في ذكرى تأسيس حركة"احتلوا وول ستريت"، عادت صحيفة"اوكوباي""احتلوا" الى الظهور. وكان الاثنين 17 ايلول سبتمبر موعد الذكرى الاولى. تحاول مارينا سيترين التي تقدم نفسها على مدونتها انها"كاتبة وقانونية ومعلمة ومنظِّمة ومناضلة وحالمة"، طمأنة الصديق الذي رآها محبطة امام اضمحلال الحركة. توضح ان مقياس النجاح ليس اعلامياً ولا عددياً، بل يقاس بتعدد الحركات الصغيرة"على امتداد البلاد"? وحالات رفض دفع الديون المبالغ فيها ومعارضة الطرد من المنازل وغيرها- وهي الحالات التي تؤكد سيترين ان"احتلوا وول ستريت"تلهمها، حتى عندما لا يعي القائمون بها ذلك. وتدعو في الخلاصة الى"القطع مع الاشخاص الذين يريدون ان يقولوا لنا ماذا نفعل وكيف نعمل: ليس مع الحكومات والسياسيين فحسب، بل ايضاً احزاب اليسار والصحافيين والجامعيين". وليست بعيدة عقلية المُحَاصر. في واقع الأمر، الحركة انقسمت. لم يتجاوز عدد الحاضرين في"ساحة الحرية"حديقة زوكوتي التي احتلت لشهرين في نيويورك عام 2011، الالفي شخص في ذكرى انطلاق الحركة. ولم تأت محاولة الناشطين اعاقة عمل البورصة في ذلك اليوم بالنتيجة المتوخاة. واعتقلت الشرطة 180 شخصاً من دون ايذائهم، ثم سارعت الى إطلاقهم. اذا اردنا رسم مخطط، تبدو الحركة منقسمة جزءين. هناك، من جهة، الراغبون في جعل"احتلوا وول ستريت"قطب جذب ضد ظلم"الواحد في المئة"من السكان الأكثر ثراء، هذه الارستقراطية الجديدة المستفيدة من انحراف الديموقراطية. ومن جهة ثانية، هناك الذين يتقدم عندهم ابتكار"اشكال جديدة"من الحياة الاجتماعية. تفوّق الميل الثاني، وانضم اليه عدد لا بأس به من ممثلي الكتلة الثانية. ويقول امين حسين الناشط البالغ من العمر 37 سنة والذي تخلى قبل ثلاث سنوات عن مهنته كمحامٍ لشركات الأعمال للانطلاق في النشاط الفني ومن هناك انضم الى"احتلوا وول ستريت"متحمساً:"لسنا حزباً ولا نقابة ولا منظمة ولا حتى حركة". وسيترين واحدة من مفكرين داعين الى تجديد نظري جذري:"الأفقوية""هوريزونتاليزم". وتشير العبارة الى قطع لا عودة عنه، ليس مع الرأسمالية المالية فحسب، بل أيضاً مع كل اشكال التنظيم السابقة التي سعت الى احتوائها ووقفها. وعلى نقيض"عمودوية"كل سلطة تقوم على بنية او هيكل، - ترمي الى"رفع مستوى وعي الشعب"من خلال تنظيم"كومونات"تذكر بالجماعات التعاونية التي انشأها الفيلسوف الفرنسي شارل فورييه. الهدف هو اقامة"شبكة دولية من الكومونات غير المرتبطة بالاقاليم وذات سيادة"، وهو الطموح المؤسس للثورة الاميركية،"الذي لم يعد موجوداً عند الانسان الاقتصادي". ويحتفظ الطبيب اليكس كارفالو البالغ من العمر 29 سنة، وبابلو آنكيه 30 سنة العامل في خدمة الطوارئ في أحد المستشفيات، بذكرى رائعة عن مغامرة"الجبل السحري"، وهي كومونة استمرت سبعة شهور في نيويورك وشاركا فيها. ويقول آنكيه"إذا لم نستطع تغيير الحياة، فلنغير الطريقة التي نحيا بها". ولتسقط النزعة الاستهلاكية. لكن لليوتوبيا حدودها: فإذا كانت"احتلوا وول ستريت"تتفكك رويداً رويداً، فإن ذلك لاضطرار عدد من اعضائها للعودة الى العمل، على ما يقر. ويعبر حسين عن ثقته في ان ظروف التسعة والتسعين في المئة ممن لا يصنفون ضمن الواحد في المئة الأكثر ثراء، لن تنفك تتدهور. يتابع آنكيه"النضج اللازم للتغيير يتطلب وقتاً. دعونا نعتقد اننا نضعف، وهذا ممتاز. لقد خسرنا فيما نحن منظورون. لكن اذا كنا اقل عدداً واعمق تصميماً، سننظم انفسنا بعيداً من عالم المال". وبعد عام من ظهورها، فقدت الحركة الكثير من زخمها. انها تنزاح نحو الهوامش الاجتماعية بدلاً من قلوب ضحايا الظلم. وبقي مفهومان مفروضان: كلمة"احتلوا"الجامعة لآلاف الحركات الصغيرة في العالم، و"الواحد في المئة"التي تجسد الشر الرأسمالي. وكشهادة على ذلك رُفع شعار"حل العالم الأفضل، ولكن أسيء توزيعه ببساطة". * صحافي، عن"لوموند"الفرنسية، 18/9/2012، إعداد حسام عيتاني