يوم التأسيس.. يوم التأكيد    مسيرات الحب في ذكرى يوم التأسيس    «غينيس» توثق أكبر عرضة سعودية احتفاء بذكرى «يوم التأسيس» في قصر الحكم    عجيان البانهوف    من فينا المبتكر؟    88% نموا بالتسهيلات الممنوحة للشركات    الأحساء مركز لوجستي عالمي    73994 عقارا جديدا بالتسجيل العيني للعقار    برعاية الملك منتدى دولي لاستكشاف مستقبل الاستجابة الإنسانية    الجامعة العربية: محاولات نزع الشعب الفلسطيني من أرضه مرفوضة    ريال مدريد يستعيد نغمة الانتصارات    " أضواء العريفي" تشارك في اجتماع تنفيذي اللجان الأولمبية الخليجية في الكويت    الفتح لمواصلة الصحوة بالأخدود    مدرب الفتح: سنواصل الانتصارات    أمير الرياض يرعى احتفال الهيئة الملكية لمدينة الرياض وإمارة المنطقة بذكرى يوم التأسيس    السعودية تستضيف النسخة ال 27 لبطولة مجلس التعاون الخليجي للجولف في جدة    ضبط (3) مقيمين مخالفين لتلويثهم البيئة بحرق مخلفات عشوائية في منطقة مكة المكرمة    متحف طارق عبد الحكيم يحتفل ب«يوم التأسيس»    رئيس "سدايا": يوم التأسيس .. اعتزاز ممتد على مدى ثلاثة قرون من الأمجاد والنماء    فيلم رعب في بروكسل    مصر مش بس حلوة هي كلها حاجة حلوة !    دولة التنمية ودول «البيان رقم 1»    ماذا يعني هبوط أحُد والأنصار ؟    الاتحاد على عرش الصدارة    330 لاعباً يتنافسون في اليوم الثاني لبطولة الاتحاد السعودي للسهام بجازان    واشنطن تقترح «نهاية سريعة» لحرب أوكرانيا    لماذا يحتفل السعوديون بيوم التأسيس ؟    وزارة الداخلية تختتم مبادرة "مكان التاريخ" احتفاءً بيوم التأسيس في المركز الأمني التاريخي بالجبيلة    محمد بن زقر في ذمة الله !    «الثقافة» تختتم حفلات يوم التأسيس ب «ليلة السمر» مع رابح صقر في أجواء استثنائية    الاتحاد صديقي    الأمر بالمعروف في جازان تحتفي "بيوم التأسيس" وتنشر عددًا من المحتويات التوعوية    أطماع إسرائيلة مستمرة ومساع لتدمير فلسطين    إحباط تهريب 525 كجم من القات    الجهات الأمنية بالرياض تباشر واقعة إطلاق نار بين أشخاص مرتبطة بجرائم مخدرات    تركيب اللوحات الدلالية للأئمة والملوك على 15 ميدانا بالرياض    أمير الرياض يعزّي في وفاة الأميرة العنود بنت محمد    هيئة الهلال الأحمر بنجران ‏تشارك في احتفالات يوم التأسيس 2025    فرع "هيئة الأمر بالمعروف" بنجران يشارك في الاحتفاء بيوم التأسيس    حملة توعوية عن "الفايبروميالجيا"    وادي الدواسر تحتفي ب "يوم التأسيس"    برعاية مفوض إفتاء جازان "ميديا" يوقع عقد شراكة مجتمعية مع إفتاء جازان    آل برناوي يحتفلون بزواج إدريس    برعاية ودعم المملكة.. اختتام فعاليات مسابقة جائزة تنزانيا الدولية للقرآن الكريم في نسختها 33    بنهج التأسيس وطموح المستقبل.. تجمع الرياض الصحي الأول يجسد نموذج الرعاية الصحية السعودي    «عكاظ» تنشر شروط مراكز بيع المركبات الملغى تسجيلها    علماء صينيون يثيرون القلق: فايروس جديد في الخفافيش !    انخفاض درجات الحرارة وتكون للصقيع في عدة مناطق    لا إعلان للمنتجات الغذائية في وسائل الإعلام إلا بموافقة «الغذاء والدواء»    ضبط وافدين استغلا 8 أطفال في التسول بالرياض    لا "دولار" ولا "يورو".." الريال" جاي دورو    انتهاء المرحلة الأولى بتسليم 4 جثامين مقابل "محررين".. الخميس.. عملية تبادل سابعة لأسرى فلسطينيين ومحتجزين إسرائيليين    جدة التاريخية تحتفي بيوم التأسيس وتحتضن فعاليات ثقافية وتراثية متنوعة    تمنت للسعودية دوام التقدم والازدهار.. القيادة الكويتية: نعتز برسوخ العلاقات الأخوية والمواقف التاريخية المشتركة    تعزيز الابتكار في صناعة المحتوى للكفاءات السعودية.. 30 متدرباً في تقنيات الذكاء الاصطناعي بالإعلام    مشروبات «الدايت» تشكل خطراً على الأوعية    جمعية رعاية الأيتام بضمد تشارك في احتفالات يوم التأسيس    لائحة الأحوال الشخصية تنظم «العضل» و«المهور» ونفقة «المحضون» وغياب الولي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الحياة" زارته في منزله . سميح القاسم : السرطان أربكني فحاولت إرباكه
نشر في الحياة يوم 26 - 03 - 2012

من بيته الرابض على سفح"جبل حيدر"في أعالي قرية الرامة في الجليل التقيت الشاعر الفلسطيني سميح القاسم الذي قال لي إن مرض سرطان الكبد الذي دهمه أخيراً فاجأه وأربكه بعض الشيء، لا لأنه قد يقرّب نهاية الحياة في الدنيا، وإنما لأن مكتبه ما زال عامراً بمشاريع غير مكتملة ويرغب بملء جوارحه في أن ينجزها.
