الأزمة القلبية مسؤولة عن أكثر من ثلث الوفيات في العالم، خصوصاً في الدول الصناعية. وفي بلاد العم سام يموت أميركي واحد في كل دقيقة بسبب الأزمة القلبية. وتحدث هذه الأزمة نتيجة انسداد أحد الشرايين التي تغذي العضلة القلبية بالدم المشبع بالأوكسيجين، الأمر الذي يسبب تلفاً لهذه العضلة فيعاني المصاب من الألم في الصدر الذي يتكرر من حين إلى آخر أو قد يكون مستمراً. صحيح أن الألم الصدري الذي ينبعث من منطقة القلب وينتشر إلى الكتف والذراع اليسرى يعتبر العارض التقليدي الأكثر شيوعاً للأزمة القلبية، ولكنه للأسف ليس العارض الوحيد الذي يجب الاعتماد عليه. في الأفلام الهوليوودية ومسلسلات الشاشة الفضية نرى المشهد المدوي للشخص الذي يتعرض للأزمة القلبية، فالمريض يمسك بصدره وهو يئن من شدة الألم. والمشكلة أن غالبية الناس تعتقد أن النوبة القلبية تأتي بالصورة التي أشرنا إليها فتراهم يتقاعسون في طلب المشورة الطبية، ولكن هيهات أن تحصل دوماً في هذه الصورة الدراماتيكية. إن الكثير من الأزمات القلبية يأتي في صورة أخرى غير تلك المذكورة أعلاه، وتحت عناوين غامضة لا علاقة لها بالقلب لا من قريب ولا من بعيد، خصوصاً عند الأشخاص الذين بلغوا منتصف العمر، ومع ذلك فهي تعتبر بمثابة علامات تحذيرية يجب أخذها على محمل الجد من أجل اتخاذ الخطوات الكفيلة بتفادي وقوع الأزمة أو الشفاء منها. ومن باب العلم، فإن بعض المرضى، خصوصاً كبار السن أو أصحاب الداء السكري يصابون بأزمات قلبية من دون أن يدروا بها. فما هي العوارض التحذيرية غير العادية للأزمة القلبية؟ هناك مجموعة من العوارض البسيطة التي يتجاهلها الكثيرون معتبرين انها ثانوية لا قيمة لها مع أنها قد تخفي أحياناً ظروفاً ساخنة كالأزمة القلبية، ومن هذه العوارض: 1- التعب غير العادي. في دراسة أجرتها المعاهد الوطنية للصحة الأميركية في العام 2010 بينت أن 70 في المئة من النساء عانين من التعب غير المبرر في الأيام أو الأسابيع التي سبقت حدوث الأزمة القلبية. إن معظم الناس، خصوصاً النسوة، يعطون التعب تفسيرات كما يحلو لهم، مع أنه لو تم الإهمام بها لأمكن تجنب الوقوع في مطب الأزمة القلبية وعواقبها. إن كل تعب غير مبرر يجب أن يدفع صاحبه الى الكشف الطبي بحثاً عن السبب. 2- اضطرابات النوم. إذا كنت تنعم بنوم طبيعي وفجأة عانيت من قلاقل على هذا الصعيد، من دون مبررات واضحة، فلا تهمل هذا الوضع فقد تكون هذه المعاناة مؤشراً إلى أنك في الطريق إلى الإصابة بالأزمة القلبية. لقد أفادت تقارير طبية عالمية بأن النساء اللواتي وقعن تحت رحمة الأزمة القلبية عانين من نوبات متتالية من عدم القدرة على النوم. 3- الشعور بعدم القدرة على التنفس. عندما لا تحصل عضلة القلب على إمدادات كافية من الدم تقل كمية الأوكسيجين التي ترد إليها فيعاني الشخص من ضيق في التنفس، وأول عضو يتهم في هذه القضية هو الرئة باعتبار انها المسؤولة عن التنفس، مع أن هذه قد لا يكون لها ناقة ولا جمل في الأمر. 