أكد تجمع من أعضاء مجلس الشورى ورجال الأعمال وأكاديميين ضرورة منح المجالس البلدية صلاحيات تفوق المتاح لرؤساء البلديات، توافقاً مع مرحلة نمو المدن السعودية، المنتقلة من زمن البناء المتسارع إلى متطلبات التطوير النوعي. وقال عضو مجلس الشورى الحاصل على الدكتوراه في التطوير الحضري عبدالله يحيى بخاري في تصريح ل"الحياة"إن فرصاً عمرانية وحضارية"رائعة، ضاعت في زحمة العمل وسرعة الإنجاز خلال المرحلة الماضية". وأشار إلى أن حديثه عن ضياع فرص عمرانية وحضرية"شهادة للتاريخ"، ملمِّحاً إلى عدم تقصده أشخاصاً محددين، لكنه يؤمن بصعوبة علاج الفرص الضائعة أو تعويضها، وأن هذا"متروك لأجيالنا القادمة". وكان الدكتور بخاري يطرح هذه القناعة، وقناعات أخرى حول صناعة الانتخابات، كتطور سياسي، إلى عمق مجموعة من رجال المال والأعمال، يحيط بهم أكاديميون ورجال يرغبون في ترشيح أنفسهم لعضوية المجلس البلدي، تجمعوا في غرفة جدة للصناعة والتجارة بتنسيق مع أمانة جدة. وكان الجمع تسابق إلى لبس أصناف متقدمة من"البشوت"ما حدا بالدكتور بخاري إلى القول بما معناه أن المجالس البلدية مسؤولية وليست استعراضاً بلبس"البشوت"، والتباهي بالمناصب. وجاء في مقدمة المحاضرة وخلاصتها تأكيدات منه أنه يتفق مع زميله في مجلس الشورى الدكتور محمد الحلوة على أهمية التذكير بأن"المفهوم العام للانتخابات يعني استقلال إرادة المواطن عن إرادة الجهاز الحكومي"، وهو بحسب بخاري"يمثل نقلة نوعية في التطور السياسي للدولة، وبالتالي فإن ممارسة الانتخابات البلدية، وقيام مؤسسات المجتمع المدني في الدولة، يعتبر خطوة أولى في تطوير المشاركة السياسة في مجتمع الدولة". وأكد الدكتور بخاري أهمية تدارك المجتمع السعودي حقيقة حدوث تغيير سياسي، يعتمد على أن"صوت المواطن مدو وثمين، لا يصح التقاعس عن توصيله بكل أمانة"، وأن النظام خول إلى المجالس البلدية سلطة التقرير والمراقبة، وترك سلطة التنفيذ والتنسيق مع بقية أركان الدولة ل"الأمانة"، أو البلديات. وأخذ الدكتور بخاري على عاتقه تقديم تفسيرات نيابة عن وزارة الشؤون البلدية والقروية حول تجنيب السيدات، ومن هم دون الواحدة والعشرين من الرجال، حق التصويت، مع ميل واضح إلى التوافق مع الوزارة في تنسيق وتحديد عدد أعضاء المجالس البلدية وأساليب إدارتها، مؤكداً"أن تحديد نصف أعضاء المجلس بالتعيين، وليس الانتخاب يؤدي إلى ضم كفاءات متقدمة ليس لديها قدرة مالية على خوض الانتخابات"، كما أنه لا يرى غضاضة من احتمال تولي رئيس البلدية منصب رئيس المجلس البلدي أيضاً. واختار الدكتور بخاري طوال مدة المحاضرة البقاء في نقطة وسط بين نظام الانتخابات، ورغبات الناخبين، فلم يتحامل على اللوائح الانتخابية، ولم يقلل من أهمية أسئلة الحضور، مؤكداَ أن صوت المرأة قادم في الجولات المقبلة، وأن فقدان الشريحة الممتدة أعمارهم بين 18 و 21 سنة، حقهم في التصويت هذه السنة، لا يعني إقفال الباب في جولات مقبلة، مع إشارته إلى أن ضيق الفسحة الزمنية بين صدور القرار من مجلس الوزراء، وبداية التنفيذ كان سبباً مباشراً ووحيداً لوضع المرأة خارج دائرة التصويت في الجولة الأولى، وذلك رداً على سؤال لنائب رئيس الاتحاد العربي للحاسب الآلي الدكتور حسين سندي الذي لم يرق سؤاله لعبد الإله العوضي أحد الحاضرين، فخطف مايكروفون الحديث مؤكداً أن حجب صوت المرأة عن الانتخابات أنقذ البيوت السعودية من مشكلات أسرية. ونوه الدكتور بخاري أنه"يحق لوزير الشؤون البلدية خلع عضو المجلس البلدي حال ورود ما يفيد عدم قدرته على تأدية مهماته"، موضحاً أن المجلس البلدي والبلدية يقفان على قائمة أسئلة مختلفة، ففي الوقت الذي يكون فيه السؤال الجوهري للمجلس البلدي هو"ماذا نفعل؟"يجب أن يكون السؤال المقبل من البلدية هو:"كيف نفعل"، وهذا يعني أن المجلس البلدي متمم لتوجهات البلدية حتى مع احتفاظه بسلطتي التقرير والمراقبة. وعرض بخاري لأهمية إيجاد تفاوت في صلاحيات المجالس البلدية، عن سلطة الأمانة أو"البلدية"، مؤكداً أن مدينة في حجم جدة تستحق في هذه المرحلة من النمو، مجلساً بلدياً يمتلك صلاحيات أكثر من الأمانة، تجنباً لحدوث صراع إداري يؤدي إلى شل حركة كل من رئيس البلدية والمجلس البلدي معاً، وبالتالي تعطيل نمو المدينة وتوقف تطورها، إلى أن ينتصر أحد الطرفين، وكان ذلك تلميحاً غير مباشر إلى مرحلة الثمانينات من حياة مدينة جدة، عندما صدر قرار بتجميد صلاحيات المجلس البلدي إثر حدوث"تناطح إداري"وتعارض في الصلاحيات بين رؤساء متتاليين لأمانة جدة، مع المجلس البلدي.