وأضاف القاسم في هذا الحوار الخاطف مع صحيفة"الحياة"أن رد فعله على هذا الإرباك تمثل في محاولة إرباك هذا المرض الفتّاك، وعدم تمكينه من أن ينال منه بسهولة، قبل أن يكمل ما يُتاح إنجازه من تلك المشاريع.
وانعكس هذا الإرباك ومحاولة الإرباك المضاد في بعض النصوص الشعرية الجديدة التي كتبها بعد أن وقع في قبضة المرض، ومنها هذا المقطع:"أنا لا أحبّك يا موت/ لكني لا أخافك/ وأعلم أني تضيق عليّ ضفافك/ وأعلم أن سريرك جسمي/ وروحي لحافك/ أنا لا أحبّك يا موت/ لكني لا أخافك..."
ومنها نص آخر في مشاكسة المرض يقول في مطلعه:"اشرب فنجان القهوة يا مرض السرطان/ كي أقرأ بختك في الفنجان/ اشرب...". وكان آخر ما أنجزه حتى لحظة هذا الحوار، مجموعة"كولاج 3"، وسربية"هواجس لطقوس الأحفاد"التي صدرت في طبعة محلية محدودة، ومن المتوقع أن تصدر في بيروت هذه الأيام، وقد رأى أنها تجربة فريدة في طرح المساءلة التالية: كيف سنبدو في أنظار أحفادنا القادمين، أيفتخرون بنا أم تراهم يسخرون منا؟
وقبلهما أنجز"إنها مجرّد منفضة"الجزء قبل الأخير من السيرة الذاتية، و"ملعقة سمّ صغيرة، ثلاث مرات يومياً"حكاية أوتوبيوغرافية. وهو عاكف على إعداد مجموعتين شعريتين للطبع "غوانتانامو"، و"هيرمافروديتوس"، فضلاً عن كتاب نثري "نقطة. سطر جديد" وكتاب أفكار ورؤى.
جناح الحياة
أما زال الشعر يستأثر بحصة الأسد؟
- إنه يظل جناحي إلى الحياة.
هل الشعر عموماً ما زال قادراً على التحليق واقتحام فضاءات غير مألوفة؟
- وسيبقى كذلك أبداً. إن الطرح الذي يقول إن زمان الشعر قد ولّى وبدأ زمان الرواية غير دقيق، أو على الأقل سابق لأوانه كثيراً. فالرواية العربية لم تنجز حتى الآن ما أنجزته الرواية العالمية. ربما ينطبق هذا الطرح على الرواية في أميركا اللاتينية بعد رحيل فحول شعرائها، بفضل ما أبدعه روائيون كثيرون في مقدمهم غابرييل غارسيا ماركيز. بيد أن مثل هذا التطور لم يحدث في العالم العربي لأسباب كثيرة، في مقدمها أن الرواية ليست فناً أصيلاً في الثقافة العربية. وعلى رغم تقدّم الإبداع الروائي العربي في الآونة الأخيرة، وخصوصاً على يد الروائيات، ومن وجود مجموعة كبيرة من الروائيين ذوي الموهبة المتميزة، إلا إن النتاجات الروائية العربية لم ترق إلى مستوى الشعر، ولم تطغ عليه. وما زال حضور الشعر متميزاً سواء في الوعي العربي، أو في أوساط الإنتلجنسيا والطلاب الجامعيين، أو على مستوى الدراسات الأكاديمية. ويمكن القول إن الرواية أصبحت أقوى حضوراً من الشعر في أوروبا وأميركا، لكن الشعر ما زال هو سيد الموقف في الوطن العربي برمته، لا من منطلق كونه ديوان العرب، وإنما في ضوء ما تنبئ به الحقائق الميدانية في شأن قدرته الأخاذة على اجتذاب اهتمام الجماهير العريضة، وعلى مخاطبة وجدانها، وعلى أن يتحول إلى حالة ثقافية كما لمست من أمسياتي الشعرية التي عقدتها في العواصم العربية التي أتيح لي إمكان أن أخاطب جمهورها بصورة مباشرة.
