في الوقت الذي تندر فيه مشاهدة الرجل السعودي يعمل في مطبخ منزله، يتسابق الشباب هذه الأيام على توقيع عقود عمل في أشهر مطاعم الرياض. ويظن البعض أن من الجائز تصور مشهد الطباخ السعودي فقط في مطاعم"الكبسة"، لمكانة الأكلة الشعبية الأولى في وجدان السعوديين كما في بطونهم، غير أن المراهنة على ذلك تبدو خاسرة، خصوصاً إذا علمنا أن أكبر مطاعم"البيتزا"، الوجبة الإيطالية الأشهر، باتت تحضر خلطاتها السرية بأيدٍ سعودية. "هوايتي هي الطبخ، انا أستمتع كثيراً بممارسته، غير أنني لا أحب طبخ الأكلات السعودية، خصوصاً الكبسة، حتى جاءتني الفرصة لطبخ أكلتي المفضلة، إذ كنت أشارك أسرتي الطبخ في المنزل، عند قيامهم بإعداد طبق غير الكبسة"، هذا ما قاله متعهد الطبخ في أحد محالّ البيتزا"أحمد عبدالرحمن"، وهو يرتدي الزي الرسمي للطباخ، ويؤكد أنه يمضي أجمل ساعات يومه وهو يعد الطلبات للزبائن. ولا يرى أحمد، الذي لم يتجاوز ال22 من العمر، غرابة في وجوده كطباخ في مطعم بيتزا، مشيراً إلى أن زمان الكبسة والخجل من العمل الشريف توارى مع صفحات الجيل الماضي، ويضيف:"لا أظن أن أحداً يشك في أن جيل الشباب الحالي يختلف عن الأجيال السابقة، على الأقل في الثقافة، وإذا كانوا يرون العمل كطباخ أو سائق عيباً، فهذه ثقافتهم وهذا شأنهم، لكن ذلك اختلف مع جيلنا". ولا يجد أحمد حرجاً في إظهار هويته السعودية عند تعامله مع الزبائن، بل إنه يختلق الفرص لذلك، كنوع من الدعاية للمهنة، ويحكي:"كانت لدي مناوبة في أحد الأيام، وهو ما يعني أن أكون جاهزاً لتقديم الطلبات على المائدة، أو إيصالها إلى المنازل، وعند إيصالي طلباً لأحد المنازل، تحدثت مع صاحبه بشكل لبق، وقلت له أنصحكم بمقاطعة الكبسة وان يستبدلوا بها البيتزا، لأنها بصراحة ألذ، كما أنها أخف على البطن وعلى الجيب". وإذا كان حب الطبخ وفلسفة الجيل الجديد، هما دافع أحمد للعمل في محل البيتزا، فإن تقديس العمل وقضاء وقت الفراغ في نشاط مفيد، قادا الشاب ياسر إبراهيم للعمل نفسه، يقول:"قرأت الإعلان في الجريدة عن حاجة مطعم بيتزا لطباخ ومقدم طلبات وسائق توصيل، وبادرت على الفور بإبداء رغبتي، خصوصاً مع إمكان خفض وقت العمل إلى 4 ساعات، وهو ما يتناسب مع دراستي الجامعية. ويؤكد ياسر أنه فخور جداً بالعمل في المطعم، كما أن جميع من حوله يشجعونه على المضي في ذلك، ويقول:"العائلة سعيدة لمزاولتي مهنة شريفة، كما أن الزبائن يبادرون أيضاً بتشجيعي متى علموا أنني سعودي". ملمحاً إلى أن راتبه الذي يصل إلى 1200 ريال شهرياً، يساعده كثيراً في إدارة شؤون حياته. من جانبه، أوضح مدير المطعم عبدالرحيم محمد أن هناك إقبالاً كبيراً من الشباب السعودي على الوظائف التي يعرضونها، مشيراً إلى أن العاملين السعوديين أثبتوا نجاحهم في الأعمال التي قاموا بها، الأمر الذي أعطاهم ثقة أكبر في الشاب السعودي.