في حوار صريح يتحدث أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز، عن خططه المتدرجة لعلاج قضايا منطقة مكةالمكرمة وأزماتها بما أمكن من جهد ومدة زمنية محدودة. وبرزت خلال الحوار الموسع الذي خص به الأمير عبد المجيد صحيفة"الحياة" أكثر من قضية مرشحة للحل في قائمة أولويات الحاكم الإداري لمنطقة مكةالمكرمة. وتصدرت مشكلات توطين الوظائف بالشباب السعودي أولوية مهمة على خريطة عمل الأمير. كما كان لافتاً إصراره على إطلاق جملة من المشاريع التي تخدم"التنمية البشرية"وبناء الإنسان السعودي بمزيد من المعرفة والتدريب. ويعتقد أن إنشاء سلسلة من المشاريع الرئيسية في قطاع التدريب والتمكين من تقنية المعلومات هدف إستراتيجي يتم العمل على إنجازه بخطوات مدروسة. ويتبنى الأمير عبد المجيد منذ توليه مقاليد منصبه الجديد حاكماً إدارياً لمنطقة مكةالمكرمة في 18 شعبان 1420 هجرية قضية توظيف الشبان السعوديين، والقضاء على كلمة"عاطل"بين صفوفهم. لكن الأمير عبد المجيد لم ينس التأكيد على أن"كل المشاريع في منطقة مكةالمكرمة لها أهميتها الكبيرة في ذهني، وتشغل حصتها كاملة من الاهتمام اليومي". مشيراً إلى قضايا الخدمات كافة. وأعتبر أن مشاريع تطوير المنطقة المركزية للمسجد الحرام في مكةالمكرمة تعد نموذجاً لمستقبل مشاريع المنطقة، من حيث الحجم والتكامل بين عناصر المشروع الواحد. وتعهد الأمير عبد المجيد في أكثر من محطة في الحوار على العمل الدؤوب لخدمة منطقة مكةالمكرمةبمحافظاتها كافة. وتمنى أن تشهد المنطقة مزيداً من التطور من خلال رؤية أهالي المنطقة أنفسهم. وعبرّ عن اعتزازه بالتواصل مع الأهالي من خلال المجالس الأسبوعية المفتوحة. ووصف ما يتداول فيها من أفكار واقتراحات بأنه مهم ويستحق الأخذ بالنافع منه للمصلحة العامة. معتبراً أهالي المنطقة إلى جانب أهالي بقية المناطق الأخرى"عماد قوة المملكة ومصدر طاقتها من العقول النيرة وسلامة التوجه". وهنا نص الحوار: عرف عنكم من خلال توليكم مسؤولية إمارة عدد من المناطق في المملكة وإمساككم ببعض الملفات المهمة في مختلف الصُعد العمرانية والاقتصادية والتنظيمية والرياضية وغيرها، بالعمل وفق رؤية استراتيجية بعيدة المدى، فما نصيب منطقة مكةالمكرمة من هذه الرؤى الاستراتيجية؟ بفضل من الله توافرت للمملكة نعمة الاستقرار والأمن واستطاعت القيادة الحكيمة أن تجنّد الطاقات المادية والبشرية وتبذل ما في الوسع، لرسم خطط التنمية المستدامة وإحداث النهضة الحضارية الشاملة المؤسسة على دعائم راسخة من العقيدة الإسلامية الصحيحة وقيم الدين الفاضلة. وإن تمعنا في هذه القيم نجدها تحث الناس على عمارة الأرض بالخير في ظل الأمن والسلم الاجتماعي. فانطلقت مسيرة التنمية وتحولت حياة المواطن السعودي في الحواضر والبوادي إلى مستوى متقدم، تتوافر فيه مقومات الكسب وسبل العيش الكريم. ومع كل ما تحقق من إنجاز في زمن قياسي بفضل ما وضعته الدولة من استراتيجية وطنية وخطط تنموية، لم يركن المسؤولون إلى مقولة ليس بالإمكان أحسن مما كان. فلا تزال المسيرة تمضي قدماً، لتحقيق المزيد من التطوير والإصلاح والتنمية، عبر حوار وطني وبمشاركة العلماء وأهل الخبرة والرأي وأجيال الشباب والمرأة، مما يؤدي إلى دعم الرؤية الاستراتيجية بفكر متجدد يستشرف المستقبل البعيد لبلادنا. وما نحن في ذلك سوى منفذين لإرادة الأمة وملبين لطموحات القيادة الرشيدة، لتبلغ حركة التنمية والتطوير مقاصدها في رقي حياة المواطن السعودي ورفاهيته. وبالنسبة لمنطقة مكةالمكرمة، فلا شك أن مكانتها الدينية والتاريخية المهمة وموقعها المتميز وما فيها من كثافة سكانية مرتفعة، جعلها تحظى كسائر المناطق في المملكة باهتمام كبير من الدولة وعناية خاصة من القيادة الرشيدة، لا سيما مع تزايد وتيرة التوافد السنوي للمنطقة، لذا كان إنشاء الهيئة العليا لتطوير منطقة مكةالمكرمة، لرسم خطى التنمية الإقليمية والتنظيم العمراني للمنطقة وحل معضلات الحركة والنقل وتوفير الخدمات والمرافق العامة، بإيجاد قدر عال من التنسيق بين الأجهزة الحكومية والأهلية، مع فتح مجالات أرحب للقطاع الخاص للإسهام في خطط التطوير والتحديث والتنمية. مكةالمكرمة"العاصمة المقدسة"أخذت جانباً مهماً وكبيراً من اهتماماتكم.. أين كانت المشكلة الحقيقية فيها؟ وكيف تعاملتم معها؟ - مكةالمكرمة دائماً في أعلى اهتماماتنا جميعاً. والحمد لله أنها تستعد لأن تكون عاصمة العالم الإسلامي الثقافية، وهي بلا شك نواة الثقافة الإسلامية ومنبع سماتها الحضارية التي سادت وستظل سائدة بإذن الله في قلوب ملايين المسلمين ومحل اعتبار وهيبة في نفوس المنصفين من البشر. وفي مشاريع مكة وبكل صراحة فإن سمو ولي العهد الأمين يراجعني بنفسه وفي كل لحظة عما قدمنا وما سنقدمه لمكة، ولا يكل سمو سيدي الأمير عبد الله بن عبد العزيز من أن يوصيني فيها وبأهلها خير الوصية. ويوجه حفظه الله بالعمل ليل نهار لأن تكون مكةالمكرمة في صدارة مسؤولياتنا والأولى في قائمة نفقات المشاريع العامة نتيجة ما تجابهه من ضغط متزايد على الخدمات والمرافق العامة وما تحتاجه من تحديث مستمر للبُنى التحتية. وعلى كل حال فأن مشاريع مكة ستشهد انطلاقة أخرى بتوجيهات من سمو سيدي ولي العهد التي كانت من ثمارها تأسيس الهيئة العليا لتطوير منطقة مكةالمكرمة بهدف سام هو مواصلة التوسعات المتتالية لمشاريع مكة منذ عهد مؤسس المملكة العربية السعودية المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز. بالفعل فأن الهيئة العليا لتطوير مكةالمكرمة تبدو للناس وكأنها محرك الطاقة الهائل لتلبية حاجة مكة من المشاريع الرئيسية الجديدة وتخفيف الضغط على مشاريعها الخدمية ومرافقها العامة الحالية وتطويرها.. وسط هذه الحقائق على الأرض كيف ترى مستقبل الهيئة؟ - الحديث يطول عن ما يتم التخطيط لتنفيذه في منطقة مكةالمكرمة، ونحن نعرف أن مكةالمكرمة مدينة فريدة من حيث صفتها للعالم أجمع. وكانت من أكثر المدن استئثاراً بالدراسات التطويرية والخطط التنموية، ومن هذا المنظور نحن نحصل دائماً على توجيه قيادتنا الرشيدة بتنفيذ كثير من الدراسات التي لم تجد طريقها للتنفيذ لأسباب متعددة. والهيئة العليا اختير لها خيرة الرجالات وأفضل العقول لمدنا بالرأي الشرعي والعلمي والعملي لتطبيق أفضل ما يمكن من مشاريع تنموية وخدمية. ورؤيتي لمستقبل الهيئة العليا هي رؤية المحب والداعم بكل ما يملك لإنجاح مهامها في الدور المنتظر أن تتولاه لتنفيذ أفضل الإنجازات التي نتمنى مشاهدتها من وسائل نقل سريعة ومبان حديثة وخدمات عالية الجودة في المنطقة المركزية. وأرى أن الأخوة الأعزاء أعضاء الهيئة يبذلون قصارى جهودهم لإنجاح المخطط الإقليمي لمنطقة مكةالمكرمة، لتكون عبارة عن منظومة من المشروعات المتكاملة تستهدف دفع عملية التنمية بالمنطقة في مفهومها الشامل للوصول إلى تصور متكامل للجسم الاقتصادي والاجتماعي والعمراني بالمنطقة، وتحقيق الأهداف العامة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية على المستوى الوطني. وكما هو معروف فأن خطتنا للتنمية البشرية في المنطقة ترتكز على تأمين الحصيلة العلمية لأبناء المنطقة في مجالات العلم كافة وعلى رأسها حالياً تقنية المعلومات والمعرفة العصرية. ومما ننتظره من مهام الهيئة أن تنفذ مشاريعها وفق قوانين وأنظمة تكفل تمتع الأهالي والزوار بحقوقهم كافة. ما المشاريع الجديدة التي ستشهدها منطقة مكةالمكرمة في الفترة المقبلة؟ - عجلة المشاريع على مستوياتها كافة لا تتوقف في منطقة مكةالمكرمة، اليوم انتهينا من مشاريع، ونترقب افتتاح غيرها، وبعضها قطع مراحل مهمة، ونضع اللمسات النهائية لإطلاق مشاريع أخرى. إلا أن المهم عندي أننا نعيش دائماً مرحلة الإعداد المبكر لدراسات تأخذنا إلى تنفيذ مشاريع كبرى تراعي إمكانيات المنطقة من ناحية الكثافة البشرية سواء سكان دائمين أو قوافل زوار المسجد الحرام والمشاعر المقدسة. ولذلك تتنوع المشاريع لخدمة أكثر من غرض إما لأهالي المنطقة أو لإغراض تسهيل العمرة وفريضة الحج على ضيوف الرحمن وهذه من أولى اولوياتنا. إذاً لدينا قائمة لا تنته من المشاريع بتوجيه ودعم من قيادتنا حفظها الله وبتوجيه ودعم من سمو سيدي ولي العهد الأمين. ونحن في منطقة مكة نخوض في تفكير جاد وعملي في أن نضع أفضل ما يمكن وعلى أعلى المستويات في جميع المشاريع المستقبلية ليتم إنجازها وفق برنامج زمني يراعي التوسع الأفقي والعمودي في الإقبال على المنطقة. لكنكم لم تسموا مشروعاً بعينه؟ - إن كنت ترغب ذلك، فلا مانع أن نذكر واحداً من أهم وأضخم المشاريع التي بارك انطلاقتها سمو سيدي ولي العهد حفظه الله في شهر رمضان الماضي لتطوير المنطقة المركزية للمسجد الحرام والتي رصد لها أكثر من 31 بليون ريال.. وشخصياً وبحسب ما تؤكده الدراسات المعدة لهذا المشروع فأنه يمثل بالنسبة للمنطقة مشروعاً نموذجياً لما سنعمل عليه في مشاريع المستقبل الرئيسية لاحقاً، وهذا بغرض تحقيق أكثر من هدف تنموي وأساسي لازدهار منطقة مكةالمكرمة. مشروع من هذا الحجم يلبي الحاجة في جذب أموال الاستثمارات الكبرى للمنطقة، ويُشغل أيادي عاملهً في كل المجالات لتشغيل المشروع. والمهم أن الدولة تبادل مثل هذه المشاريع الموثوقة سرعة الموافقة على تأمين البنية التحتية. وفي محافظة جدة، لا ننس أننا قبل فترة قصيرة وقعنا عقوداً لتنفيذ المراحل الرئيسية من مشروع إنهاء مشاكل الصرف الصحي وكلها مرصود لها مبالغ تتناسب وحجم المنطقة. هذا مع الأخذ في الاعتبار بقية المشاريع المرصودة في محافظات ومراكز ونواحي المنطقة كافة. من خلال فعاليات انطلاقة مشاريع التطوير الكبرى التي رعاها ولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز، يلاحظ أن حركة التطوير تتركز على مدينة مكةالمكرمة وجوار الحرم المكي الشريف تحديداً، فما نصيب بقية مدن ومحافظات المنطقة من التطوير؟ انطلاق مسيرة التطوير من جوار الحرم المكي الشريف يأتي لاعتبارات تتعلق بتوفير السلامة الكافية لضيوف الرحمن، فمع تزايد أعداد الحجاج والمعتمرين والزوار سنوياً، لم تعد المنطقة المركزية في مكةالمكرمة تفي بالحاجة المتزايدة للخدمات والمرافق العامة وغيرها من الطرق والشوارع الكافية لانسيابية حركة المشاة والسيارات، لذا قامت مشاريع التطوير الكبرى بالمنطقة المركزية لمكةالمكرمة، بمجابهة هذه التحديات. وقد بدأت الهيئة بمشروع تطوير جبل عمر المتاخم للحرم المكي الشريف من الجهة الغربية ويتزامن مع تنفيذه مشروع طريق الملك عبد العزيز الموازي لشارع أم القرى، لتسهيل حركة المرور والنقل في أهم المحاور ازدحاماً بحركة السيارات على طريق مكة - جدة السريع، وهناك أيضاً مشروع تطوير مستشفى أجياد الذي سيخدم حالات الطوارئ بجوار الحرم الشريف، إضافة لعدد من المشاريع الكبرى الأخرى، كمشروع تطوير"جبل خندمة"ومشروع تطوير منطقة شمال الحرم المكي الشريف الشامية ومشروع تطوير"جبل الكعبة"، وكلها تصب في خدمة جوار الحرم المكي الشريف بمستوى يليق بقدسيته ويزيد من ساحات الصلاة، مع توفير الخدمات كالطرق ومسارات المشاة ومواقف السيارات وغيرها من الخدمات والمرافق العامة. وليتناغم تطوير المنطقة المركزية بمكةالمكرمة مع حركة التطوير بسائر الأحياء المكية، قامت الهيئة بتحديث المخطط الهيكلي لمكةالمكرمة الذي وضعته أمانة العاصمة المقدسة ومن خلاله رسمت الهيئة رؤية استراتيجية لتطوير المدينة المقدسة. ومشاريع التطوير ليست حكراً على مكةالمكرمة، بل تشمل كامل المنطقة بمختلف محافظاتها ووحداتها الإدارية. فهناك عدد من المشاريع التي تتولاها الهيئة كتطوير المناطق العفوية العشوائية بمحافظتي جدةوالطائف ومشروع تطوير الكورنيش الأوسط بجدة، بالإضافة للمشروعات التي تتولاها الأمانات والبلديات بالمنطقة. وتعكف الهيئة حالياً على وضع المخطط الإقليمي، ليكون الموجه لحركة التطوير والتنمية بمنطقة مكةالمكرمة على مدى الخمس وعشرين سنة المقبلة. حديثكم عن المشروعات التي تنفذها الهيئة العليا لتطوير منطقة مكةالمكرمة يوحي بأن عملية التطوير اختزلت في التخطيط العمراني، فماذا عن تطوير الجوانب الأخرى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؟ لتحقيق التطوير الشامل، لا بد من توفير البيئة الملائمة للتنمية البشرية والمادية، فالرقي بالجوانب الاقتصادية سواء التجارية أو الصناعية أو السياحية أو الخدمية، يتطلب قدراً كبيراً من التخطيط العمراني وإقامة البنيات التحتية، إذ لا يمكن توفير القدر الكافي من المدارس والمستشفيات وغيرها من الخدمات في أحياء عشوائية ذات مبان متهالكة وكذلك الحال عند الحديث عن نهضة ثقافية ورياضية، لا بد من بناء مدن رياضية وأندية ومراكز ثقافية تستوعب طاقات الشباب الحيوية المتدفقة. والهيئة العليا لتطوير منطقة مكةالمكرمة، تتبنى التطوير بمفهومه الشامل عمرانياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، ولها إسهامات فاعلة في الكثير من المؤتمرات والندوات المحلية والعالمية، هذا غير ما تقوم به من استضافة للأنشطة والبرامج الثقافية لبعض الجمعيات الوطنية، في سبيل بث الوعي العام والثقافة التنموية والتطويرية الواسعة. ذكرتم العشوائيات ذات المباني المتهالكة، وهي سمة المدن القديمة التي لم تحظ بتخطيط عمراني يتناسب مع متطلبات العصر، كيف عالجت الهيئة مشاكل الملكيات والحيازات الصغيرة المتداخلة لسكان تلك المناطق؟ أدركت الهيئة العليا لتطوير منطقة مكةالمكرمة أن تخطيط وتنظيم المنطقة المركزية بمكةالمكرمة، يتطلب مشاركة الملاك وتعاون المطورين والمستثمرين والملاك في العملية التطويرية، بما يحفظ حقوق الجميع المادية والعينية والفكرية، فوضعت الهيئة منهجية تطوير مكةالمكرمة التي عكف على دراستها عدد من الخبراء والمختصين وأجازتها اللجنة الشرعية للهيئة برئاسة رئيس مجلس الشورى وعضو هيئة كبار العلماء الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد. ولقد أعطت هذه المنهجية خيارات واسعة لملاك العقارات في المساهمة في التطوير، بالمشاركة مع المطور أو التطوير بأنفسهم، بمشاركة الملكيات الأخرى المجاورة أو البيع لمن يرغب. وتبنت الهيئة في مشروع تطوير جبل عمر الواقع في منطقة عشوائية مجاورة للحرم المكي الشريف الأسس العامة لتطوير منطقة جبل عمر، التي أكدت منهجية التطوير، وأشارت إلى تأسيس شراكة بين الملاك في هيئة شركة مساهمة عامة يتاح فيها المجال لجميع ملاك الجبل، بمشاركة كل منهم بأقيام عقاراتهم كأسهم في الشركة المطورة وذلك برضاهم ورغبتهم. وقد مكنت منهجية التطوير وأسسه من مساهمة غالبية ملاك جبل عمر في التطوير. ووجهنا مؤخراً بإعادة فتح باب مشاركة الملاك في شركة جبل عمر للتطوير تحت التأسيس وتمديد فترة المساهمة إلى نهاية العام الهجري الحالي وبعدها ستستمر عملية الهدم والإزالة، تمهيداً لبناء المشروع التطويري العملاق. إنجاز المشاريع الكبرى بالمنطقة المركزية بشكل متزامن، ألا يؤدي إلى كساد في سوق العقار ويضعف الحركة التجارية والسياحية بالمنطقة المركزية لمكةالمكرمة؟ تشهد المنطقة تدفقات هائلة من الحجاج والمعتمرين والزوار من داخل المملكة وخارجها. ولاعتبارات تتعلق بالسلامة لضيوف الرحمن، أخذت المملكة منذ سنوات في تحديد نسب التوافد من الدول الإسلامية وتوزيعها على مواسم الحج والعمرة، فهناك زيادة سنوية في طلبات تأشيرات الحج والعمرة، هذا بالإضافة للزيادة السنوية في الكثافة السكانية بالمملكة وارتفاع الطلب على المساكن، لذا فإن الهيئة حددت الكثافة السكانية في المنطقة المركزية بواقع 1000 إلى 1500 شخص في الهكتار كحد أقصى، مراعاة لاعتبارات السلامة مع تخصيص نسبة 30 في المئة للإسكان الدائم بالمنطقة المركزية ونسبة 70 في المئة للإسكان الموسمي. فمعظم سكان المنطقة المركزية بمكةالمكرمة انتقلوا إلى خارجها، لعدم توافر الخدمات والمرافق العامة الضرورية وتنامي معضلات الحركة والنقل وبإيجاد الحلول لهذه المعضلات عبر مشاريع التطوير ستصبح المنطقة المركزية بمكةالمكرمة منطقة جذب استثماري سكني وتجاري وفندقي يعود بالنفع على الجميع من ملاك ومستثمرين ومطورين. مشاريع الهيئة تسهم في تنشيط السياحة والزيارة للمملكة.. هذا مع وجود هيئات أخرى تتولى أدواراً تبدو وكأنها متطابقة مثل هيئة السياحة وهيئة تطوير مكةوالمدينة والمشاعر ألا يخلق ذلك تضارباً في المهام؟ وكيف يجرى التنسيق بين هذه الهيئات؟ ليس هناك ثمة تضارب بين هذه الهيئات الثلاث فهيئة السياحة معنية بالشأن السياحي العام في المملكة وهيئة تطوير مكةوالمدينة والمشاعر معنية بتطوير وتنظيم المشاعر المقدسة وشؤون الحج، أما الهيئة العليا لتطوير منطقة مكةالمكرمة فتتولى تطوير المنطقة بمدنها ومحافظاتها المختلفة وهي هيئة متخصصة في مجال يضيف ويتكامل مع هذه الهيئات ولا يتقاطع معها، كما أن هناك تنسيقاً عالي المستوى مع هذه الهيئات يمنع تضارب الاختصاصات ويلتزم بما خول لكل هيئة من صلاحيات. يزداد عدد الحجاج في كل عام.. وهو ما يرفع الحاجة سنوياً لمشاريع تواكب نمو ضيوف بيت الله الحرام.. فكيف ترى هذه النقطة تحديداً، وما هي إستراتيجية الدولة في هذا الجانب؟ - هذا سؤال مهمات حين نأخذه في سياق تطوير منطقة المشاعر المقدسة وهي إحدى مهمات الهيئة العليا، حيث اعتمدت فكرة المخطط الهيكلي لمنطقة المشاعر المقدسة على 11 محوراً رئيسياً يأتي في مقدمها استيعاب عدد الحجاج الإجمالي المتوقع حتى عام 1450 هجرية بحدود أربعة ملايين حاج بينهم 2.6 مليون من حجاج الداخل. ونملك تصورات دقيقة عن كل خطوة في هذا السبيل لتأمين مشاريع ضخمة تتناسب مع الزيادة الطردية للحجاج كل عام. ومن بين محاور المخطط طموح الهيئة العليا أن تبدأ في تطوير واستغلال سفوح الجبال القابلة للتطوير خصوصاً في منطقة منى كمناطق للإيواء في هيئة عمارات متعددة الطوابق على مصاطب متدرجة لزيادة الاستيعاب بهذا المشعر. وبفضل الحوار والمناقشات