أعلنت وزارة الخارجية السودانية أن رئيس جمهورية جنوب السودان سلفاكير ميارديت سيبدأ غداً زيارة للخرطوم هي الأولى منذ انفصال الجنوب في تموز (يوليو) الماضي، برفقة وفد رفيع يضم ثمانية وزراء واثنين من نواب الوزراء. ورحبت بالزيارة التي تستمر يومين، معربة عن أملها في أن تمهد «السبيل لعلاقات حسن جوار وتعاون دائم بين البلدين». وأضاف بيان الخارجية السودانية أن «مراسم استقبال رسمي ستجرى في مطار الخرطوم للسيد الرئيس الزائر، وسيستقبله رئيس الجمهورية عمر البشير وعدد من الوزراء وسفراء الدول الأفريقية المعتمدين في الخرطوم». وسيعقد في اختتام الزيارة مؤتمر صحافي مشترك. وكان البشير دعا سلفاكير الأسبوع الماضي إلى حل القضايا العالقة عبر الحوار من دون وسيط خارجي. وبين الدولتين عدد من القضايا العالقة التي كان الجانبان يتفاوضان في شأنها بوساطة من الاتحاد الأفريقي برئاسة لجنة يقودها رئيس جنوب أفريقيا الأسبق ثابو امبيكي، وهي الحدود ومنطقة ابيي المتنازع عليها بين الدولتين، وتقاسم عائدات النفط الذي يتركز إنتاجه في جنوب السودان بينما توجد موانئ التصدير وأنابيبه في الشمال، وقضية الديون الخارجية لدولة السودان قبل انفصال الجنوب والبالغة 38 بليون دولار، وأصول الدولة. وكان وزير الدولة لشؤون الرئاسة المسؤول عن ملف دارفور أمين حسن عمر اتهم أمس جهات لم يسمها بمحاولة استغلال قضية الإقليم «لتمرير أجندتها عبر قوى سياسية ترغب في تفكيك نظام الحكم وإشعال نيران الحرب في البلاد». واعتبر أن «الوسائل الحربية لن تجدي، وهذه أوهام وكلام فارغ وحلم ممتع». ولوّح بمعاملة دولة جنوب السودان بالمثل نتيجة استمرارها في «دعم حركات دارفور المسلحة». وقال إن «الخرطوم غضت الطرف عن كثير من تصرفات جوبا لكنها قادرة على قفل أنابيب النفط التي تعبر الشمال لتصدير النفط عبر البحر الأحمر وحبس أنفاس الجنوب». وأضاف أن حكومته واثقة من وقوف «حزب المؤتمر الشعبي» المعارض بزعامة حسن الترابي وراء «حركة العدل والمساواة» المتمردة في دارفور. إلى ذلك، أقر حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان بتعثر اتصالاته مع القوى المعارضة لتشكيل «حكومة ذات قاعدة عريضة»، مؤكداً أن الرئيس البشير سيعلن حكومته الجديدة الأسبوع المقبل. ورأى أن أمام الأحزاب خيارين، «إما أن تتوحد وتفكر معنا في كيف نمضي بالبلاد إلى الأمام، أو تفكر في إطاحة الحكومة وإشعال الحروب هنا وهناك والتعامل مع إسرائيل وأميركا والمحكمة الجنائية الدولية واستنزاف البلاد وإبقائنا في دائرة الأزمات». وناقش المكتب القيادي للحزب الحاكم برئاسة البشير خلال اجتماع ليل الأربعاء - الخميس، الأوضاع الأمنية في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، ونتائج اتصالاته مع القوى السياسية لتشكيل حكومة جديدة، موضحاً أن الاتصالات لا تزال مستمرة. وعُلم أن المكتب حدد عدد الوزارات ب 28 بدل 35 حالياً، و10 وزراء دولة بدل 43، وستة مستشارين للرئاسة بدل 16، وثلاثة مساعدين للرئيس. ومنح مفاوضيه مع الحزب الاتحادي الديموقراطي برئاسة محمد عثمان الميرغني فرصة، في محاولة لإقناعه بعدما رفض عرضاً للائتلاف واعتبره ضعيفاً. وكان حزب الأمة بزعامة الصادق المهدي قرر عدم المشاركة في السلطة إلا في حال «تفكيك دولة الحزب وتحقيق تحول ديموقراطي حقيقي». وقال رئيس القطاع السياسي في الحزب الحاكم قطبي المهدي إن القضية الأساسية ليست عزل المعارضة لحزبه من السلطة، وإنما قضية التحديات الاقتصادية والأمنية، موضحاً أن «الحكومة العريضة» التي سيتم إعلان تشكيلها خلال أيام «ستضم غالبية القوى السياسية وشخصيات من الأحزاب» التي شملها التفاوض. وتوقع أن تخلص المشاورات الداخلية لقيادات حزب الميرغني إلى ترجيح مشاركته في الحكومة، ونفى أن يكون الخلاف في الحوار مع حزبي الأمة والاتحادي على المحاصصة، مشيراً إلى أن الأمر يعتمد على تقديرات سياسية لقيادات الحزبين لتحديد المشاركة أو الاستمرار في المعارضة. وأكد نائب الرئيس الحاج آدم تشكيل الحكومة الجديدة خلال الأسبوع المقبل. وشدد على ضرورة مشاركة القوى السياسية في الحوار الوطني، مشيراً إلى أن حزبه لم يحاور المعارضة من موقف ضعف وإنما رغبة منه في إشراكها في صناعة القرار الوطني. وقال: «لن نقبل إقامة دولة علمانية في السودان... لا بديل لشرع الله». من جهة أخرى، أكد رئيس جهاز الأمن والاستخبارات الفريق محمد عطا قرب «تحرير كامل ولاية النيل الأزرق» المتاخمة للحدود الإثيوبية. وقال إن حال الهدوء الذي تشهده ولايات دارفور الثلاث لن تخدعهم، وتعهد محاصرة أية طموحات للتصعيد العسكري في الإقليم. وقال في تصريحات عقب لقائه اللجنة الطارئة في البرلمان لمتابعة الأوضاع الأمنية والاقتصادية، إنه قدم للجنة تقريراً عن الأوضاع في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وعلاقات الشمال والجنوب ودول الجوار، وأنه طمأن اللجنة إلى «حسن استتباب الأمن وتوافر إرادة كبيرة لمعالجة القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية كافة»، مشيراً إلى الاحتجاجات الأخيرة على ارتفاع الأسعار التي وصفها بأنها «محدودة ومعزولة ولم تجد تجاوباً من الشعب».