"طرق تفعيل وثيقة الآراء لولي العهد الأمير عبد الله بن عبدالعزيز حول التعليم"، تضمنت 12 توصية فرعية، لها أكثر من 32 آلية مقترحة لتنفيذها. واستهدفت التوصيات تغطية الجوانب كافة للمحاور الأربعة الرئيسة التي نظمت من أجلها الورشة، حيث يضع المشاركون خلاصة نتائج اجتماعهم على طاولة متخذي القرار في دول الخليج العربي. وبذلك، من المفترض أن يكون المجتمع العلمي في منطقة الخليج العربي قد خطا أولى خطواته الثابتة، نحو تحقيق حركة إصلاح حقيقية لنظام التعليم بشقيه العام والعالي، بما في ذلك نظم التربية العلمية الحديثة. وشهدت الورشة تقديم أكثر من 60 ورقة عمل، عبارة عن أبحاث ميدانية علمية تكشف الواقع المخيّب للآمال، وتطرح آليات مقترحة لعلاج هذا الواقع، والوصول به إلى المستوى المنتظر تحقيقه. ولم تقتصر المشاركة في الورشة على خبراء وأكاديميي منطقة الخليج، بل امتدت إلى الولاياتالمتحدة الأميركية وفرنسا واليابان وبريطانيا ومصر، حيث شارك خبراء في إصلاح التعليم من هذه الدول، تحدثوا من خلال محاضرات عامة حول موضوع الورشة. وشارك فيها مديرو الجامعات والمؤسسات التدريبية والمهنية، ورجال أعمال. ووزعت الورشة على 21 جلسة نقاش. وصنفت الاستنتاجات والتوصيات من المشاركين في الورشة طبقاً لمحاور الورشة. وكان الدافع لهذه الخطوة مبادرة ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز"بوثيقة آراء"قرر أن يصافح بها المجتمع العلمي، ويضع يده بيد قادة الخليج للرفع من شأن العلم والمعرفة، لبناء أجيال أكثر صلابة في مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل. ومما يضاعف فرص نجاح الخطوة الأولى، أنها جاءت استجابة لرغبة قادة دول الخليج، حينما أيدوا في قمتهم التشاورية الرابعة وثيقة الآراء، ولم تمض أشهر حتى اعتمدت الوثيقة في قمة قادة دول الخليج ال 23 التي عقدت في العاصمة القطرية الدوحة، في كانون الأول ديسمبر 2002. وشملت التوصيات"اعترافات شجاعة"من قبل المشاركين والمجتمع العلمي في المنطقة، تشير إلى الفجوة اللافتة في النواحي العملية التعليمية، منها العلاقة الباردة بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، ومن أسبابها، الفجوة الحاصلة في التجهيزات والوسائل المساعدة في توصيل المعرفة الحديثة وغياب التقنيات. وكانت أول توصية من أجل بناء القاعدة العلمية والتقنية تقول: "توصل المشاركون في الورشة إلى أهمية بناء القاعدة العلمية والتقنية، من خلال نشر تقنية المعلومات بين اعضاء هيئة التدريس والطلبة، والتوسع في استخدامها في العملية التعليمية في شتى نواحيها، والعمل على إدخال التقنية الحديثة في طرق التدريس والخدمات التعليمية التي تقدم إلى الأستاذ والطالب والمجتمع". توصيات وثيقة آراء الأمير عبد الله بن عبد العزيز... حول التعليم العالي التوصيات التي أصدرتها الورشة التي نظمتها جامعة الملك عبد العزيز في جدة في الفترة من 19 إلى 21 ذي الحجة الجاري، واستخلصت أعمال الورشة في أربعة محاور رئيسة، هي بناء القاعدة العلمية والتقنية، وتحقيق التوافق بين مخرجات التعليم ومتطلبات التنمية، وتطوير المناهج التعليمية والتدريبية، وتكثيف التنسيق والتكامل بين المؤسسات التعليمية في دول مجلس التعاون. وفي ما يتعلق بالمحور الأول، وهو محور بناء القاعدة العلمية والتقنية، أوصت الورشة بإنشاء مراكز لتطوير قدرات عضو هيئة التدريس في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي في دول الخليج العربية، بدءاً بالنماذج الموجودة حالياً في مؤسسات التعليم العالي في المنطقة، والعمل على التنسيق بينها وذلك من خلال تبادل الخبرات القائمة حالياً للخروج منها بنموذج أو نماذج تعمم على جميع مؤسسات التعليم العالي وخصوصاً الجامعات، وإقامة مؤتمر سنوي واحد على الأقل تستضيفه إحدى جامعات دول المجلس يعنى بهذه القضية، وتخصيص الموازنة اللازمة في