كان متوقعاً أن تبدأ المحكمة الأميركية العليا في وقت متقدّم مساء أمس، الاستماع إلى الإفادات حول خطة الإصلاح الصحي التي طرحها الرئيس الأميركي باراك اوباما، وهي القضية التي سيكون لها وقع كبير على الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني نوفمبر المقبل. وسيلتقي القضاة التسعة في أعلى محكمة أميركية للاستماع إلى مناقشات تستمر ثلاثة أيام عن كل الجوانب الدستورية للقانون الذي يشكّل نقلة نوعية في النظام الصحي. وأدى هذا القانون إلى حال من الاستقطاب في الولاياتالمتحدة، فهو ينص على توفير التأمين الصحي لنحو 32 مليون أميركي ممن ليس لديهم أي تغطية صحية، ما يعد انجازاً اجتماعياً كبيراً للمستفيدين، لكنه سيجبر الناس على شراء التأمين، وهو ما يعتبره البعض تعدياً على الحريات الشخصية. ونظم مؤيدو القانون ومعارضوه تظاهرات لإسماع صوتهم، وقال جاسبر جونسون، وهو فني كومبيوتر جاء من سان فرانسسكو:"هذا القانون سيوفر الرعاية الصحية للجميع، انه مهم جداً". ويعارض القانون عدد من الجمهوريين، إذ وصفه المرشح للرئاسة ميت رومني بالكارثة على الاقتصاد الأميركي، في حين أكد زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونل أنه"انعكاس لكل تجاوزات هذه الإدارة"، فيما كتب عدد من المحافظين مقالات في الصحف القومية يوضحون أن كلفة خطة اوباما للرعاية الصحية تفوق كثيراً فوائدها. ويرى محللون أن قرار المحكمة ستكون له انعكاسات سياسية هائلة، خصوصاً إذا أقرت المحكمة إلغاء القانون أو حتى أجزاء منه. ويتركّز الجدل على إجراء يُلزم الأميركيين شراء تأمين صحي شخصي ابتداءً من عام 2014، أو دفع غرامات. وقال المدعي العام لولاية فيرجينيا كينيث كوتشينيلي:"إذا استطاعوا إجبارك على شراء تأمين طبي، فبإمكانهم إجبارك على شراء سيارة أو خضار معينة، أو عضوية في ناد رياضي". وتمنع أحكام أخرى من القانون شركات التأمين من رفض التأمين على الأشخاص الذين يعانون من حالات مرضية سابقة أو من حالات مستعصية، والذين عادة ما تُرفض تغطيتهم أو يجبرون على دفع أقساط باهظة لشركات التأمين، التي عليها توفير أنواع معينة من التغطية الطبية كانت مستثناة في السابق، مثل تغطية كلفة وسائل منع الحمل. ورُفعت خمس قضايا ضد تجاوز الكونغرس المفترض سلطاته الدستورية بموافقته على القانون، في حين ردّت وزارة العدل بأن القانون يقع في نطاق سلطته التي تخوّله تنظيم التجارة وفرض الضرائب على السكان. وقال المستشار البارز في البيت الأبيض ديفيد بلوف"المحامي العام للحكومة دونال فيريلي سيقدّم مرافعة قوية جداً عن دستورية القانون وأهميته". وأكد المؤيدون للقانون أن الأميركيين الذين يفتقرون إلى رعاية صحية هم اقل إنتاجية، ما يعني أن على دافعي الضرائب تحمل نفقات علاجهم. ونظراً إلى الاهتمام الشعبي الواسع، تعتزم المحكمة نشر تسجيلات صوتية للنقاشات التي تحصل خلال جلسات الاستماع، التي يُتوقع أن يحضرها كثيرون ومنهم وزير العدل اريك هولدر. وعلى رغم أن التوقعات تشير إلى عدم إصدار المحكمة قراراً قبل حزيران يونيو المقبل، إلا أن على القضاة أولاً اتخاذ قرار حول ما إذا كان يحق لها إصدار قرار حول قانون لم يُطبّق بعد، وبعدها عليهم اتخاذ قرار حول ما إذا كان إلزام الحصول على تأمين طبي ينتهك الدستور.