يظل الحديث عن الحوادث المرورية ذا شجون، خصوصاً في منطقة جازان، حيث الطرق في حال سيئة. وعلى رغم أن الطرق في القطاع الجبلي في جازان بدأت تشهد تطوراً ملحوظاً، إلا أنها لا تزال تحتاج إلى كثير من الاهتمام حتى ينعم المواطن بالراحة التي ينشدها. فالطرق الجبلية تشكل هاجساً لدى السكان لخطورتها وعدم الاهتمام بصيانتها دورياً. وبعض هذه الطرق يمر بعدد من الأودية المهددة بالسيول، وأسهم عدم وجود جسور في العديد من حوادث غرق السيارات وركابها في السنوات الماضية. يقول المواطن أحمد بن عبده موسى:"سوء حال الطرق هو من أهم الأسباب التي تؤدي إلى الحوادث المرورية، لكونها ضيقة جداً وغير مزدوجة وتمتلئ بالحفر، ومع ذلك يسمح فيها بسير الشاحنات الكبيرة، ما يزيد الأمر سوءاً". فيما يقترح المواطن بندر العقيلي، الذي أصيب بشلل نصفي جراء حادث مروري في طريق جازان ? أبها، توسعة الطرق وازدواجها. ويذكر أن طريق جازان- صبيا أصبح مزدوجاً بشكل كامل، ولكنه يمثل فقط 30 كلم من المئات من الكيلوات التي تنتظر التوسعة والازدواج، على حد قول العقيلي. ويضيف أن هناك طرقاً بحاجة ماسة إلى الازدواج كطريق صبيا - بيش بطول 35 كلم، وطريق بيش- الدرب بطول 45 كلم، وطريق أبي عريش- صبيا بطول 30 كلم، وطريق أحد المسارحة- أبي عريش بطول 45 كلم. الطرق الجبلية في جازان الصيانة فيها غائبة والمعاناة مستمرة. ويرتبط القطاع الجبلي الداير - بني مالك بجازان بواسطة طريقين. الأول يربطهما بجازان من طريق صبياء، والآخر من طريق أبي عريش، وهما في حال جيدة، حتى الوصول إلى مدينة الداير، إذ تتوزع الطرق في مختلف الاتجاهات لتبدأ المعاناة. وتقع الداير، التي تعتبر مدينة حديثة، عند ملتقى العديد من الأودية التي تفصل بين أحيائها، ويوجد بها جسران، وبقية الأحياء لا يربط بين بعضها سوى"مزلقانات"لا تسمن ولا تغني من جوع، والبعض الآخر لا هذا ولا ذاك. ويرى الأهالي أن الجسور هي الحل الوحيد للمشكلة، لأن أحياء الداير، عندما تحاصرها السيول، تدخل في بيات شتوي ولا يستطيع أي من سكانها مغادرتها، فضلاً عن عدم قدرة فرق الإسعاف والطوارئ على عبور الأودية. ويطالب سكان تلك الأحياء بتشكيل لجنة للوقوف على معاناتهم، علماً أن عددهم يصل إلى أكثر من 50 ألف نسمة، مع استبدال"المزلقانات"والعبارات بجسور. أما طريق فيفاء، فهو طريق أسفلتي ضيق، على رغم أهمية فيفاء كمصيف يقصده السياح والزوار من كل مكان. ويضطر سكان فيفاء إلى اقتطاع جزء من الطريق ليكون مواقف لسياراتهم. ويلاحظ عابر ذلك الطريق سوء الطبقة الاسفلتية الموقتة التي بدأت في التكسر، ما أدى إلى امتلاء الطريق بالحفريات. ويشهد الطريق حالياً بعض التوسعة من البلدية، إلا أنها تسير بسرعة السلاحف، وما زاد الأمر سوءاً هو البناء بجوار الطريق وعدم ترك ارتدادات لتوسعته مستقبلاً، بحسب رأي المواطن محمد الفيفي. وطريق خاشر، الذي يربط قرى وجبال خاشر بمحافظة الداير، هو أيضاً ضيق جداً، وطبقته الأسفلتية، المنفذة حديثاً، بدأت في التكسر، وجرفت السيول ما تحتها من تربة. ونتيجة لانعدام الحواجز الخرسانية تهوي السيارات من فوق المرتفعات، بحسب الشيخ يحيى حسين الكبيشي الذي يرى أن السكان سيضطرون إلى الرحيل إذا بقي الحال على ما هي عليه. وتكمن مشكلة طريق عثوان الذي يبدأ من أحد الأودية صعوداً إلى الجبل، في أنه مع كل مطر يسيل الوادي، ولا يستطيع قطعه سوى سيارات الدفع الرباعي. وهناك الكثير من القصص عن معاناة السكان الذين احتجزتهم السيول في ذلك الوادي، ومنعتهم من الوصول بحالات مرضية حرجة إلى المستشفى، والبعض داهمتهم السيول هناك ودفنت سياراتهم. وروى أبو محمد ل"الحياة"أنه كان يحاول نقل زوجته إلى مستشفى فيفاء للولادة، فداهمته سيول الوادي ولم يستطع العبور أو العودة، واضطر إلى البقاء على جانب الوادي حتى داهمها المخاض وكادت تفقد حياتها. وأسهم