كما كان متوقعاً مرّ اليوم الأول من اكتتاب شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات ينساب وسط"ضجيج"من المكتتبين داخل فروع المصارف، بدءاً من الزحام والتدافع، ما اضطر الجهات الأمنية إلى التدخل، وانتهاءً بانتظار فتوى حاسمة. وكان نشوء أسواق سوداء لبيع الاستمارات الخاصة بالاكتتاب أمراً واقعياً. في مدينة جدة حاولت فروع مصارف"سامبا"التي حدد فيها الاكتتاب، تفادي المشكلة باكراً، حينما طلبت من المتعاملين القدامى الذين يملكون سجلات ومعلومات ويرغبون الاكتتاب فيها، استخدام الصراف الآلي أو الموقع الإلكتروني، فيما طولب المكتتبون للمرة الأولى بمراجعة الفروع الثلاثة التي حددتها. وهنا يؤكد أحد المكتتبين فارس الزمزمي أن حصر الاكتتاب في ثلاثة فروع سيؤدي إلى ازدحام، نظراً إلى كثرة المكتتبين للمرة الأولى أو الراغبين في تسجيل أفراد جدد من عائلاتهم في استمارة الاكتتاب. ويتفق معه المكتتب عمر بامحسن في الرأي، ويشير إلى أن فرع المصرف الذي راجعه أمس كان مزدحماً أيضاً بعملاء آخرين، ما سبب ربكة وازدحاماً كان من الممكن تفاديهما. وفي الطائف شهد أمس ازدحاماً كبيراً داخل فروع المصارف وعلى أبوابها، ما اضطر إدارات المصارف إلى الاستنجاد بالدوريات الأمنية لفك وتنظيم هذا الازدحام، إذ توافد عدد من سكان المحافظة رجالاً ونساءً منذ ساعات الصباح الأولى لحجز أماكن لهم أمام أبواب البنوك تمكنهم من الدخول والحصول على استمارات اكتتاب. في حين سجلت الدوائر الحكومية ارتفاعاً في نسبة الغياب، وبرزت السوق السوداء لبيع استمارات الاكتتاب بقيمة لا تقل عن 100 ريال للواحدة. وقال موظف فضل تسمية نفسه"أبو راكان"، إنه اضطر إلى التحايل على مديره وإقناعه بالتأخر نحو ساعتين عن موعد العمل الرسمي، نظراً إلى رغبته بالاكتتاب، خصوصاً أنه يملك محفظة اسثمارية يريد دعمها بأسهم"ينساب". وفي الباحة تسببت الفتاوى المتضاربة في إحداث ربكة مرورية كبيرة وقعت على أثرها حادثة دهس مروعة لمواطن في العقد الخامس من عمره إذ أصيب إصابات بالغة. ولم تتوقف الهواتف النقالة للقضاة وطلبة العلم الشرعي منذ الصباح الباكر عن الرنين، وكانت الاتصالات من مواطنين ومواطنات يستفسرون عن شرعية المساهمة في شركة ينساب التي طرحت للاكتتاب صباح هذا اليوم. وتردد عدد من المفتين في جواز المساهمة في هذه الشركة، ورد المكتتب أحمد الغامدي على ذلك بقوله:"على رغم أهمية بيان الحكم الشرعي إلا أن هناك تأخيرا للبيان عن وقت حاجته ما أوقع الجميع في حرج شديد، وكان حريا بعلمائنا المؤهلين للفتوى أن يبادروا بإصدار الفتوى عندما سمعوا بطرح أسهم الشركة في السوق". وأضاف أنها المرة الثانية التي يفوته فيها الاكتتاب بعد أن تردد كثيراً في المساهمة في شركات التأمين بسبب تردد المفتين. وتمنى الغامدي لو أوجدت هيئة كبار العلماء لجنة تعنى بدرس المعاملات يرأسها الدكتور عبدالوهاب أبو سليمان الذي عرفت عنه دقته في البحوث الاقتصادية والبنكية المعاصرة لوضع تصور شرعي سابق وتحديد مرجعية يمكنها توضيح الحكم قبل التورط في معاملات محرمة.