يأتي رمضان، هذا الشهر الكريم، ككل عام، بلا اتفاق بين الدول العربية والإسلامية على تحديد موعده، على رغم تقدم العلم، بل أحياناً يشعر الناس انه لا جدوى من العلم، إذا لم يؤخذ به في أهم مواعيد المسلمين، هناك دول تأخذ برؤية الهلال، ودول أخرى تأخذ بالحسابات الفلكية، وهناك دول تتبع اتحاد المطالع، بمعنى تأخذ أقرب دولة لها، وتعتمد تاريخ دخول شهر رمضان، وهناك من يأخذ برؤية شخصين، وهناك من يحدد 270 موقعاً للرؤية، مثل المغرب، أو أفريقيا 3 آلاف شخص. ويأتي رمضان هذا العام والعالم من حولنا في حال اضطراب ما بين قتل ودمار، وإرهاب وفيضانات، لكن هناك أيضاً جانباً مشرقاً في هذه الأيام، في وضع اقتصادي محلي مبشّر، ومشاريع للإسكان الخيري، أعتبرها بحق قفزة قوية للعمل الخيري الداخلي، الذي نتمنى أن يستمر ويزداد في كل مناطق المملكة، لان أهم ما يحتاجه المحتاج هو الاستقرار في مكان، وهي فكرة أنجزت كأحسن ما يجب! وهي نموذج للعطاء للداخل، وقد اطلعت على جهود منشورة لنشاطات خيرية تصب في مصلحة المواطن المحتاج، وكأني بها عودة للوعي، بعد أن كان إعلامنا ينادي بمساعدة المحتاج في الخارج، وقد أخذته حماسة العطاء من دون أن يدركوا المأساة التي لا تحتاج إلى ذكر، وليس معنى هذا ألاّ يكون هناك من يساعد إخوانه المحتاجين في بلادهم، فهذا الأمر مظلته الآن جهات رسمية مسؤولة! أما العمل الخيري الفردي أو من خلال الجمعيات الخيرية، أو هيئات اغاثية محلية، فمؤكد أن العطاء الذي يتم في الداخل يشكرون على جهودهم فيه، وهم أدركوا بأنفسهم حاجة مجتمعهم الداخلي للمساعدة، بعد أن تحولت القلوب والأبصار إلى داخل الوطن! وأصبح هناك انضباط لكل صدقة وزكاة، وانها تذهب إلى من يستحقها وكما يريد من أخرجها. وبين الرؤية والفلك والعطاء... يبقى شهر رمضان شهراً يتجه فيه المؤمن إلى ربه مراجعاً عمله، فالعبادة سلوك وعمل، وليست امتناعاً عن الأكل والشرب، فهو إحساس بالآخرين وحرمانهم واستمتاع بقيمة العطاء، كما انه تهذيب للنفوس بممارسة الانضباط. ويبقى رمضان شهر الخير، ليعود بإذن الله على العرب والمسلمين، وتدعم السلام والأمن والوفاق! [email protected]