الصريحة والتي تسمي الأشياء بأسمائها خلصنا إلى تبني مبدأ أن يتحدد عدد الحجاج بناء على جانب العرض وإمكانيات الاستيعاب وليس جانب الطلب، ونهدف من هذا المبدأ أن تسنح الفرصة للقطاعات الخدمية في الحج تقديم طاقاتها كاملة داخل الحدود المتاحة على الأرض. كما أننا نجد في تقسيم مناطق المشاعر الثلاث، منى، ومزدلفة، وعرفات، إلى مناطق لخدمة مؤسسات الطوافة وحجاج الداخل، وتقسيم كل منطقة إلى أربعة قطاعات متماثلة بكل مشعر بحيث يستوعب القطاع الواحد عدداً يتراوح بين 150 ألف حاج إلى 200 ألف، من أفضل الخيارات في توظيف المساحة الضيقة مع الإمكانيات الهائلة. ولأجل ذلك أعتمد المخطط الهيكلي لمنطقة المشاعر المقدسة مسألة أن يقتصر استخدام الأراضي الواقعة داخل حدود المشاعر الثلاث على الإيواء والمرافق الضرورية فقط مع نقل كافة المرافق والمواقف والخدمات الأخرى للمناطق البينية بين حدود المشاعر. كما سنشجع وندعم اتجاه قضاء بعض الحجيج جزء من الليل فقط بمنطقة منى على أن يتم تطوير هذا الاقتراح بالتوازي مع توفير وتخصيص الأماكن اللازمة والمجهزة بالخدمات لهذا النوع من الحجيج لتفادي مشكلة افتراش مسارات المشاة والسيارات. وتعرف أن تسهيل المواصلات واحد من أهم أعمدة نجاح مواسم الحج، ونحن حين نمسك بزمام الأفكار الخلاقة نلقى ذلك النجاح، لذا اعتمد المخطط الهيكلي حزمة من الأفكار التي ستطبق بالتزامن مع التوسع المنتظر في كثافة الحجاج. ومن تلك الأفكار التي ستسهل عملية المواصلات السريعة والآمنة استخدام وتعميم نظام النقل الترددي بالحافلات من خلال طرق حرة ومزدوجة لتسيير الحركة الترددية. وسنفصل حركة المشاة عن طرق السيارات ووضعها في أقصر مسار بين المشاعر لراحتهم. وهنا سنزود المشاعر بمزيد من طرق المشاة العرضية للتجميع من قطاعات الإيواء. كما سنشق نفقاً أو مساراً علوياً للطوارئ والخدمات يبدأ من عرفات وينتهي خارج منطقة المشاعر ويرتبط في الوقت نفسه بطريق الطائف في الجنوب الشرقي والدائري الثالث وحتى مستشفى الملك فيصل في الشمال الغربي. وحسب المعطيات على أرض المشاعر فأننا سنضطر إلى منع وقوف الحافلات داخل المشاعر وإنشاء مواقف للحافلات خارج الحدود الشرعية للمشاعر في المناطق البينية. إلا أننا سنعوض ذلك ببدائل أخرى كالتوسع في إنشاء مسار علوي"لخط مونوريل"يسير أعلى مسار المشاة الرئيسي ليبدأ من محطة السكك الحديدية الإقليمية على حدود عرفات ويمتد داخل المشاعر الثلاثة وينتهي عند الحرم الشريف كوسيلة نقل سريعة إضافية على المدى البعيد بحول الله. أعُلنت أخيراً الموازنة العامة للدولة فكم تقدر الموازنة المرصودة للمنطقة في خطة التنمية الثامنة؟ - موازنة منطقة مكةالمكرمة تجد من الدولة كل اهتمام نظراً لطبيعتها كوجهة موسمية لملايين من المعتمرين والحجاج. ودعني أجدد الحديث عن أن ولاة أمر هذه البلاد الطاهرة يؤكدون على نحو شخصي، وكذلك أمام الناس بأن تكون الأماكن المقدسة هي رأس قائمة اولوياتنا. ومن أنعم الله عليه بشرف خدمة البقاع المقدسة فأن كثير عمله قليل، وهذا بإذن الله سيكون حافزاً لمضاعفة جهودنا بلا كلل أو تراخ. وقبل أن تسألني عن رقم محدد للموازنة، فأني أؤكد لك أنها موازنة خير ووفرة ستغطي مشاريعنا ذات الأولوية في المنطقة. وإذا لاحظنا فسنجد أن موازنة منطقة مكة يزداد حجمها عاماً بعد عام. وما هي المشاريع التي تحظى بأولوية اهتمامكم؟ - كل المشاريع في منطقة مكةالمكرمة لها أهميتها الكبيرة في ذهني وتشغل حصتها كاملة من الاهتمام، لأنها بالتأكيد لم تكن مشروعاً حكومياً إلا ولها فائدة وتسهل على المواطنين شؤونهم. إنما تبرز من بين تلك القائمة مشاريع التنمية البشرية، أي تدريب المواطن السعودي في كل المجالات العصرية على التقاط رزقه بعمل يده. اليوم لا يمكنني أن أؤخر الاهتمام في العمل على إيجاد أرضية مشاريع رئيسية في قطاع تقنية المعلومات، كل الشواهد تقول أنها جسر متين للمستقبل الآمن لكل إنسان قادر على توظيفها في ما ينفع مجتمعه ووطنه. ألهذا نرى أنكم تشجعون خطوات المستثمرين على بناء مدينة لعلوم التقنية في منطقة الشميسي في منطقة مكةالمكرمة؟ - المدينة مشروع له فوائد علمية لا تقدر بثمن في صناعة التنمية البشرية للإنسان السعودي. ولن أتردد في دعم وتشجيع أي مشروع حيوي مثل هذه الدوحة العلمية التي ننتظر قريباً قطف ثمارها العلمية في عقول أبنائنا الطلبة. كيف ترى تفاعل المسؤول والمواطن في المرحلة الماضية من تاريخ المنطقة؟ - ما أفهمه جيداً أن أهالي منطقة مكةالمكرمة، كما بقية المناطق في وطننا الكريم، والتي كان لي شرف خدمتها، هم عماد قوة المملكة ومصدر طاقتها من العقول النيرة وسلامة التوجه. وأجد أهالي المنطقة يحيطون بي في المجالس المفتوحة المخصصة لرؤيتهم والتحاور معهم. والحمد لله يأتون ويتفاعلون في قضايانا وهمومنا.. أن كان على مستوى إحدى المحافظات أو حتى على مستوى المملكة. وهم من خيرة الناس ولله الحمد، وسأصل معهم إلى أفضل درجة من التفاعل يمكن لنا تحقيقها لخدمة منطقة مكة وأهاليها الأعزاء. إلا أنني أدعو الجميع إلى عدم التردد في الحضور إلى المجلس.. مجلسهم، وطرق أي موضوع يرون أن فيه مصلحة للشأن العام. وكما هو معروف فأن قاعدة الحديث في المجلس مبنية على الثقة والتقدير لكل الآراء في جو صريح ونقي من شوائب الظن. تصريف مياه الأمطار، شبكة المياه والصرف الصحي، نقص المياه، البيروقراطية، نقص الخدمات المساندة كلها ملفات معقدة عاشتها مدينة جدة، كيف تعامل معها الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز في الفترة الماضية؟ وما الحلول المطروحة بين يديكم؟ - سؤالكم مفتوح على قضايا تتصدر اهتمامنا جميعاً كأجهزة حكومية وأهالي منطقة مكةالمكرمة كافة. وفي مجلس أهالي مكةالمكرمة ومثله الذي في جدة فيه عن مثل هذه المشاكل وغيرها. والحديث صريح إلى أعلى سقف من الصراحة والثقة المتبادلة، على الأخص في الأدوات التي تجعلنا نكسر طوق البيروقراطية. أما مسائل الخدمات العامة، فمشروع تصريف مياه الأمطار حاز اهتماماً قطعنا فيه مرحلة لا بأس بها، وتم رصد 7 بلايين من أصل 14 بليون ريال تنهي مشاكل الصرف الصحي في هذه المدينة التي تعد بوابة الحرمين الشريفين، لما لها من مكانة اقتصادية على مستوى العالم. والمراحل الأخرى في الطريق. وقطعنا في مشروع الصرف الصحي مراحل مهمة. ووقعنا قبل أيام، عقوداً كبيرة من شأنها حل أجزاء رئيسية من مشاكل الصرف الصحي. ومبدئياً هناك موافقات على سبعة بلايين ريال لتحسين وتطوير البنية التحتية لخدمة الصرف الصحي في جدة، فضلاً عن باقي محافظات المنطقة. ولدينا خطط لا تتوقف في تطوير وتوسيع الخدمات المساندة ونرصد لها حصة عالية وهامة من قيمة موازنة المنطقة. ويأتيني في مجلس الأهالي من الإخوة المواطنين من يتحدث عن نتائج المشاريع وشعوره المباشر نحوها. والحمد لله هناك من يثمن هذه المشاريع ويعرف الجهد المبذول والنفقات العالية التي صرفت لإنجازها. وما تنتظره محافظة جدة وبقية المحافظات في المستقبل القريب والمتوسط سيجعل من مستقبلها مستقبلاً آمناً من حيث الناحية الخدمية وتوفير البنية التحتية في المشاريع الرئيسية كافة والخدمات المساندة لها. وأين دور شركة"جدة القابضة"من خريطة المشاريع الكبرى.. كما هو معلن سابقاً؟ - شركة جدة القابضة، هي شركة رائدة في فكرتها وتوجهها. ومن خلال مسيرتها، منذ تأسيسها إلى حد الآن، أعدت الكثير من الدراسات لمختلف المشاريع، بداية بمشروع"الصرف الصحي لمدينة جدة"ومروراً بالكثير من المشاريع الخدمية والسياحية والسكنية. وجاء هذا الدور من خلال الشركات المنضوية تحت مظلة"جدة القابضة"التي ساهمت بشكل غير مباشر في حل الكثير من المشاكل الخدمية في مدينة جدة وخصوصاً الصرف الصحي. ويوجد توجه الآن لاستكمال رأس المال المدفوع، حيث إن ما دفع إلى الآن يشكل ربع قيمة رأسمال الشركة، ومن ثم زيادة المال للدخول في مشروعات تطويرية سكنية وخدمية كبيرة، مثل تطوير المناطق العفوية العشوائية ومثلها، سيتم الإعلان عنها قريباً من خلال الاجتماع المقبل للجمعية العمومية للشركة. كثيرة هي المشاريع التي تحظى باهتمامكم، وتعتبر فئة الشباب واحدة من فئات المجتمع التي تلقى نصيباً من ذلك، ورأينا مشروع نادي الطالب العلمي، إلا أن الشباب يطمحون في تأسيس كيان لهم، لتداول أفكارهم خاصة ونحن في خضم الحوار الوطني. - لم أسمع من قيادتنا العليا حفظهم الله إلا كل ما فيه الخير لهذه الفئة الرئيسية والثمينة في مجتمعنا، وكلنا نستلهم عظم الدور الذي يمكن لهم أن يتولوه مستقبلاً، وهذا ما يدفعنا إلى فتح عقولنا وقلوبنا لاحتياجات الشباب والعمل على تسخيرها. ونحن مع كل ما يدفع بهذا الاتجاه. وأؤكد أن هذه الفئة الثمينة التي اعتبرها الاستثمار الحقيقي لمستقبل المملكة العربية السعودية ستجد كل مساعدة وعون من الجميع. إلا أن عليهم مسؤولية كبرى في فتح قلوبهم وعقولهم لما فيه خيرهم. ولعل من الخير أن أجدد الدعوة لهم إلى طريق التنور بزاد العلم والمعرفة، وهذا ليس توجيهاً من عندي أو نصيحة بل هو أمر من الله عز وجل. ولمعلوماتك فإنه لا يسرني في هذه الحياة شيء مثل أن اجلس مع شباب متعلم مثقف متسلح بالثقة بتوفيق الله ومكارم الأخلاق. حين أجد شاباً من هذه الفئة المباركة بتوفيق الله لا يمكنني إلا أن أثق في مستقبل المملكة. ومن خلال رئاستي للنادي العلمي السعودي شاهدت خيرة من الأبناء الذين لا يقلون في مستواهم العلمي عن أقرانهم من أعلى دول العالم تقدماً. المشروع الوطني للتدريب والتوظيف ما زال في بدايته. كيف ترون مساهمته حتى الآن؟ وهل هو في الاتجاه الصحيح، وبالذات أن القطاع الخاص ما زال يتحفظ على التوظيف الإجباري؟ من الناحية الزمنية فإن المشروع الوطني للتدريب والتوظيف ليس في بدايته، حيث تم إنشاؤه في مطلع عام 1421ه. ويأتي إنشاء المشروع الوطني للتدريب والتوظيف بإمارة منطقة مكةالمكرمة امتداداً وتطويراً للدور المناط بإمارات المناطق والمتمثل في الاهتمام بتنمية المنطقة ومعالجة قضايا المواطنين وإيجاد الحلول للقضايا الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها المجتمع والتي من أهمها قضية البطالة. لذا فإن إنشاء المشروع الوطني للتدريب والتوظيف بإمارة منطقة مكةالمكرمة لتأهيل العمالة الوطنية وإعدادها لسوق العمل، يعتبر من أهم الثوابت الاقتصادية التي تعتمد عليها خطط التنمية الاقتصادية، والتي تحظى باهتمام كبير من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز وولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز. وإن المتتبع لخطط التنمية الاقتصادية في المملكة والميزانيات السنوية، يدرك الاهتمام الذي توليه حكومتنا الرشيدة بتنمية الموارد البشرية. وكما قلت سابقاً ويسرني أن أؤكد عليه مجدداً فإن هذا المحور يحظى بالنصيب الأعظم من المخصصات المالية لخطط التنمية الاقتصادية وميزانيات الدولة السنوية. أما من ناحية إنجازات المشروع، فإنه بفضل الله قد حقق الكثير من الإنجازات وواكب متطلبات السوق من العمالة الوطنية المؤهلة وقام بتنفيذ الكثير من الدورات التدريبية بالتنسيق والتعاون مع القطاع الخاص في مجالات كثيرة، منها: السفر والسياحة، والذهب والمجوهرات، وتقنية المعلومات، والأعمال الجمركية، والخدمات الصحية، والمبيعات. وأراه الآن، ولله الحمد، وفر الآلاف من الفرص الوظيفية للمواطنين وفي مقدمتهم الشباب، وذلك في الأنشطة الاقتصادية كافة مثل الفنادق ووكالات السفر والسياحة والمستشفيات الأهلية، ومدارس التعليم الأهلي، والمدن الصناعية، والمحلات التجارية، والشركات، والمؤسسات المختلفة. إلا أن من المؤكد أننا لن نتوقف، بل سيكون هناك المزيد من الفرص المهمة. ولم يتوقف المشروع الوطني للتدريب والتوظيف، ولن يتوقف، بل نجده أبدى اهتماماً خاصاً لتدريب وتوظيف أبنائنا من ذوي الاحتياجات الخاصة من المعاقين والصم والبكم. وتم إنشاء وحدة خاصة بالمشروع للاهتمام بهذه الفئة الغالية على قلوبنا، تعزيزاً للمفاهيم الدينية ومبادئ التكافل الاجتماعي الذي حث عليه ديننا الحنيف، حيث تم في العام الماضي تقديم 836 منحة تدريبية لهذه الفئة، قدمها عدد من معاهد التدريب الأهلية، مما وفر المئات من الفرص الوظيفية لهذه الفئة من المواطنين. ومن أهم الإنجازات التي قدمها المشروع فتح قنوات جديدة لعمل المرأة السعودية، وذلك تمشياً مع ما صدر في الآونة الأخيرة من قرارات من قبل مجلس الوزراء الموقر، بخصوص توسيع قاعدة عمل المرأة السعودية. وخلال هذه السنة تم توظيف 950 مواطنة سعودية في أكثر من 30 شركة ومؤسسة بالمنطقة في مجالات جديدة، مثل المحاسبة، والإدارة المالية، وإدخال البيانات، والتسويق والمبيعات، والخدمات الغذائية وأخصائيات تجميل وعاملات إنتاج، ومشغلات الآلات. ويتم ذلك في بيئة شرعية تضمن عدم الاختلاط، كما يتبع المشروع الوطني للتدريب والتوظيف بإمارة المنطقة، مجلس استشاري نسائي يمثله عدد من سيدات الأعمال والأكاديميات اللاتي لهن اهتمام بقضايا تدريب وتوظيف المرأة السعودية، حيث يتولى هذا المجلس دراسة الفرص الوظيفية للمرأة وتحديد الاحتياجات التدريبية التي تحتاجها المرأة السعودية. كما أنشأ المشروع الوطني للتدريب والتوظيف موقعاً إلكترونياً للتوظيف على الشبكة العالمية إنترنت، www.123job.org. ومهمته الربط بين طالبي الوظائف والفرص الوظيفية المتوافرة ومتابعة التوظيف آلياً. كما يقدم الموقع خدمات لرجال