كل مؤسسة تعليمية لدعم نشاطات هذه المراكز وبرامجها. كما أوصت الورشة بإنشاء مراكز للتعليم الالكتروني في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي في دول الخليج العربية، توفر برامج للخدمات التعليمية الالكترونية ومواد علمية للتعليم عن بعد، وتعمل على تبادل الخبرات، والاستفادة من الكفاءات والامكانات الموجودة في دول المنطقة، وذلك من خلال وضع تصور لنماذج محتملة لهيكلة المراكز ولوائحها وأنظمتها وخططها، وتبادل الخبرات القائمة حالياً للخروج منها بنموذج أو نماذج تعمم على جميع مؤسسات التعليم العالي، وإقامة مؤتمر سنوي للتعليم الالكتروني تستضيفه إحدى جامعات دول المجلس بالتناوب وتوفير الموازنات اللازمة لإنشاء هذا المركز وتشغيله. وطالبت بتوفير الحوافز المادية والمعنوية اللازمة لتطوير عضو هيئة التدريس من الناحية العلمية والتربوية، وذلك من خلال المراجعة الدورية للرواتب والمكافآت والبدلات، واعتماد معايير واضحة لتقويم أداء عضو هيئة التدريس وزيادة فرص حضور عضو هيئة التدريس للمؤتمرات والندوات وورش العمل الإقليمية والدولية وتوفير الإمكانات اللازمة لذلك. كما دعت إلى تطوير الأنظمة واللوائح المالية والإدارية لمؤسسات التعليم العالي، بما يمنحها مزيداً من المرونة والاستقلالية لتحقيق الأهداف المرجوة منها، وذلك من خلال تطبيق احد المعايير المؤسسية الدولية"الايزو مثلاً"على التنظيمات الإدارية في مؤسسات التعليم العالي، والاستفادة من نماذج المؤسسات الحكومية العامة والجامعات العالمية التي تتمتع بقدر كبير من المرونة والاستقلالية، وتطبيق معايير لمراقبة الجودة وحسن الأداء في مؤسسات التعليم العالي. وطالبت أيضاً بزيادة الإنفاق على مؤسسات التعليم العالي ضمن رؤية علمية مدروسة بهدف رفع الجودة التعليمية والبحثية مع الحد من الهدر المالي والإداري، وذلك من خلال الاستعانة بالمعايير الدولية لتحديد حجم المخصص لكل جامعة أو مؤسسة تعليم عالي، والزيادة التدريجية لمخصصات البحث العلمي، حتى تصل إلى واحد في المئة من الموازنة العامة لكل مؤسسة تعليمية، على ألا تتضمن النفقات الإدارية والمالية المعتادة والاستحداث التدريجي سنوياً لعدد من الوظائف البحثية المساندة، ووضع الأنظمة وتوفير الحوافز التي تشجع أعضاء هيئة التدريس على التركيز والاهتمام بالبحث العلمي، وعقد مؤتمر سنوي لتبادل الخبرات والتجارب بهدف رفع مستوى الأداء وترشيد الموارد والحد من الهدر والاهتمام بتعليم اللغة الإنكليزية والحاسب الآلي والعلوم الأساسية، ومهارات الاتصال وطرق التعلم وتفعيل نقل المعرفة والتقنية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية. ودعت الورشة إلى التحسين المستمر لنوعية مخرجات مؤسسات التعليم العالي، وذلك من خلال تضمين البرامج الأكاديمية، برامج تدريبية تطبيقية فعالة، والسعي إلى الحصول على الاعتماد الأكاديمي الشامل والمهني للبرامج الأكاديمية الجامعية والاستعانة بالقطاع الخاص عند تصميم الخطط والبرامج الأكاديمية بهدف تحسين المخرجات التعليمية لمؤسسات التعليم العالي. وطالبت بتحقيق التوافق بين مخرجات التعليم ومتطلبات التنمية، لافتة النظر إلى أن أوراق العمل المقدمة في الورشة حثت على ضرورة إشراك القطاع الخاص في وضع الخطط والسياسات والاستراتيجيات لمؤسسات التعليم العالي وبلورة الحاجات المجتمعية من برامج التعليم العالي، ووضع استراتيجيات وآليات تنظيمية تعزز التعاون بين القطاعات المجتمعية المختلفة والقطاع الحكومي والأهلي، وضرورة القيام بدراسات مشتركة مع القطاع الأهلي لتحديد حاجات سوق العمل بشكل أدق، وحصر المهارات المطلوبة في الخريجين لتضمينها في مناهج الجامعات. وتوصل المجتمعون إلى التوصية بأهمية تحقيق التوافق بين مخرجات التعليم ومتطلبات التنمية من خلال الآليات والمقترحات الآتية: 1-"تعزيز التعاون مع قطاعات العمل المختلفة بهدف رفع درجة مواءمة مخرجات الجامعة لمتطلبات سوق العمل. 