4- عوارض الأنفلونزا. يمكن الأزمة القلبية أن تأتي على هيئة عوارض شبيهة بتلك التي يعطيها مرض الأنفلونزا، أي الصداع والسعال والتعب وتصبب العرق والانحطاط العام في الجسم، فعند المعاناة من مثل هذه المظاهر من دون ارتفاع الحرارة يجب الشك والتوجه فوراً إلى أقرب مركز طبي من أجل وضع النقاط على حروف التشخيص. 5- تورم القدمين. عندما تفشل العضلة القلبية في أداء عملها المعتاد تبدأ السوائل في التراكم في الطرفين السفليين، خصوصاً في الكاحلين والقدمين. كثيراً ما يفسر انتفاخ القدمين بأنه ناجم عن المشي الطويل والإصابة بالدوالي وكثرة تناول الملح، مع أن السبب قد يكون القلب ذاته، ومع ذلك لا يخطر في البال أنه أصل البلية. 6- الآلام في الأذن والرقبة والفك والكتف والظهر، إن الأوجاع الحادة في هذه المناطق قد تكون علامات منذرة لحدوث أزمة قلبية، وتتميز هذه الأوجاع بأنها عابرة ولا تدوم طويلاً، لهذا فإن الكثيرين لا يعيرونها الأهمية اللازمة. 7- تسارع في دقات القلب. إن النبض السريع الذي يلوح في الأفق فجأة مع حس الثقل في الصدر والشعور بالوهن والتعب، قد يكون من العلامات التي تشير إلى قرب حدوث الأزمة القلبية. في المقابل، فإن تسارع نبضات القلب بعد الجهد أمر عادي لا يدعو للقلق. 8- الشعور بعوارض ظهرت فجأة لم يعتد عليها الشخص سابقاً. إن كل عارض يأتي على حين غرة من دون أن يكون مسجلاً في قاموس الشكاوى من قبل، يجب النظر إليه بعين الشك لأنه قد يكون مؤشراً الى قرب وقوع أزمة قلبية، خصوصاً عند الأشخاص الذين يعانون من الخرف أو من بعض الأمراض المزمنة. إن كل شخص نشيط وواع يعاني فجأة من حس الضغط المفاجئ في الصدر، أو من تشوش في الذهن، أو من التعب الشديد، أو من ضعف في الذاكرة، يجب عليه ألا يتردد في استشارة الطبيب للوقوف على أسباب معاناته. ما العمل في حال التعرض للأزمة القلبية؟ على كل شخص يشعر بأنه على مشارف أزمة قلبية أن يلزم الهدوء، وأن يستلقي في وضعية مريحة، وأن يتناول 3 إلى 4 أقراص من دواء النيتروغليسرين كل 5 دقائق في حال توافره، والاتصال بقسم الطوارئ فوراً، مع التشديد على نقطة مهمة للغاية وهي السيطرة على الخوف لأنه يزيد من تضيق الأوعية الدموية، الأمر الذي يزيد الوضع سوءاً والطين بلةً. إذا لم يكن النيتروغليسرين متوافراً فيمكن تناول حبة أسبرين في انتظار الوصول إلى المستشفى. أخيراً تفيد الإحصاءات بأن حوالى ثلث الأزمات القلبية عند الرجال، ونصف الأزمات عند النساء لم يتم التعرف عليها، من هنا يجب تكثيف الجهود من أجل رصد المظاهر غير الاعتيادية التي تسبق حدوث الأزمة القلبية أو التي تنذر بوقوعها من أجل الوقاية من حدوث الأزمة أو منع الإصابة بها مستقبلاً. وطبعاً هذا لا يعني التوقف عن التوعية بعوارض الأزمة القلبية المعروفة من أجل التصرف حيالها بالسرعة القصوى.