بعد أقل من ستة أشهر على وصول"الإخوان المسلمين"إلى سدة الحكم في مصر، يبدو أن الصحافة المصرية تواجه خطراً يهدد كيانها عبر تهديد الحريات الإعلامية التي تشكل عصب الصحافة وروحها. وهذا دفع الجسم الصحافي المصري إلى دق"ناقوس الخطر"قبل أن تقع"الكارثة"التي بدأت علاماتها بالظهور. وفي هذا السياق، نظم عدد من الصحافيين المصريين أخيراً وقفة أمام مقر نقابتهم في وسط القاهرة احتجاجاً على تلقي الصحافي سعيد شعيب وزوجته الصحافية إسلام عزام تهديدات من جماعة متطرفة. ووفقاً لشعيب، الذي يكتب في جريدة"اليوم السابع"، فإن زوجته تلقت خطاباً من مجهولين يطلقون على أنفسهم"جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"طالبتها بأن تبلغ زوجها بأن عليه التوقف عن الكتابة المضادة لجماعات الإسلام السياسي. وأوضح شعيب أن الرسالة ذاتها طالبت زوجته الصحافية في"الأهرام"بارتداء الملابس الإسلامية وترك عملها. وتقدم شعيب ببلاغ إلى النائب العام ضد هذه الجماعة التي تردّد أن عناصر تابعة لها قتلت قبل بضعة أشهر طالباً في مدينة السويس، بعدما اتهمته بأنه اختلى بخطيبته خلوة غير شرعية. إلى ذلك، دانت"اللجنة الوطنية للدفاع عن حرية التعبير"قرار وقف بث قناة"دريم"الفضائية، ورأت أنه"يأتي في إطار الحملة المُنظمَة على حرية الصحافة والإعلام". وكانت السلطات المعنية اتخذت أخيراً هذا القرار بذريعة انتهاء الترخيص الممنوح لقناة"دريم"التي تعدّ أقدم قناة تلفزيونية خاصة في مصر. ورأت اللجنة أن هذا القرار"يجيء مكمّلاً لسلسلة من الإجراءات المتلاحقة للتضييق على حرية الصحافة والإعلام، تمهيداً لإسكات الصحف ووسائل الإعلام المنتقدة لسياسات الحكومة أو إدخالها"بيت طاعة"النظام الجديد الذي تولى السلطة بعد ثورة رفعت الحرية شعاراً رئيساً لها". وأشارت اللجنة في بيان، الى أن الحكومة"تعسّفت في تنفيذ ما سمّته حقاً قانونياً، وكان يتعين عليها منح القناة مهلة كافية لتوفيق أوضاعها، خصوصاً أن كثيراً من القنوات المصرية والعربية تبث من الخارج ولم يشملها قرار الإغلاق لأنها لا تنتقد سياسات الحكومة وربما تؤيدها على طول الخط". وأهابت اللجنة"بكل القوى الوطنية والجماهير المؤمنة بحرية الصحافة والإعلام وحق الشعب المطلق والأصيل في المعرفة، أن تهبّ للدفاع عن هذا الحق المُهدد بالمصادرة، وبخاصة أن إجراءات التضييق والمصادرة تأتي ضمن حملة شاملة على الصحافة والإعلام، كما تتزامن مع محاولة مكشوفة ومتعمّدة للعدوان على الحريات في مشروع الدستور الجديد". إلى ذلك، أعلن مجلس نقابة الصحافيين المصريين انسحاب ممثليه من"الجمعية التأسيسية للدستور"، اعتراضاً على تضمين مسودة الدستور الجديد للبلاد مواد"تقيد حرية الصحافة والرأي، وتضع عراقيل أمام الفضائيات وتمنح مجلس الشورى صلاحيات واسعة للتحكم في الصحف القومية". وكان المجلس عقد أخيراً جلسة طارئة، أصدر في ختامها بياناً جاء فيه أن مسودة الدستور"تنطوي على نصوص تهدد الحقوق والحريات العامة، وخصوصاً حرية الصحافة والإعلام". وقرر المجلس أنه في حال عدم الاستجابة للمطالب المشروعة التي أجمعت عليها الجماعة الصحافية ومن خلفها كل القوى الوطنية، ستجري الدعوة إلى إضراب عام وحجب كل الصحف، إضافة إلى طرح استقالة أعضاء المجلس جماعياً أمام الجمعية العمومية للصحافيين.