تعرضت أمل للاغتصاب من جارها وهي في سن الرابعة عشرة، وزيادة على الصدمة النفسية التي تركتها الحادثة، وجدت الطفلة نفسها حاملاً ومطالبة بمواجهة المجتمع. وحده تدخُّل شبكة"ندى"للدفاع عن حقوق الطفل لمساعدتها بدلاً من المواجهة وحيدة، بدلّ شيئاً من المعادلة. وأمل ليست الطفلة الوحيدة التي عمدت"ندى"إلى مساعدتها، فماريا ابنة الإحدى عشرة سنة، والتي تعرضت للاعتداء الجسدي عليها في المدرسة ومحاولة اغتصابها من طرف زملائها، هي أيضاً من الضحايا اللواتي يحاولن لملمة الجراح مع الشبكة. الفتاتان مثال من 13 ألف مكالمة وطلب مساعدة، تلقتها الشبكة، من أطفال أو أقاربهم يتعرضون لشتى أنواع الاعتداء، بخاصة الجنسية. باتت حوادث الاغتصاب مصدر قلق كبير في المجتمع الجزائري، الذي يشهد تحولات كبيرة، وجاءت الأرقام التي قدمتها شبكة"ندى"لتأكيد خطورة انتشار هذه الظاهرة وضرورة التجند لمحاربتها. ويلفت رئيس الشبكة عبد الرحمن عرعار، إلى الارتفاع المذهل لحالات اغتصاب الأطفال ذكوراً وإناثاً، مشيراً إلى تكفل هيئته ب 700 حالة اعتداء من بينها 103 حالات اعتداء جنسي. ويكشف في تقريره الى اللجنة الدولية لحقوق الطفل عن تعرض أكثر من 900 طفل للاعتداء الجنسي في الجزائر. الرقم غير المسبوق مؤشر إلى تصاعد العنف ضد الأطفال في الجزائر وتراكم الأزمة داخل المجتمع، وإلى ضرورة حضّ المسؤولين على إرساء تقاليد سماع وتوجيه ومرافقة للضحايا، والتنسيق بين المؤسسات والعائلات وجمعيات المجتمع المدني لمساعدتهم، مع ضرورة تأهيل المهنيين وتكوينهم للتحكم في طرق معالجة الظاهرة التي تحتاج أيضاً إلى تبسيط الإجراءات الادارية من أجل الاستجابة لطلبات الكفالة الكثيرة. أما أرقام أجهزة الأمن الجزائرية، فتحدثت عن تعرض أكثر من 1700 طفل للاعتداء الجنسي السنة الماضية، اضافة الى الكثير من حوادث اختطاف الأطفال كان ضحيتها ما لا يقل عن مئتي طفل. ويشكل اغتصاب المرأة عشرة في المئة من حالات العنف الموجه ضدها، وسجلت مصالح الدرك الوطني العام الماضي تعرض حوالى 220 امرأة للاغتصاب، وهو ما يساوي تقريباً تعرض امرأة للاغتصاب كل يومين. ومع ذلك، يقول المختصون بأن الأرقام تظلّ أقل من الحقيقة، بسبب المانع الاجتماعي الذي يحول دون التبليغ عن كل حالات الاغتصاب، وإذا كان ثمة دليل فهو الثلاثة آلاف أم عازبة اللواتي سجلن في الجزائر السنة الماضية. ويتزايد اهتمام الجمعيات وأجهزة الأمن والإعلام بهذه الظاهرة، وتمّ إنشاء المركز الوطني للتمييز ضد المرأة الذي أطلقته شبكة"بلسم"في تشرين الثاني نوفمبر من السنة الماضية ضمن الحملة العالمية لمناهضة العنف ضد المرأة، إلا أن الواقع لا يزال يحتاج جهوداً تبذل، خاصة على مستوى القوانين. وتقول المحامية فاطمة بن براهم:"المطلوب إنشاء ترسانة قانونية رادعة تصل الى حد الحرمان من الحقوق المدنية في حال صدور إدانة بممارسة عنف ضد المرأة". ومعلوم أن قانون العقوبات الجزائري يطلق على الاغتصاب عبارة"الفعل المخل بالحياء"، وهي جناية عقوبتها السجن بين خمس سنوات وعشر.