مع تزايد المصاريف مقارنة بقيمة الراتب أو الدخل الثابت، يلجأ الأهل للاقتراض أو إيجاد طرق بديلة لتأمين مستقبلهم ومستقبل أسرهم عبر وسائل تتنوّع بين العادي، المبتكر والطريف في بعض الأحيان. وفيما يفضّل جزء من الناس الأساليب التقليدية للادخار، هرباً من الالتزام بأقساط سداد طويلة المدى، دفعت الأوضاع القائمة بعضهم للاقتراض بغاية تأمين مستقبل أفضل لأسرهم سواء من طريق المصارف أم المؤسسات الحكومية كصندوق الرهن العقاري أو غيره من البرامج الحكومية. لطالما رفض فيصل القروض المصرفية، واعتبرها نوعاً ما التزاماً مادياً كبيراً بقروضٍ قد تصل لحجم المبلغ الذي تم اقتراضه، لكن فكرة بيع منزله الذي بات صغيراً على أفراد أسرته من أجل تأمين مستقبل ومنزل لائق لأبنائه دفعاه من سنين طويلة لاقتراض طويل المدى ليبني منزلاً جديداً. ويؤكد أن أخذ قرض من المصرف كان الوسيلة الأفضل في ذلك الوقت لتأمين منزل للأسرة، رغم انتهائه منذ 4 سنوات فقط من سداد الدفعات، وبرأيه فإن الأب يضطر أحياناً لتغيير قناعاته، كلما كبر أولاده وازدادت المسؤوليات على عاتقه، ويضيف:"بناء منزل للأسرة كان من أفضل القرارات التي اتخذتها، ليجد أبنائي منزلاً لهم جميعاً، ليكون منزل العائلة أو لا سمح الله في حال اضطرت إحدى البنات أو الأبناء للعودة إلى المنزل". وبشكل عام تنشر المصارف والمؤسسات المالية إعلانات في مختلف وسائل الإعلام، مقدمة نسب فائدة مختلفة وتعتبر منخفضة مقارنة بالسنوات الماضية، اذ كان عدد أقل من الناس يتجه لأخذ قرض، والتي كانت غالباً لبناء منزل، لكن المنافسة وتعدد طرق الدعم والتمويل الحكومي دفعت هذه المؤسسات لتخفيض نسب الفائدة وتقديم عروض مستمرة للمواطنين. غير ان موضوع القرض يُعتبر مشكلة في منزل عادل، فزوجته تطالبه بأخذ قرض لبناء منزل خاص للأسرة لكنه يرفض خوفاً من أقساط السداد، معلّلاً رفضه بأن الفوائد بشكل عام مرتفعة وأحياناً تكون أكثر من قيمة العقار لذا يفضل الانتظار والشراء نقداً، فيما ترى زوجته أن الأسعار ترتفع بشكل مستمر والعقار من الاستثمارات التي لا تخسر، وتضيف:"لا بد من خطوة كهذه لأن معظم دخل الأسرة يصرف على أقساط المدارس والجامعات". وفي حين اتجه ناصر إلى صندوق التنمية العقاري لأنه سبق وأخذ قرضاً من المصرف حين تخرّج ولداه من الثانوية وفضّلا الدراسة في الخارج، ويؤكد أن أكثر ما يأخذ النوم من عينيه هو التفكير بأبنائه الصغار ويحاول إيجاد طريقة ليؤمّن لهم مستقبلهم ف"المصاريف تتزايد مع الوقت والأسعار ترتفع سنة عن أخرى، وأتمنى أن يمتد بي العمر لأطمئن على صغاري". وينسحب التفكير عينه على أحمد المقيم في المملكة:"أفضل طريقة استخدمتها لتأمين مستقبل أولادي، كانت عبر فتح حساب مصرفي باسمهم منذ ولادتهم، بهدف تأمين مصاريف الدراسة أو تحسباً لظروف المستقبل، وحتى الآن لا أزال اقتطع مبلغاً شهرياً يذهب مباشرة إلى حساباتهم". وعمد مبارك إلى الأسلوب نفسه، ليجد أولاده مصاريفهم الجامعية جاهزة بعد تخرجهم من الجامعات، أو لينشئوا مشاريعهم الخاصة بشكل صغير ويعملون على تطويرها لاحقاً، ويوضح:"المهم أن نقوم بواجباتنا كأهل في تأمين مستقبلهم". أما الزوجان محمد وعبير فاعتمدا طريقة قديمة، لتعويد أبنائهم على الادخار عن طريق الحصالة، الذين اعتادوا بدورهم استخدامها لدرجة أن ابنتهم التي تدرس في السنة الثانية من الجامعة لا تزال تستخدمها وتخبر الجميع عن أهميتها، فهي تعتبرها الطريقة الأمثل لحفظ النقود:"أضع تاريخاً محدداً لفتحها، فأجد في نهاية هذه الفترة مبلغاً جيداً من المال". لكن الوضع مختلف بالنسبة لنجاة، الموظفة في دائرة حكومية، والتي وجدت نفسها مسؤولة فجأة عن أبنائها الثلاثة بعد أن انفصلت عن زوجها ما دفعها لأخذ قرض عقاري لتؤمن مسكناً جيداً لأطفالها، وتؤكد أن هذا القرض خفّف عنها الإيجار السنوي الذي كانت تدفعه وأمّن لأطفالها ولها شعوراً بالأمان والاستقلال المادي، وتضيف أنها تفكر بطريقة للحصول على قرض ميسر سواء عن طريق"البنك السعودي للاستثمار"أو أي من الجهات التي تدعم مشاريع الأسر المنتجة لتفتح متجراً أو عملاً خاصاً تؤمن به مستقبل أولادها. أما أبو خالد، فلم تمنعه خسارته السابقة في سوق الأسهم من العودة إليه لكنه هذه المرة اشترى أسهماً له ولزوجته وجميع أبنائه في إحدى الشركات المعروفة مكتفياً بالأرباح التي يجنيها بعيداً من المضاربة.