سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
زارها 350 شخصية من ملوك ورؤساء ووزراء ... والسعوديون يجهلون موقعها . المنطقة التاريخية في جدة تتجاهل عقوق ذوي القربى ومرسوم ملكي "يفك قيدها" لتلعب دوراً في استقطاب الزوار
إن قدّر لإنسان زيارة المنطقة التاريخية، حيث قلب جدة النابض، متعمقاً في بعدها التاريخي، ومعرفة الشخصيات البارزة التي زارتها من ملوك ورؤساء دول وأمراء، فحتماً سيجد الزائر نفسه محاطاً بتساؤلات عدة. الخطوة الأولى في الزيارة يتبادر إلى ذهن الزائر سؤال عن غياب"السياح السعوديين"عن ذلك المشهد المليء بالمؤثرات التاريخية والأثرية، بل ربما يتطور السؤال ليصل إلى لماذا يعزف السعوديون عن زيارة الأماكن الأثرية.. حتى عن منطقة تاريخية في قلب إحدى أجمل مدنهم؟! وهل تعود الأسباب إلى عدم اكتراثهم بالتراث؟ أم لجهلهم بها؟ أو لغياب خدمة الإرشاد السياحي للاستدلال على هذه المواقع؟ ولماذا أكثر قاصديها وزوارها من العرب والأجانب؟ وقد يزيد الأمر تعقيداً وحيرة عندما يعلم الزائر أن نسبة لافتة من أصحاب المنازل الأثرية التي يتجاوز عمر بعضها 350 عاماً هجروها ولم يعودوا لزيارتها أو حتى التفكير بترميمها. أمام هذه الحقائق المتناقضة اعترف المسؤولون في أمانة محافظة جدة بأن أسباب عزوف السعوديين عن المنطقة التاريخية وأسواقها وتراثها يعود إلى عدم معرفة الكثير منهم بها، لقصور الجهات المعنية في إطلاق الحملات الإعلامية والترويج للمناطق التاريخية، مقارنة بالترويج للمهرجانات الفنية التي تطلق في كل عام. ومع ذلك إلا أن المسؤولين عن المنطقة التاريخية يشعرون بالتفاؤل في إحياء المنطقة وإشهارها أمام قاصدي جدة. وما يدفعهم لهذا التفاؤل صدور مرسوم ملكي قبل خمسة أعوام تحديداً يحمل الرقم 9 قضى بإنشاء الهيئة العليا للسياحة تأكيداً على اعتماد قطاع السياحة باعتباره قطاعاً ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً مهماً، وتأكيداً أن السياحة الداخلية واقع وطني يستلزم تخطيط الجهات المسؤولة لتطويره وتنميته. وهنا يؤكد مدير المنطقة التاريخية المهندس سامي نوار أن تظافر الجهات المختصة المعنية بالسياحة في السعودية سيؤدي إلى جلب السياح والزوار، واستغلال موسمي الحج والعمرة في الترويج للمنطقة التاريخية لما تحمله من معالم إسلامية تاريخية. مشيراً إلى أن الهيئة العليا للسياحة لديها برنامج طموح للتعريف بالمواقع السياحية والأثرية إضافة إلى البرامج المعدة للوفود الرسمية، والسياح. وأشار المهندس نوار إلى مشروع الملك عبد العزيز لتطوير المنطقة التاريخية وتنميتها، ومتابعة مشاريع صيانة المباني التاريخية وإعادة تأهيلها ووضع الخطط لتطوير المزارات السياحية، والمشروع وضع فكرته ومسماه أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز، في الشهر الثاني من العام الهجري 1423 كما اعتمدت اللجنة العليا التي يرأسها أمير مكةالمكرمة المبادئ الأساسية للمشروع وأهدافه وأعضاء اللجنة التنفيذية للمشروع ويرأسها أمين جدة. ويهدف المشروع إلى المحافظة على المنطقة التاريخية واستمرارها مركزاً ثقافياً يعكس الهوية والأصالة الحضارية لمحافظة جدة، إلى جانب تأهيل المنطقة وتنميتها عمرانياً واقتصادياً واجتماعياً وسياحياً. وتحقيق التكامل والارتباط بين المنطقة التاريخية ومحيطها العمراني، وتحقيق المنفعة لأصحاب العقارات في المنطقة ذاتها. كما لم تغفل