تستعد ايران لخوض الجولة الثالثة من المفاوضات النووية مع مجموعة 5+1. الفريق النووي المفاوض الجديد ومنذ تشكيل الحكومة الايرانية الجديدة ابرز دور عنصر"الوقت"في المفاوضات. وأعرب وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، عن قناعته بإمكان حل الملف النووي في مدة لا تتجاوز العام. وأعلن ان استخدام الوفود المشاركة مصطلح"التقدم"في المفاوضات لم يكن سوى محاولة للجم اصوات النواب المتشددين في الكونغرس ومجلس الشيوخ الاميركي ولافشال جهود اللوبي الصهيوني في الولاياتالمتحدة الساعي الى فرض مزيد من العقوبات على ايران. لكن السؤال هنا: ما هي البنود التي اراد الجانب الفرنسي اضافتها الى الاتفاق والتي حالت دون موافقة الجانب الايراني؟ ورفعت طهران لواء سياسة"برنامج الخطوة خطوة"، لكنها اصطدمت بشروط الجانب الآخر. وإثر ثلاثة ايام من المفاوضات الشاقة والمتعبة، وجهت اصابع الاتهام نحو وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس. فموقفه اتسم بالسلبية ازاء الاتفاق. وأعلن السفير الفرنسي في اسرائيل ان بلاده اضافت بنوداً جديدة رفضها الجانب الايراني تتناول منشأة آراك ومخزون اليورانيوم المخصب وحق ايران في انشطة التخصيب. ولا شك في أن انشطة تخصيب اليورانيوم كانت القضية الأكثر تعقيداً بين ايران والمجموعة الغربية السداسية. وتصر طهران على الاعتراف بحقها في تخصيب اليورانيوم على اراضيها. وهذا ما أعلنه الرئيس الايراني، حسن روحاني. فالتخصيب هو خط أحمر عتبة محظورة امام المفاوض الايراني في جنيف -2. لكن المندوبة الاميركية ويندي شيرمان فسرت امام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، البند الرابع من معاهدة حظر الانتشار النووي تفسيراً مغايراً لنص المعاهدة. ورأت ان هذا البند لا يمنح الحق في التخصيب، بل حق البحث النووي وتنمية الطاقة النووية مشيرة الى ان دول كثيرة مثل اليابانوالمانيا تعتبر ان التخصيب جزء من حقوقها الدولية. ورأت شيرمان ان بلادها لا تلتزم مثل هذا التفسير بل تنظر الى هذه البنود على انها منفصلة. وقالت ان مجلس الامن الدولي لم يحظر التخصيب على ايران ولكنه طالبها بتعليق هذه الانشطة حتى تلتزم التزاماتها الدولية. ولا شك في ان شيرمان تخالف حلفاءها الغربيين، ومنهم المانيا، والآسيويين، ومنهم اليابان، حول هذه المسألة. وأعلنت دول مجموعة"بريكس"البرازيل وروسيا والهند والصين وافريقيا الجنوبية ودول عدم الانحياز حق جميع الدول الموقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي، ومنها ايران، في تخصيب اليورانيوم. ولم تصدق اميركا وبريطانيا وفرنسا واسرائيل، على معاهدة الحظر النووي. وهي لا ترى ان المادة الرابعة من المعاهدة تقر بحق التخصيب للدول الموقعة على هذه المعاهدة. وأيدت صحيفة"واشنطن بوست"في مقالة لها في 24 تشرين الاول اكتوبر حق ايران في تخصيب اليورانيوم على اراضيها، ورأت ان الدول الكبرى لا يمكن لها اجبار الدول الاخرى على التزام هذه المعاهدة في وقت تتهرب هي من احترام بنودها. ويسود اعتقاد بأن ويندي شيرمان تريد اعادة تفسير بنود معاهدة حظر الانتشار النووي تفسيراً يصادر حقوق الدول الموقعة على هذه المعاهدة. ولا تستطيع واشنطن ان تحرم 189 دولة صادقت هذه المعاهدة من حقوقها، في وقت لا تشير الى حليفتها اسرائيل التي تملك رؤوساً نووية ولم توقع على هذه المعاهدة. في 1968 حين رعت الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفياتي آنذاك معاهدة حظر الانتشار النووي، قال ويليام فوستر، مدير الوكالة الاميركية لتحديد السلاح النووي ونزعه امام لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الاميركي، ان المعاهدة تمنح الدول التي لا تملك سلاحاً نووياً حق التخصيب وانتاج الوقود النووي. ومستهجن هو سعي شيرمان الى التزام تفسير خاص هو ثمرة رغبة بعض الدول في اضافة فقرات غير مكتوبة الى هذه المعاهدة بعد انتهاء الحرب الباردة. وفي كتاب مثير للجدل عنوانه"تفسير معاهدة حظر الانتشار النووي"، أكد الباحث على حق الدول الموقعة على هذه المعاهدة في تنفيذ انشطة التخصيب وانتاج الوقود النووي المستخدم للاغراض السلمية. فالقرار 1696 الصادر عن مجلس الامن والقاضي بفرض عقوبات على ايران، ينتهك القوانين الدولية. ولا يجوز أن يقف الجدل بين ايران ومجموعة 5 + 1 عند القضايا القانونية. ويرى مراقبون ان الاعتراف بحق ايران في انشطة التخصيب سيفتح اعين الدول الباقية على هذا الامر، منها الدول الخليجية وفيتنام وكوريا الجنوبية. وقد تفلح مجموعة 5 + 1 في فرض تفسيراتها على ايران اليوم وتحرمها من حقوقها القانونية والدولية. ولكن من المستبعد ان يكون في مقدورها ان تفرض ذلك على دول اخرى في المستقبل. * كاتبة، عن"ديبلوماسي ايراني"الايراني، 6/11/2013، إعداد محمد صالح صدقيان