استشهدت رئيسة لجنة الأسرة في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية الجوهرة العنقري، بمواقف إنسانية أبداها أمراء مناطق تجاه عدد من القضايا المتعلقة بالمرأة السعودية، للتعبير عن الدعم الذي تلقاه الجمعية من المسؤولين. وتذهب العنقري إلى القول "إن هذه المواقف خير شاهد لما تحظى به المرأة من حماية لحقوقها التي كفلها الإسلام". وتعتقد العنقري "أن جهل المرأة حقوقها الشرعية والمدنية في الحياة، جعلها تتأخر كثيراً في المطالبة بهذه الحقوق، ومطالبة الجهات القضائية التي تفصل في كثير من القضايا المتعلقة بالمرأة في تعريفها بحقوقها الشرعية قبل النطق بالحكم". وقالت العنقري في حوار مع "الحياة": نحن في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، نستمد قوتنا من الشريعة الإسلامية والقانون، في متابعة قضايا الناس إلى جانب ما تلقيناه ونتلقاه من دعم ولاة الأمر عند العودة إليهم مباشرة حال تعثر قضية معينة، وبما يجعلنا نوسع دائرة المشاركة والدعم بزيارات إلى أمراء المناطق، لشرح أهداف الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان. وهنا نص الحوار: تواجه المؤسسات الزوجية، وبخاصة الناشئة منها، كثيراً من المشكلات والخلافات، فهل هناك تزايد في مشكلات الأسر وما نوعها، وما مدى جهل المرأة تحديداً في حقوقها؟ -اعتبر النسبة عالية، ونوعية القضايا بالنسبة إلى الأسرة غالبيتها تدور حول الطلاق والخلافات التي تنشأ بعد الانفصال، وهناك نسبة عالية من النساء لا يعرفن حقوقهن عند الانفصال. وللأسف الشديد، وحتى بعد وصول القضية إلى القضاة في المحاكم الشرعية، فإن أكثر القضاة الذين ينظرون في قضايا الطلاق لا يُعرّفون النساء بما لهن وما عليهن. وأعتقد أن عدم مساهمة الجهات الشرعية في تعريف المرأة بحقوقها يسهم في مزيد من ضياع الحقوق في المجتمع. كم بلغ عدد القضايا التي استقبلتموها في شكل عام في الجمعية وفي مكةالمكرمة في شكل خاص؟ - بلغ عدد القضايا التي تلقتها الجمعية منذ إعلان تأسيسها 700 قضية، منها ما يعادل 200 قضية في منطقة مكةالمكرمة، وهي شاملة جميع قضايا الرجال والنساء في جميع المناطق. هل وجدتم تعاوناً من الجهات الرسمية في القضايا التي ترد إليكم لمتابعتها؟ - شخصياً، وجدت تعاوناً لدى كثير من الجهات الرسمية في حل القضايا، أو على الأقل التعاون معها، في إعادة النظر في كثير من القضايا، وهذا يندرج تحته وجود من يتفهم توجهنا. فنحن لسنا جهة رسمية وليس لدينا سلطة، لكننا نستمد قوتنا من الشريعة الإسلامية، ومن القانون. هل هناك شواهد وحالات يمكن أن تستشهدي بها في تعاون هذه الجهات؟ -نعم هناك قضية في جازان لشخص "اختطف" أطفاله من أمهم، وهم في سن الحضانة، واتصلنا بأمير المنطقة الأمير محمد بن ناصر بن عبد العزيز، بعد أن عجزت الأم عن استرجاع أطفالها، وعلى الفور وفي خلال أيام معدودة أصبح أطفالها بين أحضانها. ومن القضايا أيضاً، موقف محافظ جدة الأمير مشعل بن ماجد من خلال تفهمه لقضية معينة، حيث أوقف القبض على سيدة صدر في حقها أمر قبض، إلى أن يعاد النظر في ملفها. إذا لم يكن هناك تعاون من الجهات المعنية في بعض القضايا وخصوصاً الإنسانية منها، هل يتم التدخل في شكل شخصي في حال القناعة، إنها بحاجة إلى إعادة نظر، أم أنكم تتجهون إلى "ولاة الأمر"؟ - بالطبع، ولكن قبل ذلك ندرس القضايا من الناحية النظامية والقانونية ونبحث من خلال النظام عن مدخل يمكننا التدخل في القضية، لأنه ليس بالضرورة أن يكون صاحب القضية على حق، فقد يكون ظالماً. أما القضايا الأسرية فنحاول قدر استطاعتنا في البدء حلها في شكل ودي. وإذا عجزنا نحدد الخطوات التي نتبعها. عندما التقينا مع ولي العهد الأمير عبدالله بن عبد العزيز، والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء الأمير سلطان بن عبد العزيز ووزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز، وأمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبد العزيز، كان الهدف من هذا اللقاء شرح أهدافنا وهم يعلمون حقيقة توجهنا في هذه الجمعية ويثقون فيها. هل تلقيتم وعوداً خلال هذا الاجتماع بدعمكم والوقوف إلى جانبكم، وبخاصة في القضايا التي يكثر حولها الجدل والخلاف؟ - نعم تلقينا وعوداً نصها "أن أي أمر يتعذر على الجهات المعنية، أو يكون هناك تعسف فأبوابنا وقلوبنا مفتوحة لكم"، ونحن لا نتدخل في دور الجهات المعنية ولن نقوم بدورهم، ولكن عندما يحدث تعسف وعدم فهم بعض القضايا، ونشعر بوجود ظلم في الحكم، لا بد من أن نتدخل، فدورنا لا يقف عند كتابة تقرير عن الوضع. هل لدى الجمعية زيارات واجتماعات مع أمراء المناطق في سبيل تكثيف التعاون وشرح وجهات النظر؟ - نعم، نحن نخطط للاجتماع بأمراء المناطق لشرح أهدافنا، وتسهيل مهماتنا في الزيارات التي نقوم بها أو القضايا التي نستقبلها، ونقوم بمتابعتها بعد التحري عنها، ودرسها من الناحية النظامية والقانونية. ما الهدف من زيارتكم للسجون؟ - الهدف من زيارتنا السجون التأكد من وضع الإنسان وحصوله على الخدمات الأولية في السجون التي هي من حقوقه عالمياً، فكتابتنا للتقارير ورفعها إلى الجهات المعنية هذا نوع من التعاون. ونحن ننظر إلى هذا الأمر بمنظار آخر، بمعنى أننا قد نكون عيناً لولي الأمر، ونحن نعمل في اتجاه واحد وهو خدمة هذا البلد. هل لاحظتم أن هناك قصوراً في تناول بعض القضايا في القطاعات الرسمية؟ - نعم، هناك تسيب في جهات كثيرة، وهذا قد يكون خطأ عن عمد وقد يكون من دون عمد، وهنا يكمن دورنا في تسليط الضوء على مكامن الخلل ومحاولة إصلاحه. هناك معلومات تشير إلى تزايد حالات هروب الفتيات من أسرهن استناداً إلى تزايد بلاغات تم تدوينها عن هروب هؤلاء الفتيات، كيف تعلقين على هذا الأمر؟ - وردت إلينا في منطقة مكةالمكرمة حالتان، تلقينا اتصالاً من الفتاتين الهاربتين تشرحان خلاله الظروف التي أدت إلى هروبهما من أسرتيهما. والحقيقة أن اتصالهما بنا دليل على تعرضهما فعلاً إلى ظروف ربما تكون لأسباب تعسفية، ودورنا هنا هو إبلاغ الجهات المعنية، فنحن لا نملك أي دور في رعاية مثل هذه الحالات. أليس هناك من حلول لمعالجة هذه الظاهرة؟ - الشؤون الاجتماعية أنشأت هذا العام وحدة الحماية الاجتماعية، وهي خاصة بالمرأة والطفل، ووضع لها تنظيم من أجل تطبيقها، من خلال مكاتب الإشراف في المناطق، وتفعيل هذه الوحدة لا يزال في بدايته. ولكن أسهمنا في تفعيلها من خلال إرسال الحالات التي ترد إلينا إلى هذه الوحدة. علمنا بزيارتك إلى الطائف لمتابعة قضية نقل أصحاب المحلات الحرفية إلى موقع غير صحي، ماذا شاهدت وما الإجراء الذي اتخذتموه؟ - قضية "الدكاكين الحرفية" الموجودة في سوق المسترجعات أساسها، أن أصحابها تلقوا وعوداً بنقلها إلى موقع آخر، كتعويض لهم عن مواقعهم التي يرتزقون منها منذ 24 عاماً، لكن للأسف حدث أن تم نقلهم إلى مواقع عشوائية سيئة للغاية وتعاني من مشكلات تتعلق تحديداً بصحة البيئة. وهذا كان مدخلاً لتقرير رفعناه إلى المحافظة، والى أمير منطقة مكةالمكرمة الامير عبدالمجيد بن عبدالعزيز لرفع الضرر عنهم، فالمكان الجديد يعتبر مرمى لنفايات الطائف وبالتالي قد يتعرض هؤلاء إلى أمراض نتيجة وجودهم في هذا الموقع. تؤكدون دوماً أن دور الجمعية يتركز على احتياجات الإنسان في الحياة وحقه فيها، ولكن إذا قلنا مثلاً إن المياه تتعرض إلى تلوث نتيجة لأسباب عدة، هل تتدخلون في كشف هذه الأمور ومتابعتها للحفاظ على صحة احتياجات الإنسان في الحياة؟ - لم ندخل حتى الآن في صلب هذه القضايا، وقبل فترة وقفت على قضية في الرياض، كانت في هذا الاتجاه. ودعنا نتحدث هنا عن جدة، فمشكلة المجاري فيها تحتاج إلى حالة طوارئ، واستنفار الجهات المعنية للقضاء على المجاري التي أصبحت مشكلة مزمنة. هل تقصدين أن مشكلة "المجاري" أدت إلى انتشار الأمراض بين الناس، وما مدى صحة انتشار الأمراض المستعصية، مثل: السرطان، والوباء الكبدي، والفشل الكلوي، وهل لديكم أدلة وشواهد ؟ - نعم الدليل موجود لدينا في جمعية الإيمان لرعاية مرضى السرطان التي أترأس مجلس إدارتها، فهناك ارتفاع في نسبة الحالات المصابة بأمراض السرطان، بحسب التقارير الطبية التي تصل إلينا من المستشفيات الحكومية وغيرها. أيضاً هناك ارتفاع في نسبة الحالات المصابة بالفشل الكلوي، والكبد الوبائي، وبخاصة في المناطق التي تعاني تلوثاً في المياه. إن تلوث المياه احد أسباب انتشار الأمراض المستعصية.