وهذه الأمسيات يمكنها أن تعوّض الشاعر عن انحسار صلة نصه بالمتلقي من خلال الكتاب المطبوع؟
- لا شك في أن ثمة تراجعاً طرأ على مستوى التلقي بالنسبة إلى الكتاب الورقي، وهذه آفة العصر ولا تنحصر في الوطن العربي. إن شكل التواصل تغيّر ويتغير. وواهم من يعتقد أن الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي التي لا أتعاطى معها لم تحل محل الكتاب. مع ذلك أنا متفائل بأن الشعر الجيّد يصل إلى أصحاب الذائقة الشعرية الرفيعة. ودليلي البسيط على ذلك هو ما تناقلته وسائل الإعلام مؤخراً في شأن قيام فتاة أميركية بدق قصيدة لي بعنوان"تذاكر سفر"وشماً على ذراعها باللغة العربية بعد أن قرأت ترجمة لها باللغة الانكليزية وأعجبت بها. ألا يبرهن ذلك على أن هذا الشكل من التواصل أوجد أوطاناً جديدة للشعر؟. إلى جانب هذا، أدرك أن مضار الإنترنت في المجال الفكري والثقافي كثيرة، مع التأكيد أن التقدم كان دائماً في وجهين، وجه نافع ووجه ضار. ولعل الضرر الفادح كامن في تأثيره على سهولة النشر، وعلى تضخيم ظواهر مرضية. وهما ضرران خطران على الشاعر أكثر من خطورتهما على المتلقي، لأنهما يفقدانه التوازن بين قيمة ما يكتب ومعايير الإبداع، ويتيحان إمكان تحقيق"مجد"سريع من دون رصيد فنيّ.
أصوات وهنات
وماذا بالنسبة إلى الأصوات الشعرية العربية الجديدة؟
- ثمة أصوات مهمة كثيرة، تجعلني أعوّل على استمرار الشعر في التربع على عرش الأدب العربي. وأرجو أن تعفيني من ذكر أي أسماء وأن نبقى في العام. ولدينا هنا في الداخل جزء من هذه الأصوات. لكنني ألاحظ، فيما يتعلق بهذه الأصوات في الداخل، أنها تتسم بهنات ليست هينات، مثل ركاكة اللغة، وعدم التعمق في التراث الشعري العربي، وضعف إتقان العروض التي ما زلت أعتبرها من أهم معايير كتابة الشعر وليست قيداً عليه. برأيي على الشاعر الحقّ أن يربط واقعه بتاريخه الماضي وتراثه القديم، وأن تكون له جذور عميقة وأرض صلبة يقف عليها. وعدم اهتمام الشعراء بدراسة تاريخ أمتهم وتراثهم الخالد يجعلهم بلا جذور، وأعتبر ضعف الثقافة الوطنية وضحالتها من الظواهر الخطرة في أدبنا، ما يحتّم العودة إلى تاريخنا كي نأخذ منه، ونشعر بعقلنا وإحساسنا بالجذور العميقة التي تشدّنا إلى التاريخ.
ما رأيك بقصيدة النثر التي لم تلتزم العروض؟
- منجز قصيدة النثر عصي على الشطب، وخصوصاً ما تحقق منه بقلم شعراء مثل محمد الماغوط وشوقي أبي شقرا. لكني أعتقد أن هذا المنجز سيكون أعظم لو كانت هذه القصيدة في قالب عروضي. ودعني أصارحك القول بأن الادعاء الذاهب إلى أن أوزان الشعر العربي هي قيود هو وهم مبني على جهل، فهذه الأوزان هي أجنحة حرية، وعروض الشعر العربي تعتبر ثروة موسيقية للقصيدة لم يحظ بمثلها أي شعب باستثناء الشعب العربي. وإذا ما درست هذه الأوزان بشكل جاد يسفر عن استبطان الشاعر لها تتحول إلى أجنحة تتيح له مجال التحليق في فضاءات لا حدود لسمائها.
وفي الشعر العربي الموزون بدءاً بامرئ القيس مروراً بأبي تمام والمتنبي وابن الرومي ووصولاً إلى أحمد شوقي والجواهري ثمة صور لا تستطيع تصويرها إلا السينما على غرار"مكر مفر مقبل مدبر معاً". هذه الأوزان تكون قيوداً فقط لمن يجهلها، ولمن لا يستبطنها إلى درجة تحولها إلى جزء من دورته الدموية وإحساسه وذاكرته الثقافية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.