2- رسم خطط تنفيذية للتقارب مع القطاع الخاص من خلال الغرف التجارية الصناعية، ومن خلال الاتصال المباشر بالمؤسسات الاقتصادية الكبرى، وإشراكهم في بعض اللجان التخطيطية في مؤسسات التعليم العالي. 3- هيكلة البرامج الأكاديمية في ضوء حاجات المجتمع ومتطلبات سوق العمل بالتنسيق والتشاور المستمرين مع الخبراء في القطاع الخاص. 4- إنشاء مراكز للتعليم وتطوير المواهب والقدرات الطلابية، ومحاولة دعمها من القطاع الخاص بصفتها أحد منافذ خدمة المجتمع". وفي ما يتعلق بمحور"تطوير المناهج التعليمية والتدريبية"أكد المشاركون أهمية تطوير المناهج بأحدث ما توصلت إليه المعرفة العالمية في مجالاتها المختلفة مع ربطها بالبيئة المحلية ما أمكن، والاهتمام بالتدريب التعاوني، واعتماد المعايير الدولية في تصميم البرامج التعليمية ومخرجاتها، مع الاستعانة بخبراء دوليين في بلورة هذه المعايير ومتابعة تطبيقاتها. وأوصوا بتكليف كل مؤسسة تعليمية لتطوير مناهجها خلال عام بما يتناسب مع أحدث ما توصلت إليه المعرفة مع ربطها بالبيئة المحلية والتوجه الإسلامي في دول مجلس التعاون والتنسيق بين مؤسسات التعليم العالي، لتعزيز التواصل بين الأقسام العلمية في دول المجلس، حيث يستحسن عند إعداد الخطط والبرامج الدراسية مراعاة تكامل العناصر الرئيسة لما يسمى بالمنهج المتكامل، وهي المحتوى المعرفي والجانب التقني والأداء المهاري، وكذلك عند إعداد الخطط والبرامج الدراسية يستحسن مراعاة التدرج في مراحل إقرار الخطط الدراسية. ومن أهم هذه المراحل: 1-"المسح المعلوماتي لعدد من الجامعات العالمية. 2- المقارنة بين الجامعات المختارة في المسح المعلوماتي. 3- المسح الميداني لتحديد احتياجات سوق العمل. 4- الموازنة بين عناصر البرنامج"المحتوى العلمي، الجانب التقني، الأداء المهاري". 5- التصميم النهائي للخطة الدراسية. 6- المراجعة والتقويم المستمر". كما أوصى المشاركون بالاستفادة من الخبرات والتجارب المتعددة لدى الجامعات المختلفة لتطوير المناهج الأكاديمية والبرامج التدريبية من خلال تشجيع تبادل أعضاء هيئة التدريس بصفة مستمرة وبمعدل 5على الأقل سنوياً من كل جامعة في تخصصات مختلفة، وتشجيع برامج التفرغ العلمي البينية، مع التركيز على الاستفادة من البرامج التطويرية في مجالات المناهج والتدريب والجودة، وتعزيز التواصل بين الكليات والأقسام العلمية المتناظرة في دول المجلس لتبادل المعلومات والتخطيط وتطوير الخطط الدراسية ومواءمتها للبيئة الخليجية، مع إيجاد آلية لتحقيق ذلك ومتابعته، وإعداد دليل دراسي يوضح المقررات المعادلة لبعضها البعض في جامعات دول المجلس، مع تحديثه بصفة دورية، وحثوا مؤسسات القطاع الخاص على التعاون مع المؤسسات التعليمية في المجالات التدريبية كافة. وفي ما يخص محور تكثيف التناسق والتكامل بين مؤسسات التعليم في دول المجلس، وبعد إدراك المشاركين أن هناك العديد من الأفكار الجيدة التي تهدف إلى تعزيز التعاون والتكامل في المجال التعليمي والتدريبي والبحثي بين مؤسسات التعليم العالي في دول المجلس، إلا أن تفعيلها كان ضعيفاً وهناك حاجة إلى تفعيلها بدرجة اكبر من ذلك، أوصوا بزيادة التواصل بين طلاب وأساتذة المؤسسات التعليمية المختلفة في دول المجلس، من خلال إصدار اللوائح والتعليمات اللازمة لذلك، والعناية بالحوافز المشجعة على تحقيقه وإنشاء إدارة للعلاقات الثقافية والأكاديمية في كل من مؤسسات التعليم العالي في دول المجلس، يكون من أهدافها تخطيط وتنظيم وتمويل التبادل الطلابي، وأعضاء هيئة التدريس، وعقد ندوات وورش عمل للاطلاع على التجارب الخليجية في مجال تطوير التعليم العالي، وتبادل الخبرات والاستفادة من الامكانات والتوسع في تبادل أعضاء هيئة التدريس لمؤسسات التعليم العالي والفني، لتبادل المعرفة والخبرة وتنسيق الجهود