انتهى القذافي وكان الثمن فادحاً بدماء أبناء هذا البلد الطيب، لكن لم ينته نظامه وأزلامه بعد والمؤشرات كثيرة وخطرة وباللون الأحمر، فهل نعيد التاريخ مرة أخرى ونعيد الهزيمة والضياع وسنوات القهر والظلم؟ الإجابة نكتبها بالدماء بلا وألف مليون لا. ولكن نرى ما يعيد هذه الفكرة الى الأذهان أننا قد نغيب عن دورنا وننوم مغناطيسياً بحلو الكلام ومعسولة وبعض الوعود الوردية ولا مغبون ولا محروم، لنصبح على فجر آخر أسود من سواد الليل، فهل نحن بردود فعل متفاوتة بين الشعور بأننا أصبحنا أحراراً لنختلف ونحاور من دون خوف ولا وجل بل نشارك حتى بمصيرنا ومصير دولتنا الفتية وأن نعد العدة للترشيد بأنه لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين وعليها أن نكون لها ولنا. أنت إسلامي هو علماني. أنت تكنوقراطي هو شيوعي. أنت ليبرالي هو ناصري. أنت يساري هو لجان ثورية. أنت وطني هو من الثوار. أنت غربي هو شرقي. أنت من قبيلة... هو من قبيلة... وكثر الصياح والهرج والمرج ونار أججتها الآلة الإعلامية وتلك النفوس المريضة وبعض الساسة وما هي إلا زوبعة في فنجان على طاولة الشعب الوسطي. نعم فكل الليبيين مسلمون والاعتدال والوسطية سيمتهم، فمن أين ظهرت علينا تلك التسميات التي لا تعبر إلا على قلة قليلة من المجتمع الليبي. ولكن السؤال هل القلة ستحكم بعد عملية إقصاء ويصبح الشعب والثوار والثورة منومين ومتفرجين على اغتصاب وسرقة الثورة والبلاد. لا نريد رئيساً مستورداً بربطة عنق خضراء تربى بين أحضان الطاغية ونظامه، ولا نريد رئيساً دعمته السياسة الغربية بأجنداتها الاستراتيجية فيفرض أجندته المعلبة وروح التعالي والديكتاتورية. ولا رئيساً يستخدم الدين ستاراً بمنهجية يغلب عليها التسلط، ولا رئيساً قبلياً أو جهوياً لا يرى من الوطن إلا نفسه وقبيلته ومدينته، الشعب يريد ذلك الرجل المسلم الوطني المتواضع البسيط ولكنه يحمل قلباً نابضاً بحب الله والوطن ويحمل فراسة الاختيار الصحيح لبطانته ولا يعني ذلك الدعوة للجهلاء بتأبط هذه المسؤولية ولكن رداً على من اشترط الكفاءة لخوض هذا المعترك ونسي أنه على مر التاريخ دول كثيرة حكمها حكام لم تكن الكفاءة العلمية من ميزاتهم بل كانت خبرة الحياة والفراسة والحكمة وحسن التصرف ميزاتهم، لماذا رضينا بالمستشار مصطفى عبدالجليل وبشبه غالبية، لأنه يحمل ميزات يحبها الليبيون أولها مخافة الله والتواضع وحب الوطن ولكن تنقصه تلك الفراسة والخبرة السياسية واختياراته المخطئة عن غير قصد. الفكرة التي أريد الوصول إليها هي أنه يجب علينا أن نختار رئيساً يجمع عليه الليبيون وأن يتنحى من قد يسبب الشقاق أو يعسر ولادة الدولة.