طرح مركز"كارنيغي للشرق الأوسط"أسئلة عن قدرة الحركات الإسلامية الصاعدة على"ترجمة برامجها الانتخابية التي تعهدت بها أمام القواعد الانتخابية، ورهاناتها لمحاربة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية وطمأنة المستثمرين والمجتمع الدولي، إلى واقع عملي ملموس". وركّزت دراسة للمركز، بعنوان"الرهانات الاقتصادية للإسلاميين في الحكم: محاربة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية"، التي أعدها الباحثان إبراهيم سيف ومحمد أبو رمان، على"تطور الخطاب الاقتصادي في السنوات الخمس الماضية لدى أربعة أحزاب إسلامية هي: العدالة والحرية في مصر، الإخوان المسلمون في الأردن، النهضة التونسي، العدالة والتنمية المغربي، واهتمامها المتزايد بالهمّ الاقتصادي البارز على نحو صريح في الحركات السياسية والاجتماعية الاحتجاجية الأخيرة". ولفتت الدراسة إلى"شبه اتفاق على طبيعة المشاكل الاقتصادية والتحديات التي تواجه الدول الأربع والمتمثلة في انعدام العدالة، وهيمنة الاحتكارات، وزيادة معدلات الفقر والبطالة وتدني مستويات التعليم والصحة وغياب رؤية إستراتيجية اقتصادية في هذه الدول". وأكدت الأحزاب الأربعة ضرورة"تحقيق العدالة الاجتماعية، ومحاربة الفقر والبطالة والفساد، وتعزيز سيادة القانون، والتعامل مع التفاوت الطبقي داخل المجتمع والتفاوت بين المناطق". لكن الدراسة التي شددت على أن المشاكل الاقتصادية كانت"سبباً مباشراً ورئيساً في انفجار الغضب والسخط الشعبيين في هذه الدول ومناطق أخرى في الشرق الأوسط، سألت إذا كانت الحركات الإسلامية تملك أجوبة عملية للمشاكل الاقتصادية أم أنّها تكتفي بطرح عام لا يتضمن رؤى واقعية مفصلة". أهداف طموحة ونبّهت الدراسة، إلى أن الأداء الاقتصادي والنجاح أو الفشل في تحقيق الأهداف الطموحة التي تضمنتها البرامج الاقتصادية للإسلاميين،"ستكون له انعكاسات سياسية في ما يخص شعبية هذه الأحزاب التي اعتمدت حتى وقت قريب على الطروح النظرية والعمل الخيري لتقديم خدماتها، للدلالة على قدراتها التنفيذية في المجالات الاجتماعية والصحية والتعليمية أحياناً". واعتبرت أن"استهداف الفساد ورفع شعار العدالة الاجتماعية عناوين غير كافية، كحلول للمشاكل الاقتصادية في الدول العربية"، مشيرة إلى أن"أياً من هذه الأحزاب لا يملك برنامجاً يتطرق إلى هذه المشاكل في شكل متكامل، وقدم حلولاً مقنعة لكيفية التعامل مع هذه التحديات، ومن بينها طريقة إدارة"التحالفات السياسية مع رجال الأعمال أو فئات الدخل المتوسط أو حتى النقابات المعارضة الممثلة لشرائح واسعة من العمال". وأشارت إلى"عدم وضوح طريقة التعاطي مع العالم الخارجي، والتعامل مع الأزمات الاقتصادية العالمية، ما يطرح أسئلة جدية حول قدرتها على ترجمة الأهداف الموضوعة ونجاحها في طمأنة المستثمرين والمجتمع الدولي". وتوقعت أن تكون النتائج التي ستتحقق"متواضعة قياساً إلى النتائج المستهدفة بسبب عمق المشاكل والضعف البنيوي الذي تعاني منه الدول الأربع، فضلاً عن محاولات متوقعة من فاعلين داخل أجهزة الدولة والقطاع الخاص لإعاقة تحقيق الأهداف المنشودة، نظراً إلى الضرر الذي سيلحق بمصالحهم وعلاقاتهم القائمة". وخلصت الدراسة إلى أن الأحزاب الإسلامية في الدول الأربع"لم تقدم تصورات ثورية تشير إلى تغييرات هيكلية وجذرية"، وقارنت بين برامجها الاقتصادية وبرنامج حزب العدالة والتنمية التركي الذي"حقق نجاحات اقتصادية ملحوظة في السنوات الثماني الماضية، بمنحه الجانب الاقتصادي اهتماماً كبيراً لمواجهة المشاكل الاقتصادية التي تفاقمت لدى تسلّم الحكم عام 2002، وربط بوضوح بين الأزمة الاقتصادية وأسبابها السياسية وأولويات الخروج من الأزمة". وكان مركز"كارنيغي للشرق الأوسط"في بيروت نظم ندوة مغلقة لمناقشة الدراسة، حضرها باحثون اقتصاديون وخبراء من تونس ومصر والمغرب والأردن، وأثمرت نقاشاً تمحور حول الدراسة وفصولها واستنتاجاتها.