الأهداف تشجيع الجانب السياحي للمنطقة التاريخية، والحرف والصناعات التقليدية. وأضاف مدير المنطقة التاريخية أن نحو 120 ملكاً ورئيساً وأميراً زاروا المنطقة، إضافة إلى نحو 250 وزيراً وآلاف الشخصيات البارزة على المستوى العالمي. ويأسف أحد أصحاب المنازل التاريخية في المنطقة، وهو محمد سعيد معتوق نوار في حديثه إلى"الحياة" من هجرة أصحاب هذه المنازل وعدم عودتهم حتى لزيارتها، في حين يفد لزيارتها الأجانب من آخر أصقاع الدنيا. ويعتقد نوار أنه من الصعب أن يكون هناك موعد أو احتفال لالتقاء أصحابها الذين يمثلون غالبية البيوت التجارية في جدة. ويستدرك قائلاً:"ما زال بعض ملاك المنازل يحرصون على زيارة تاريخهم وترميم أملاكهم وتعريف أبنائهم بها ومنهم: عائلات الشربتلي، المتبولي، الدردير، باعيسى، باديب، الفتيحي"، وآخرون. حارة المظلوم: سميت هذه الحارة نسبة للسيد عبد الكريم البرزنجي الذي قتلته الحكومة العثمانية، وتقع في الجزء الشمالي الشرقي من داخل السور، شمال شارع العلوي، وبها دار باعشن ودار آل قابل ومسجد الشافعي وسوق الجامع. حارة الشام: تقع في الجزء الشمالي من داخل السور في اتجاه بلاد الشام، وفي هذه الحارة دار السرتي ودار آل باناجة ودار الزاهد ودار الشريف. حارة اليمن : وتقع في الجزء الجنوبي من داخل السور جنوب شارع العلوي، واكتسبت مسماها لاتجاهها نحو بلاد اليمن، وفيها دار آل نصيف ودار الجمجوم. وفي جدة القديمة عرفت بعض المساجد التي تميزت بقدم بنائها وجمال طراز عمارتها، وتعتبر من أهم المعالم المعمارية والتاريخية لمدينة جدة ومن أشهرها مسجد الشافعي: الذي يقع في حارة المظلوم في سوق الجامع وهو أقدم مساجدها، وقيل ان منارته بنيت في القرن السابع الهجري الموافق الثالث عشر ميلادي وهو مسجد فريد في بنيان عمارته، وهو مربع الأضلاع ووسطه مكشوف للقيام بمهام التهوية، وقد شهد المسجد أعمالاً ترميمية لصيانته وتقام فيه الصلاة. مسجد عثمان بن عفان: ويطلق عليه مسجد الأبنوس لوجود ساريتين من خشب الأبنوس فيه، ويقع في حارة المظلوم وله مئذنة ضخمة وتم بناؤه خلال القرنين التاسع والعاشر الهجريين. مسجد الباشا: يقع في حارة الشام وقد بناه"بكر باشا"الذي ولي جدة عام 1735ه، وكان لهذا المسجد مئذنة أعطت المدينة معلماً أثرياً معمارياً، وقد بقيت على حالها حتى 1978م عندما هدم المسجد وأقيم مكانه مسجد جديد. مسجد عكاش: يقع داخل شارع قابل غرباً، أقيم قبل عام 1379ه وقام بتحديد بنائه"عكاش أباظة"، وتم رفع أرضية المسجد عن مستوى الشارع بحيث يصعد إليه ببضع درجات وهو في حالة جيدة وتقام فيه صلوات حتى اليوم. مسجد المعمار: يقع في شارع العلوي غرباً في محلة المظلوم، وقد بناه مصطفى معمار باشا عام 1384ه، وهو الآن في حالة جيدة وتقام فيه الصلاة وله أوقاف خاصة به. مسجد الحنفي يقع في محلة الشام، ويرجع تاريخ بنائه إلى عام 1320ه وتمت صيانته مرات عدة. أسواق جدة القديمة بلغت المساحة التقريبية داخل سور مدينة جدة 1.5 كيلو متر مربع وهي مازالت تحتوي على لمسات من الحياة التقليدية القديمة ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي القديم التي تتركز غالباً حول أسواق المنطقة، حيث تنتشر محلات الحرف التقليدية الشعبية القديمة، ومن أشهر أسواق المنطقة التاريخية القديمة في جدة سوق العلوي، وسوق البدو، وسوق قابل، وسوق الندى. سوق العلوي وتعتبر فاصلاً بين حارة المظلوم