ضمن النشاط الثقافي لمؤسسة الملك فيصل الخيرية في هذا الشهر، تألق أستاذ الشريعة في الكويت الدكتور عجيل النشمي، وهو يتحدث عن قيمة الحدود في الإسلام، والمناخات الملائمة لتطبيقاتها. وأفاض في حديثه عن خصائص الظرف الزماني والمكاني لإقامة الحدود الشرعية، وأكد أن"الشريعة حتى تُطبق لا بد لها من وعاء إسلامي"، وهذا ما هو ولله الحمد، متحقق في بلادنا الغالية، التي تمكنت من تطبيق الحدود بدافع من القناعة السياسية والمؤازرة الاجتماعية. ومن هذا المنطلق، أرى أن المجتمعات ذات الغالبية الخيرة يجدر بها أن تكون صاحبة رسالة في ما تؤيد وما ترفض، خصوصاً إذا كان الأمر يتعلق بثوابت الأمة واستقامة سلوك أبنائها ونسائها. في مجتمع المملكة الذي منَ الله عليه بقيادة سياسية حاضنة للدين والعقيدة، ومدافعة عن الإسلام والأصالة والعروبة، ينبغي على الفرد منا أن يكون مستشعراً لرسالته الحضارية والدينية في التعاون على البر والتقوى، ومواجهة المظاهر والسلوكيات الدخيلة بحزم وحكمة. إن هذا المجتمع بسبب إصراره على قيمه ومبادئه الإسلامية النقية وقوله:"لا"، أجبر مؤسساته المصرفية على مسايرة توجهاته الدينية، فراحت المصارف تعلن عن أن معاملاتها إسلامية، وتشكل اللجان الشرعية. بل أصبحت تتنافس في تقديم البرامج المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية. المجتمع الذي قاد مقاطعة صامتة ضد المصارف الربوية في العقود الماضية، وأجبرها على مسايرته في ما هو حق، مطالب اليوم ليس بانتقاد الفجور في بعض وسائل الإعلام وبحسب، ولكن أيضاً بإيقاف الدعم عنها، إعلاناً وتحريراً، إضافة إلى دعم البدائل الجيدة وتطويرها، وتذكير المعلنين بالإثم الذي يلحق بهم عند الإعلان في تلك المنابر المروجة للخلاعة. إن معظم الذين ينادون اليوم بضرورة تحجيم الانحلال والعري على القمر العربي - على الأقل - احتراماً لذائقة المشاهدين ومشاعر مراهقيهم، يقفون مجرد متفرجين، يلقون اللوم على القنوات وأصحابها، والحكومات ووزرائها، ولكن أليس الأجدر بهم أن يلوموا أنفسهم؟ فهم المشاهدون والمعلنون والداعمون الحقيقيون لما يعترضون عليه! مجموعة من هؤلاء ممن أفاء الله عليهم من الأموال الكثير، لا نراهم يبادرون بالمساهمة في تطوير وسائل إعلام هادفة وبديلة عن الفاسدة، ولا بتأسيس أخرى تقدم بعضاً مما يطمح له هو وشرائح كبرى من أبناء وطنه، ممن ضاقوا ذرعاً بالسيل العرم من القنوات العربية التي تصادم قيمنا ومبادئنا"عيني عينك". يقال ذلك في وقت نقرأ ونرى كيف تحكّم اليهود في سياسات دول كبرى من خلال الهيمنة على إعلامها باقتصادهم، الذي يسخرونه وأنفسهم في خدمة أهدافهم وقيمهم. إننا والله أحق بذلك منهم ف "الله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين". حما الله وطننا وقيادته وأمنه الفكري والسياسي من كل مكروه. آمين. * عضو مجلس الشورى.