أطلق شي جينبينغ أخيراً حملته السياسية إثر رحلته الخارجية الأولى مع زوجته الأنيقة. وأشارت إحدى الصحف الصينيّة الى أنه سيواصل نضال الحزب الشيوعي لبلوغ"الحلم الصيني"والرخاء الوطني، وإنهاض الأمة. ولازمة الإعلام الصيني والسياسيين هي الحلم الصيني، لكن الأيام قد تثبت انه شعار لا قوام له. ويرمي اللواء هذا الى استمالة الحزب الشيوعي للصينيين، اثر تعاظم مستوى نخبويته واتساع الهوة بينه وبين الشعب. ولكن، يرى الإعلام نفسه أن بلوغ ذلك الحلم يرد الاعتبار للصين بعد عقود من الإهانة، ويدعو جينبينغ إلى تجديد القومية الصينية، عسكرياً ودولياً. والحال أن طموحات الصين لا تجافي الواقع. فهي قوة إقتصادية هائلة ومتزايدة النمو، وحري بها ان تقتنص فرصة الارتقاء لاعباً دولياً بارزاً، وأن تسعى الى إنهاء أكثر الصراعات"احتداماً"في المنطقة آسيا ? المحيط الهادئ لتستميل دول الجوار. والدور هذا وعقد الصداقات يساهمان في تقليص النفوذ الأميركي في شرق آسيا. ويمكن الصين أن تساهم في وضع حد للنظام الهزلي في كوريا الشماليّة، وأن تسعى بالتعاون مع الولاياتالمتحدة الى توحيد شبه الجزيرة الكورية. بكين مدعوة الى حمل النظام الكوري الشمالي على وقف إطلاق الصواريخ. ولا يقتضي ذلك عروض سلاح جو فوق كوريا كما فعلت الولاياتالمتحدة، بل يكفي أن تقطع الصين إمداداتها من الغذاء والطاقة إلى بيونغيانغ، فتخسر هذه شطراً راجحاً من مواردها. وإذا أرادت الصين المساهمة في تغيير نظام كوريا الشمالية الذي يسجن عشرات الآلاف من مواطنيه في معتقلات غولاغ ستالينية، يسعها أن تفتح حدودها الممتدّة مسافة 800 ميل بين البلدين. وستؤدي موجات النزوح الكبيرة إلى نتائج مماثلة لما حدث في ألمانياالشرقية، اثر سقوط جدار برلين. ويرى بعض الصينيين أن تغيير سياسة بلادهم ازاء كوريا الشمالية مُلّح. ودعا دينغ يووين، ناشر إحدى الصحف الشيوعيّة الكبيرة، في صحيفة"فاينانشال تايمز"في شباط فبراير الماضي، الى تخلي بلاده عن كوريا الشمالية والمبادرة الى توحيد شبه الجزيرة الكورية. ويرى مراقبون أن هذا الرأي لم يكن ليبصر النور من غير دعم جهات نافذة في النظام الحاكم في بكين وأنه ربما يظهر وجهة نظر القيادة الجديدة، ولكن سرعان ما أقيل دينغ، ويبدو أن نفوذ داعميه لم يكن راجحاً. بكين منقسمة بين مؤيد للتغيير ورافض له. وقد يعود ذلك إلى الشعور القديم بأنّ الكوريين رفاق سلاح، أو انهم ورقة تفاوض ثمينة ضد اليابان وأميركا. وثمة تيارات في الإدارة الصينية لا تزال متشبثة بأفكار قديمة عن دور الصين في العالم، وهي تحسب أن بوصلة السياسة الدولية هي:"ما يضر الإمبرياليين جيد للصين"، وأن القومية هي صنو أعمال شغب مناهضة لليابان والتزام خطاب عدواني ازاء جزر بحر الصين الجنوبي. والواقع أنّ كوريا الشمالية أيضاً هي صنيعة خمسينات القرن العشرين، دولة متقوقعة على ذاتها ومنقطعة عن العالم المعاصر. واذا واصلت القيادة الصينية الجديدة دعم هذا النظام، كما فعلت طوال أكثر من نصف قرن، ثبت أن الحلم الصيني شعار فارغ. وأمّا إذا رغبت في كسب الاحترام الدولي، فسبيلها الى ذلك حلّ الأزمة الكورية الشمالية التي صنعتها. * محلّلة سياسيّة، عن"واشنطن بوست"الأميركيّة، 3/4/2013، إعداد علي شرف الدين