يجسد مشايخ القبائل، مثالاً رائعاً في حل النزاعات والخلافات القبلية، التي تحدث بين فترة وأخرى في منطقة جازان المجاورة للقبائل اليمنية. ولعل الدور الذي اضطلع به مشايخ القبائل في حل خلاف قبيلتي آل تليد السعودية وآل ثابت اليمنية، أول من أمس، بعد 30 عاماً من الخصام، دليل على الدور المهم الذي يضطلع به مشايخ القبائل الحدودية. ويستند مشايخ القبائل في أحكامهم على ما ورثوه من آبائهم وأجدادهم من عادات وتقاليد، فتصبح لهم مكانتهم بين افراد القبيلة، ويحظون بالطاعة من جميع شرائح القبيلة. وما زال أناس كثر يكتفون بالذهاب الى مشايخ قبائلهم عند وجود خلاف، طالبين التدخل والاصلاح، وغالبية تلك القضايا تحل ودياً، بدلاً من وصولها الى مراكز الشرطة والمحاكم، وهذا ما يسهم في تخفيف العبء على المحاكم. ودائماً ما يكون شيخ القبيلة ملماً بجميع أمور قبيلته وأملاكهما، ما يساعده على حل أي قضية قد تنشأ بينهم، إضافة الى ان المتاخصمين لا يستطيعون التلاعب لكسب القضية، بحكم أن شيخ القبيلة ملم جيداً بما يحدث في قبيلته. وظل دور مشايخ عرفاء القبائل قائماً بعد توحيد السعودية على يد الملك المؤسس عبدالعزيز رحمه الله، وحظي هؤلاء باحترام كبير من الدولة، لما يمثلونه من دور مهم في التعاون مع الجهات التنفيذية، والإسهام في حل الكثير من القضايا الخلافية، لا سيما التي تحدث مع القبائل الحدودية. لكن غالبية مشايخ القبائل الذين حظوا بثقة قبائلهم، يعانون الآن من قلة مواردهم المالية، على رغم التزاماتهم الكبيرة التي تحتم عليهم بقاء مجالسهم مفتوحة للجميع، وحاجاتهم إلى التنقل والإسهام في خدمة المجتمع، يداً بيد مع الجهات الحكومية. ويرى احدهم انه عندما وافقت الجهات المختصة على توليه منصب عريف لقبيلته خلفاً لوالده، قبل نحو عشرين عاماً، صدرت له موافقة بصرف عادة سنوية مقدارها 65 ريالاً فقط، فيما أوضح شيخ قبيلة آخر أن العادة السنوية التي تصرف له 165 ريالاً. وأضاف:"لك أن تتخيل ما يمكن أن يفعله هذا المبلغ الذي لا يكفي أجرة سيارة لمراجعة الفرع المالي، وهل يستحق ان تذهب لتسلم شيك بالمبلغ، ثم الذهاب الى المصرف لصرفه".