تنظر لجنة مؤلفة من ثلاث جهات حكومية في نزاع بين المتحف الوطني للآثار وصاحب بستان ادعى انه يملك جزءاً من قلعة تاروت الأثرية. وكان صاحب البستان قصد المحكمة قبل مدة من أجل الاستحصال على صك الاستحكام لبستان نخل يملكه ويتداخل نخله بأرض في الجزء الجنوبي من القلعة، الا أن المحكمة راودتها شكوك حيال امتلاكه جزءاً من أرض القلعة فأحالت الملف على هيئة الآثار التي احالت الملف بدورها على أملاك الدولة، وتقرر في النهاية تشكيل لجنة ثلاثية من وكالة الآثار وهيئة السياحة وادارة الاثار في الدمام. وبعدما عاينت اللجنة الموقع تبين لها أن النخل موجود داخل القلعة وخلصت الى ثلاث توصيات هي: ان يعود صاحب البستان الى حدود أرضه، أو ان تنزع ملكيتها ويعوض مالياً أو أن يعطى أرضاً بديلة. ولا تزال اللجنة تبحث الأمر مع صاحب البستان قبل أن يرفع الملف في شكل نهائي الى املاك الدولة. وعلمت"الحياة"أن البستان يستقطع جزءاً من حدود القلعة الجنوبية. وشكلت لجنة مكونة من أطراف حكومية عدة، مهمتها الحفاظ على القلعة. واشتد النزاع بين الطرفين بعد محاولة صاحب البستان استخراج حجة استحكام، تثبت ملكيته لأجزاء تدخل في حدود القلعة. وقال مصدر مطلع على حيثيات القضية:"إذا نجح صاحب البستان في الحصول على حجة استحكام، فهذا يعني أن الموقع سيتحول إلى مركز تجاري أو أراضٍ سكنية، تعطل المشروع السياحي للهيئة العليا للسياحة"، مشيراً إلى أن"عمليات الإنشاء والبناء في حد ذاتها قد تؤثر في أساسات القلعة، خصوصاً عمليات الحفر". واقترح"تعويض صاحب البستان، ونزع الملكية، واستغلال المساحة في إنشاء أسواق شعبية تراثية، تخدم مشروع السياحة، أو إقامة منشآت تخدم الموقع الأثري ذاته، عبر فتح محال تراثية". ويرجح باحثون أن قلعة تاروت تعود إلى عصر السلالات الأولى لبلاد ما بين النهرين، ويعود بعضها إلى فترات زمنية معاصرة للحضارة"العيلامية الفارسية"وحضارة"الموهنجو دارو"على نهر السند وحضارة"أم النار"التي قامت في المنطقة الجنوبية من الخليج العربي، التي تم اكتشاف بقاياها في إمارة"أبو ظبي"، بواسطة البعثة الدانمركية سنة 1966. وعُثر في القلعة على آثار تعود إلى حضارة"العبيد"وحضارة"بار بار". وتوجد فيها الآن مواقع أثرية ومقابر قديمة تم اكتشافها أخيراً، وحظيت باهتمام البعثة الدانمركية، فقامت بمسح أثري، بدأت بالتل العالي الواقع في الجانب الغربي من تاروت، وهو الموقع الذي قامت على أنقاضه قلعة البرتغاليين، التي أعاد الأتراك بناءها، والتي ما زالت معالمها بارزة حتى الآن. وأسفرت هذه الأنقاض المتراكمة عن ثروة أثرية ثمينة، فوجدت تحتها بقايا هيكل"عشتاروت"، الذي يتكون من أحجار ضخمة منحوتة بحجم متر مكعب، ما يدل على ضخامة هذا الهيكل، الذي استعارته الولاياتالمتحدة الأميركية لمدة عام، وكان تأمينه المالي مليون دولار، وما لبثت حتى امتدت فترة الاستعارة عاماً آخر. آمال بتحرك سريع من"السياحة"لإنقاذ القلعة من الانهيار ينتظر أهالي جزيرة تاروت تحركاً سريعاً من"الهيئة العليا للسياحة"لإنقاذ قلعة أثرية يعود تاريخها إلى نحو خمسة آلاف عام، توشك على الانهيار. وأبدى مهتمون بالآثار في محافظة القطيف مخاوف على مصير القلعة، وبخاصة مع بدء موسم الأمطار، الذي يجعل البناء المتصدع هشاً للغاية، ويهدده بالسقوط، كما حصل لقلعة الشيخ محمد بن عبد الوهاب الفيحاني في بلدة دارين القريبة. وأرسل المهتمون خطابات عدة إلى المسؤولين المعنيين في المنطقة الشرقية ووكالة الآثار والمتاحف التي كانت تتبع لوزارة التربية والتعليم، قبل انتقالها أخيراً إلى الهيئة العليا للسياحة، طالبوا فيها بضرورة الحفاظ على القلعة. وشكلت إمارة المنطقة الشرقية أخيراً لجنة مؤلفة من محافظة القطيف والدفاع المدني والشرطة وبلدية تاروت وإدارة المياه وإدارة الآثار، لدراسة حال القلعة، التي لم تشهد ترميماً منذ 21 عاماً. وخرجت اللجنة بتوصيات عدة، منها أن"القلعة لا تشكل أي خطر على المواطنين". ولكنها أوصت بحاجتها إلى الترميم، خصوصاً بعد أن تعرضت أساساتها إلى انهيارات جزئية، بسبب تأثير ارتفاع منسوب المياه الجوفية. ورفعت التوصيات إلى"الهيئة العليا للسياحة"لاتخاذ خطوات عملية في هذا الصدد. وقال مصدر في هيئة الآثار:"رفع الخطاب من طريق إمارة المنطقة الشرقية، إلى الأمين العام لهيئة السياحة"، مضيفاً"الجميع ينتظر التحرك العاجل، وهناك مخاوف حقيقية من انهيار القلعة، على غرار ما تعرضت له مواقع أثرية أخرى في المنطقة الشرقية، بفعل الإهمال وعدم الصيانة والترميم". واعتبرت"الهيئة العليا للسياحة"قلعة تاروت"واحداً من أهم المواقع التاريخية في المنطقة الشرقية". وأكدت قدرتها على جذب السياح للمنطقة. بيد أن باحثين وكتاباً أعربوا عن اعتقادهم بصعوبة تحقق ذلك، في ظل الوضع الراهن. وقال الكاتب زكي الصالح:"حتى نستطيع حماية القلعة من الانهيار، لا بد من عمل جاد تقوم به الجهات المختصة، مثل إنشاء لجنة تهتم بدراسة الموقع الأثري في شكل علمي ومؤسس، كأن تقوم بفحص جيولوجي للتربة، وتقيس نسبة الرطوبة فيها".