في الوقت الذي أخذ رؤساء وفود 54 دولة من أصل 57 رئيساً مقاعدهم في قاعة المؤتمر الرئيسة في قصر الصفا في مكةالمكرمة، تنحى رئيس جمهورية توغو جناسنجبه اياديما، ووزير الخارجية الفيليبيني الدكتور البيرتو روميلو بوفديهما جانباً، على بعد أكثر من 70 كيلومتراً في قاعة اجتماعات قصر المؤتمرات في جدة، فيما تغيب عن المشاركة في هذه الجلسة وزير خارجية جمهورية غينيا بيساو لأسباب غير معروفة. وبعيداً من الضجيج وزحمة الإجراءات الأمنية والبروتوكولية المعتادة في مثل هذه المناسبات، جلس الوفدان على مقاعدهما في مواجهة شاشة عرض تلفزيونية كبيرة، ليتابعا وقائع الجلسة الافتتاحية، وسط حضور إعلامي محدود، وإجراءات أمنية اعتيادية. وتعود مشاركة هذين الوفدين في الجلسة من على مسافة بعيدة من مقرها الرئيس إلى أن رئيسيهما ينتميان إلى ديانات غير إسلامية، وهو ما لا يجيز لهم بحسب الدين الإسلامي الدخول إلى مدينة مكةالمكرمة أو المدينةالمنورة، باعتبارهما مدينتين مقدستين عن المسلمين. هذا الأمر وجد تفهماً لدى أعضاء الوفدين الذين أعربوا عن تقديرهم لهذه الإجراءات الاستثنائية، إذ أن وجود وسائل اتصال تقنية حديثة يزيل فوارق المسافات الجغرافية أولاً، كما أن أهمية القضايا المطروحة على المؤتمر تدفعهم إلى المشاركة تحت أي ظرف كان. ولم يكن المشاركون من السياسيين وحدهم هم المجبرون على تغطية مؤتمر القمة الإسلامي الاستثنائي من جدة، إذ أن عدداً من مراسلي شبكات التلفزيون ووكالات الإعلام والصحف العالمية، التي لا يعمل معها مراسلون محليون تنتدبهم لإجراء مهمات التغطية للمؤتمر. وكالة رويترز للأنباء أوجدت لها حلاً ففيما أوفدت مراسلها سهيل كرم إلى مدينة مكة للتغطية، بقي المراسل الأساس دومينيك إيفانز في جدة لمتابعة الحدث من بعد. إيفانز قال ل"الحياة"إنه يقدر عدم تمكنه من المشاركة في تغطية الحدث من مكةالمكرمة، على اعتبار أنه مسيحي، ولا يمكنه دخول هذه المدينة المقدسة عند المسلمين. مؤكداً أن عدم قدرته على المشاركة جرى تجاوزها من خلال إيفاد زميل آخر من الوكالة نفسها ليشاركه تغطيه الحدث من موقعه الرئيس. وفي أجواء مشاركة الوفدين في مؤتمر القمة من خلال دائرة تلفزيونية مغلقة، لفت عدد من المتابعين الأنظار إلى أن للسعوديين تجربة محلية مشابهة إلى حد كبير، وهي تجربة الدوائر التلفزيونية المغلقة في الكليات والجامعات والمعاهد السعودية، إذ أن تطبيق قاعدة الفصل بين الجنسين الشرعية اضطر مسؤولي تعليم البنات في تلك المؤسسات التعليمية إلى الاستعانة بتقنيات البث التلفزيوني إلى صالة داخلية للفتيات فقط، بحيث يتمكنّ من مشاهدة الدروس نفسها، التي تعطى لزملائهم الذكور.