الأعمال والشركات تتعلق بالأنظمة والتعليمات والبحوث والدراسات عن سوق العمل. ويسعى المشروع في الآونة الأخيرة إلى إحداث نقلة نوعية في الخدمات التي يقدمها للقطاع الخاص ولسوق العمل بصفة عامة وذلك بإنشاء الشركة الوطنية للتدريب وتوطين الوظائف والتي آمل أن ترى النور قريباً إن شاء الله. وتهدف هذه الشركة إلى مساعدة القطاع الخاص في عملية توطين الوظائف عن طريق تطوير إدارات الموارد البشرية وإدارات التدريب داخل المنشآت، لأن هذه الخطوة تعتبر البنية الأساسية لتوطين الوظائف داخل منشآت القطاع الخاص. وهذه الشركة إذا كتب لها النجاح إن شاء الله تعزز التعاون بين الأهداف التي تسعى إليها الدولة والقطاع الخاص في مجال توطين العمالة. وعلى الرغم مما حققه المشروع الوطني للتدريب من إنجازات، إلا أنني أؤكد أننا ما زلنا في بداية الطريق. أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال من أن القطاع الخاص ما زال يتحفظ على التوظيف الإجباري. أود أن أوضح أن جميع برامج التدريب والتوظيف التي قام بها المشروع الوطني للتدريب والتوظيف تمت بالتنسيق مع أرباب الأعمال، من خلال لجان الأنشطة بالغرف التجارية الصناعية، وذلك لقناعتنا الكاملة بأن القطاع الخاص شريك أساسي في عملية توطين الوظائف. ولكن هذا لا ينفي عدم التعاون وسوء الفهم بين القطاعين العام والخاص. وهذا شيء طبيعي ويحدث في الدول المتقدمة التي يوجد بها نماذج مشاركة فعالة بين هذين القطاعين، حيث توجد شكاوى متبادلة بين الحكومات ورجال الأعمال وهذا يعتبر في تقديري ظاهرة صحية تدل على التفاعل المتبادل. ورغم تعاون بعض المنشآت في القطاع الخاص السعودي في تنفيذ برامج ناجحة للتدريب والتوظيف مع القطاع العام، مثل البرامج التي يقدمها صندوق تنمية الموارد البشرية. وبرامج أخرى، مثل التنظيم الوطني المشترك، وغيرها من برامج إمارات المناطق، إلا أنني ما زلت أعتقد أن القطاع الخاص السعودي لم يقم بعد بدور مماثل للقطاع الخاص في بعض الدول المتقدمة والنامية. وخلاصة القول، إن مواجهة هذا التحدي لا يمكن أن يتحملها طرف واحد، بل لا بد من تضافر الجهود من قبل الدولة والقطاع الخاص وإنني آمل أن يمثل المشروع الوطني للتدريب والتوظيف بإمارة المنطقة وغيره من البرامج الأخرى ركائز أساسية لبناء مشاركة فعالة بين القطاعين العام والخاص، لإيجاد برامج تدريب وتوظيف ناجحة تتسم بالمرونة والواقعية. وإنني متفائل أنه باستطاعتنا تجاوز مثل هذه التحديات، كما تجاوزنا الكثير منها في مسيرتنا التنموية بإذن الله. من الشباب إلى المرأة، رأينا أنكم قدمتم دعماً لمشروع لجنة صاحبات الأعمال، فكيف ترون مستقبل هذه اللجنة، وهل تسير في الطريق الصحيح؟ - طبعاً، هي في الطريق الصحيح بإذن الله، ونساء جدة أثبتن قدرتهن العالية في معرفة دورهن كنساء يحملن رسالة المرأة المسلمة العاملة المنتجة النافعة لدينها وزوجها في تربية النشء السليم. وجاء تشكيل لجنة صاحبات الأعمال كواحدة من مبادرات الدائرة الاقتصادية الاجتماعية التابعة لإمارة منطقة مكةالمكرمة. والدائرة الاقتصادية الاجتماعية تهدف إلى رفع المستوى المعيشي للمواطن وتشجيع الاستثمار في المنطقة ودعم النشاط الاقتصادي بوجه عام. ونظراً لأن المرأة تشكل نصف المجتمع، كما أنها أصبحت على درجة عالية من التعليم وبدأت تشارك في النشاط الاقتصادي والاستثماري، فقد شُكلت لجنة صاحبات الأعمال برئاسة الأميرة عادلة بنت عبد العزيز، لكي تكون حلقة وصل في ما بين صاحبات الأعمال، ولكي تعمل على توفير المساندة لهن بشكل عام، بحيث يراعي ذلك متطلبات الشريعة السمحة وظروف المرأة السعودية. ونظراً للعلاقة الوثيقة بين عمل اللجنة وعمل الغرفة التجارية الصناعية في محافظة جدة ولكي نوفر لهذه اللجنة المكان الملائم للعمل، ودعمها في حاجاتها المكتبية تقرر إلحاقاً هذه اللجنة بالغرفة. وتماشياً مع التطور في دور صاحبات الأعمال ودور المرأة في المجتمع والاقتصاد وتوسع المجالات التي تحتاج إليها صاحبات الأعمال، تم تطوير اللجنة لتصبح مركزاً متكاملاً تحت مسمى"مركز السيدة خديجة بنت خويلد"، لدعم صاحبات الأعمال. واضطلع المركز بالكثير من المبادرات التي تدعم صاحبات الأعمال وتساعدهن وتعمل على دعم وتدريب الطالبات والخريجات وغير ذلك من المهام. وما أراه أن لجنة صاحبات الأعمال سجلت بحمد الله نجاحات جيدة ويسعى مركز السيدة خديجة بنت خويلد الآن إلى مزيد من تطوير ذلك العمل وزيادة فعالياته.