وقعت على الشعر التالي للشاعر اللبناني المهجري إيليا أبو ماضي: ما كان أحوج سوريا الى بطل / يردّ بالسيف عنها كل مفترس ولا يزال نهاد السيف في يده / حتى يطهرها من كل ذي رجس ويجعل الحب دين القاطنين بها / دين يقرِّب بين البيت والقدس كنا نريد لسورية بطلاً في حكمة أبي بكر وعدل عمر وفصاحة علي مع العبقرية العسكرية لخالد، ولم نحصل على شيء سوى شبح حرب أهلية، فيها كل شيء إلا الحب. منذ سنتين أو ثلاث وأنا أفكر في كتابة دراسة عن الشعر السياسي في ديوان إيليا أبو ماضي، إلا أن كسلي، مقروناً بالثورات العربية، تركني وأشياء أهم تستحوذ على وقتي. غير أنني وجدت استجابة كبيرة من القراء لشعر اخترته لهم، ما يشجعني على العودة، متوكئاً على الشاعر اللبناني الكبير الذي نبغ في مصر قبل أن ينتقل الى الولاياتالمتحدة. من شعره أيضاً: وطني أحب إليَّ من كل الدنا / وأعز ناس في البرية ناسي فلتحيَ سوريا التي نحيا لها / وليحيَ لبنان الأشم الراسِ ايليا أبو ماضي عند رب رؤوف، و"لا عين تشوف ولا قلب يحزن"مع أنه عشق وطنه من دون أن يعمى عن عيوبه فقال: وطن يضيق الحر ذرعاً عنده / وتراه بالأحرار ذرعاً أضيقا مشت الجهالة فيه تسحب ذيلها / تيهاً وراح العلم منه مطرقا شعب كما شاء التمزق والهوى / متفرق ويكاد أن يتمزقا بغداد في خطر ومصر رهينة / وغداً تنال يد المطامع جُلَّقا لو كان الشاعر بيننا اليوم ماذا كان قال عن سورية التي عرفها بلداً واحداً، وعرفها وقد مزقها المستر سايكس والمسيو بيكو في دول مستعمرة، ثم عاش ليرى الاستقلال وأوضاعاً تجعلنا نترحَّم على المستعمِر. وكنت نصحت الكويتيين أن يسعدوا بحياتهم لأنهم يملكون أسباب السعادة، وثار بعد ذلك جدل كبير عدتُ اليه، وقلت إنني لن أكتب عن الموضوع مرة أخرى، ولا أفعل اليوم، وإنما أهدي الكويتيين وكل العرب أبياتاً للشاعر قريبة من الموضوع. ايليا أبو ماضي قال: ايهذا الشاكي وما بك داء / كيف تغدو إذا غدوت عليلا هو عبء الحياة ثقيل / مَنْ يظن الحياةَ عبئاً ثقيلا فتمتع بالصبح ما دمت فيه / لا تخف أن يزول حتى يزولا وإذا ما أظل رأسك همّ / قصِّر البحث فيه كيلا يطولا ايهذا الشاكي وما بك داء / كن جميلا ترَ الوجود جميلا وهو قال أيضاً بالمعنى نفسه: كم تشتكي وتقول إنك معدم / والأرض ملكك والسما والأنجم قم بادر اللذات قبل فواتها / ما كل يوم مثل هذا الموسم أحبابنا ما أجمل الدنيا بكم / لا تقبح الدنيا وفيها أنتم قلتُ"انبسطوا بحياتكم"وقال ايليا أبو ماضي"ابتسم": قال السماء كئيبة وتجهما / قلت ابتسم يكفي التجهم في السما قال الصبا ولَّى فقلت له ابتسم / لن يُرجع الأسف الصبا المتصرِّما قال التي كانت سمائي في الهوى / صارت لنفسي في الغرام جهنما قلت ابتسم واطرب فلو قارنتها / قضّيت عمرك كله متألما قال العدا حولي علت صيحاتهم / أَأُسَرُّ والأعداء حولي في الحما قلت ابتسم لم يطلبوك بذمهم / لو لم تكن منهم أجل وأعظما هذا هو بيت القصيد، فأريد للقارئ أن ينسى هموم الأمة الى حين ويبتسم في شهر الصوم الكريم. وأرجو من القارئ أن يذكر أنني قلت"الى حين"وليس أن ينكر وجود ما يجلب الهم والغم بشكل دائم. ايليا أبو ماضي عبَّر شعراً عن رأيي في المرأة العربية فقال: ألا إن شعباً لا تعزّ نساؤه / وإن طار فوق الفرقدَيْن ذليل وكل نهار لا يكنَّ شموسه / فذاك ليل حالك وطويل وكل سرور غيرهنَّ كآبة / وكل نشاط غيرهنَّ خمول وكنت في مختاراتي الشعرية مع حلول شهر الصوم المبارك اخترت من شعر الغزل، وأختتم اليوم بأبيات لإيليا أبو ماضي عن كل عاشق وكل حسناء: ولقد كلفت من الحسان مليحة / تحكي الهلال بحاجب وجبين حسناء أضحى كل حُسن دونها / وكذاك عشّاق المحاسن دوني أشبهتِ ليلى العامرية فاكتمي / خبر الذي قد صار كالمجنون [email protected]