سوء حال طريق آل سلمى الذاري الأغبر، وهو طريق جبلي صخري وعر، في رحيل كثير من السكان لسيتقروا في الداير، وبقيت معظم المنازل مهجورة، بحسب ما أوضح حسن يحيى السلمي. ويربط طريق حبس، الداير بالربوعة في منطقة عسير, وعلى رغم كونه أفضل تلك الطرق، إلا أن تساقط الصخور يهدد العابرين، فضلاً عن أن عدم وجود تصريف للسيول جعله يتحول إلى أشبه ما يكون بالوادي الكبير الذي يجبر العابرين والسكان على إجازة اضطرارية عند جريانه بالسيل! أما طريق طلان فيربط الداير بجبال طلان التي تعتبر أعلى قمة في منطقة جازان وأشهر معالمها السياحية، إذ تكسوه غابات العرعر الكثيفة. ويسهم هذا الطريق في وصول السياح بيسر وسهولة إلى قمة الجبل، إلا أن منعطفاته الخطرة وعدم وجود حواجز خرسانية وتصريف لمجرى السيول، تجعله لا يقل خطورة عن الطرق الأخرى. ويقع طريق الجانبة إلى الشمال الشرقي من مركز جبال الحشر، وهو طريق جبلي صعب المسالك، ويخدم أكثر من 1500 مواطن، وأنشأه السكان على نفقتهم الخاصة، لكنه يحتاج إلى صيانة دورية، كما يقول المواطن محمد الحريصي. ويضيف أنهم يضطرون في بعض الأحيان إلى صيانته على نفقتهم الخاصة. والطرق السابقة هي طرق سفلت بعضها سفلتة موقتة، وعلى رغم ضيقها، إلا أنها قد تكون أحسن حالاً، وتعتبر ترفاً لمستخدميها مقارنة بالطرق الترابية. فالمنطقة تضم مئات القرى التي لا تزال طرقها ترابية، وغالبيتها تجرفها السيول وتظل شهوراً عدة من دون صيانة. وتحتاج فرق الصيانة إلى تدعيمها بالكثير من المعدات الحديثة حتى تقوم بدورها على الوجه المطلوب، إذ يلاحظ أن معظم معداتها أشبه ما تكون بالمتعطلة. ولعل من أهم تلك الطرق التي تحتاج إلى صيانة عاجلة هو حراز ونعامة والقرن والثاهرة والسارة وآل محمد والصرفح والباخن وروحان والذاري والأغبر وآل العبد والرحة والعين والفيدل والجانبة والحجفة وآل شبان والقاعة، وغالبيتها توجد بها مدارس ومستوصفات يصل إليها الناس سيراً على الأقدام، لا سيما في وقت الأمطار. ... ومدير المرور يطالب بالتزام قوانين السير أكد مدير مرور منطقة جازان العقيد عبدالله بن محمد الشهراني ل"الحياة"أن الطرق ليست السبب الوحيد وراء وقوع حوادث السير، فهناك أسباب أخرى، منها قطع الإشارة، والسرعة الزائدة، وعدم ربط حزام الأمان. وأضاف أن هذه الأمور"تمثل سلوكاً غير حضاري، يرسم للمخالف وللمجتمع صورة غير جيدة في عيون الآخرين". وقال:"نحن من جهتنا لاحظنا ازدحاماً شديداً في حركة السير في أوقات الذروة، وهي أوقات الدوام الصباحية وعودة الطلاب والموظفين في الظهر، ولذلك قررنا منع تحرك الشاحنات والسيارات الكبيرة في تلك الأوقات، تخفيفاً على المواطن، وتسهيلاً لحركة السير ولتلافي الزحام الناتج من وجود السيارات الصغيرة والكبيرة في طريق واحد". وذكر أن الكثير من حوادث الدهس والتصادم المميتة يحدث بسبب قطع الإشارة الحمراء التي لم توضع إلا لتسهيل الحركة المرورية في التقاطعات والدوارات في شكل انسيابي. وأكد"نحن في المرور لا تهاون لدينا في قطع الإشارة الحمراء". وتساءل عن السبب الذي لا يجعل كثيراً من السائقين لا يلتزمون بربط حزام الأمان، مشيراً إلى أن بعضهم يفعل ذلك أثناء سيره على الطرق الطويلة، وعندما يقترب من أحد المراكز يسارع إلى تصحيح أخطائه. وأكد الشهراني أن معظم مخالفات قطع الإشارة وعدم ربط الحزام يأتي من صفوف الشباب، كاشفاً عن أن عدد مخالفات قطع الإشارة الحمراء في منطقة جازان بلغ خلال عام واحد 4795 مخالفة، فيما بلغ عدد مخالفات عدم ربط الحزام 20154 مخالفة. وعلمت"الحياة"من مصدر في إدارة النقل أن طريق وادي عثوان تمت ترسيته على إحدى المؤسسات الوطنية التي ستبدأ عملها فيه قريباً مع ما تبقى من الطريق صعوداً إلى الجبل بطول 24 كيلومتراً، وسيتم تعبيد طريق آل يحيى وزيدان قريباً ليسهم في القضاء على معاناة السكان، على حدّ قوله.