يبدو أن الناشر والقارئ لا يلتقيان دوماً على أرض مشتركة في الطموحات والآمال، خصوصاً حين تكون المساحة التي تجمعهما هي معرض الكويت للكتاب. في معظم الأحيان يكون لكلّ منهما هدف يتجه نحوه، فالناشر يهمّه بالدرجة الأولى أن يشارك في المعرض الذي هو من المعارض التي تحقق أعلى المبيعات على مستوى العالم العربي بعد معرض الرياض، لكنّه في الوقت نفسه يعاني الرقابة الكويتية على الكتاب، وهو في الغالب يرى أنّها الرقابة الأكثر تشدداً. أمّا مسألة التنظيم أو التطوير في الخدمات فلا تعنيه البتّة لأن هدفه الأولّ والأخير ربحي من دون أيّ شك. وهذا ما يتعارض وطموحات القرّاء وزوّار المعرض الذين يبحثون عن تنظيم أفضل وخدمات أهمّ تتيح لهم فرصة المشاركة براحة وهدوء. في دورته الثامنة والثلاثين، لم يطرأ أي تغيير على معرض الكويت، رغم تطوّر التقنيات الحديثة ودخولها في معارض الكتب العالمية والعربية الأخرى. أما التنظيم فيبقى هو الحلقة الأضعف في هذا المعرض الذي يجذب أعداداً من القرّاء. الزوّار الذين يبحثون عن أجنحة لبنان وسورية ومصر، يلحظون خلوّ الأجنحة السورية من كتبها، علماً أنّ الكتب وصلت من سورية إلى الكويت بعد إتمام إجراءات الشحن قبل شهرين. لكنّها ظلّت في الصناديق المغلقة، والأجنحة خالية بسبب غياب الناشرين السوريين الذين واجهوا مشكلات لوجستية تخص تأشيرات الدخول. وفي ظاهرة تبدو أنها تتمدد في العالم العربي، تنتشر الكتب التجارية والاستهلاكية في أجنحة المعرض، خصوصاً في دور النشر الكويتية، من غير أن يتدخل رقيب ما يساعد في الحفاظ على جودة الكتاب ومستواه الفني. هكذا يختلط حابل الخواطر بنابل الرواية، وتُعرض كتب غير مهمة في حقول هجينة في حين تمنع الرقابة كتباً قيّمة مثل"رسائل غسان كنفاني إلى غادة السمان"، أو كتب فهمي هويدي والمفكر محمد عمارة. واللافت هو تحوّل حفلات التوقيع إلى مناسبات اجتماعية يُقدّم فيها الكتّاب تذكارات إلى قرائهم كقطع الحلوى والشوكولا، أو وردة حمراء يزرعها الكاتب وسط كل كتاب. ويقف الزوّار طوابير طويلة للحصول على تواقيع كتّاب غير معروفين. أمّا كاتبة البوتكس والفيلر، فإنها تجلس بكامل مكياجها وفستانها السواريه وهي لا تفرق بين التاء المربوطة والطويلة، توقع عملها الروائي المليء بتجاعيد التصنيف وبثور الأخطاء الإملائية واللغوية. الانطباعات حول معرض الكويت للكتاب كثيرة، والثغرات مازالت موجودة رغم مرور نحو أربعة عقود على تأسيسه. لكنّ نسبة المبيعات والمشاركة لا يُمكن إحصاؤها إلاّ بعد انتهاء المعرض الغارق في زحمة التواقيع والزوّار.