شمالاً، وحارة اليمن جنوباً وتتميز بعرض العديد من السلع والبضائع كالملابس والبهارات والمستلزمات المنزلية وغيرها. سوق البدو تقع على مقربة من بوابة مكة، وتعرض فيه البهارات والحبوب والأقمشة بأنواعها، وكل ما كان يجذب سكان البادية. سوق قابل وقد شهدت عبر الزمن تغيراً جذرياً في نوعية البضائع المعروضة فيه مثل الأقمشة والأحذية والذهب، وجميع مستلزمات المناسبات من حلوى وبن وساعات وأجهزة كهربائية، وهي هدف حيوي لزوار المدينة قديماً وحديثاً. سوق الندى من أهم الأسواق القديمة في مدينة جدة، وهي تمتد بمحاذاة الجزء الغربي من سور المدينة حيث يلتقي شماله بشمال غرب المدينة، وتتفرع منها أسواق جانبية عدة تزيد من أهميتها وحيويتها التجارية، واشتهر شمال سوق الندى بكثرة انتشار المكتبات فيه، وبيع السمك المقلي والمشويات وصناعة الأحذية، والحقائب وإصلاح الساعات. أهم الأسواق والخانات القديمة إضافة إلى هذه الأسواق الرئيسية، ظهرت في جدة القديمة بعض الأسواق والخانات المعروفة من أهمها: سوق السمك"البنقلة"، وسوق الجزارين بالنوارية وتقع في نهاية شارع قابل والسوق الكبيرة وتباع فيه الأقمشة، وسوق الخاسكية وتقع خلف دار الشيخ محمد نصيف، وسوق الحبابة وتقع في باب مكة وسوق الجامع نسبة إلى جامع الشافعي، وسوق الحراج"المزاد العلني"وهي في باب شريف، وسوق العصر وتقع في باب شريف وتقام عصر كل يوم، وسوق البرادعية وكانت تصنع فيها برادع الحمير والبغال وسروج الخيل عند عمارة الشربتلي، وسوق السبحية وكانت تصنع فيه وتباع المسابيح بأنواعها وتقع في منطقة الخاسكية، وسوق باب شريف وتباع فيها الأقمشة - إضافة إلى الخانات في جدة القديمة - والخان ما يسمى بالقيسارية أي السوق التي تتكون من مجموعة دكاكين تفتح وتغلق على بعض ومن أهمها: خان الهنود وخان القصبة. أهم البيوتات التجارية في جدة وما دام الحديث موصولاً عن الكيان الاقتصادي في مدينة جدة القديمة لابد لنا أن نمر سريعاً على أهم البيوت التجارية في جدة القديمة والتي تمثل جذور هذا الكيان الاقتصادي، ويروي الباحث المؤرخ عبدالقدوس الأنصاري في موسوعة تاريخ مدينة جدة أن أهم البيوت التجارية التي عرفت هي آل نصيف وآل زينل وآل باناجة وآل باعشن وآل الزاهد وآل الهزازي وآل الجمجوم وآل باغفار وآل لنجاوي وآل الطويل وآل البسام وآل الفضل وآل المتبولي وآل المغربي وآل قابل وآل الأبار وآل الكابلي وآل الشبكشي وآل عرب وآل الدخيل وآل عبدالفتاح وآل التركي وقد جاء اسم بعض هذه الأسر وأجدادها من التجار في كتاب"خلاصة الكلام"وهذه الأسر أسهمت في بناء الكيان الاقتصادي لجدة وكان من تجار جدة المرموقين الشيخ عمر نصيف وهو جد الشيخ محمد نصيف والسيد عبدالله السقاف وسعيد باجسير وعبدالله بن جنيد وعبدالرحمن باجنيد وسالم بامحرم وأحمد باعبيد وصالح بن علي باعشن، وآن لنا أن نذكر بعض أسماء كبار التجار الذين أسسوا الحركة التجارية القديمة في جدة ومن أبرزهم الشيخ عمر أفندي نصيف جد الشيخ محمد حسين والشيخ محمد حسن نصيف والحاج محمد علي زينل والشيخ يوسف زينل والشيخ محمود على زاهد والشيخ محمد الطويل والشيخ عثمان باعثمان والشيخ محمد صالح بن علي باعشن والشيخ أحمد باناجة والشيخ عبدالله المحتسب والشيخ أحمد محمد صالح باعشن، والشيخ عبدالله كامل والشيخ محمد بن عبيد بن زقر والشيخ سعيد بن عبيد بن زقر والشيخ محمد عبدالله رضا والشيخ على الجفالي والشيخ محمود آبار والشيخ فاضل عرب والسيد محسن باروم والأستاذ محمد على مغربي والشيخ عبد اللطيف جميل والشيخ سالم بن محفوظ والشيخ عمر عبدربه والأستاذ حمزة عجاج والشيخ محمد نور رحيمي المدير العام لجمارك والشيخ مبارك عبدالتواب السلمي والشيخ أحمد صلاح جمجوم والأستاذ على شبكشي والشيخ عبدالعزيز السليمان والشيخ أحمد موصلي والشيخ عبدالرحيم صدقة عبدالفتاح وغيرهم كثر من أعيان ووجهاء ورجال الأعمال في جدة. مشروع الملك عبد العزيز لتطوير المنطقة التاريخية خطة عمل المشروع: تنقسم إلى مرحلتين الأولى قصيرة المدى تنفذ خلال عامين، والأخرى طويلة تنفذ خلال خمس سنوات.. المرحلة الأولى : تعمل على الحد من تدهور مباني المنطقة التاريخية والإشراف على تدعيم المباني الخطرة وتقويم الوضع الراهن، وتحديد محاور التأهيل والتنمية وتقسيم المنطقة التاريخية إلى مناطق عمال وتصنيفها حسب أولويات التأهيل وتشمل هذه المرحلة أيضاً إعداد نظام بناء للمنطقة التاريخية ومعايير واشتراطات ترميم وصيانة وإعادة استخدام الأراضي والأنشطة الاستثمارية، وتنفيذ مشاريع لتوفير المواد الخام التقليدية لأعمال الصيانة، وترميم السفن القديمة وتوظيفها، واستمرار عمليات الاستكشاف، وإعادة بناء المعالم التراثية ووضع خطة للسلامة والوقاية من الحرائق. المرحلة الثانية : تتضمن إقامة مركزين للزوار ووضع خطه لمسارات الأحياء القديمة وتسجيل المنطقة التاريخية في قائمة التراث العالمي، وأخرى لمعالجة الملكيات ذات الأولوية. وخطط أخرى لإحياء الأنشطة التراثية والحرفية ودراسة تحسين حركة السير، وتوفير مواقف واستخدام الصوت والضوء في المنطقة ووضع خطط لاستغلال كل المواقع. وتضم المنطقة التاريخية أربعة أحياء عتيقة، هي المظلوم والشام وحارة اليمن والبحر، وأشارت مصادر إلى أن القيمة المرصودة لعمليات التحسين والصيانة بلغت نحو 24 مليون ريال. سور جدة القديم ظلت مدينة جدة هدفاً لطموح البرتغاليين الذين كان لأسطولهم جولات في المنطقة مما دعا السلطان قنصوه الغوري في عام 910ه إلى توجيه قائده حسين كردي إلى مدينة جدة لإقامة سورها وتحصينه وتزويده بالقلاع والأبراج والمدافع لصد السفن الحربية التي تغير على المدينة، وقد شرع كردي في بناء السور وأحاطه من الخارج بخندق زيادة في تحصين المدينة من هجمات الأعداء. وبمساعدة أهالي جدة تم بناء السور، وكان له بابان أحدهما من جهة مكةالمكرمة، والآخر من جهة البحر، يذكر أن السور كان يشتمل على ستة أبراج كل برج منها محيطه 16 ذراعاً، ثم فتحت له ستة أبواب هي : باب مكة ? باب المدينة ? باب شريف ? باب جديد ? باب البنط ? باب المغاربة باب النافعة أضيف إليها في بداية القرن الحالي باب جديد، هو باب الصبة وقد كان لأهل جدة أكبر الأثر في إتمام إعادة ترميم السور وبناء دار النيابة وجامع الميناء، ومصلى العيد وقد هاجم البرتغاليون جدة بضراوة وقد شكل السور عائقاً لهم لاحتلالها، وقد تمت إزالة السور لدخوله في منطقة العمران في العام 1947. وجاء في المراجع المتفق عليها تفاصيل عن حارات "منطقة جدة التاريخية" ومؤسسيها، وقصة تطور بعضها ونشوئه من أرض جرداء، إلى تاريخ يغلق بين أسواره آلاف القصص والحوادث المندثرة، وصولاً إلى عصرها الحالي المكتظ بالأسواق والمستودعات والمخازن التجارية الصغيرة، وهي تشتمل على: ثلاث حارات، وستة مساجد ذائعة الصيت، وبضعة أسواق وخانات عتيقة دائمة الترميم، وثلة من العائلات التجارية.