اغتيل عالِم نووي إيراني في طهران أمس، يشغل منصباً في منشأة ناتانز لتخصيب اليورانيوم، في عملية مشابهة لاغتيال ثلاثة علماء آخرين في السنتين الماضيتين، واتهمت طهران تل أبيب بتنفيذها. وقالت مصادر أمنية إن شخصين على دراجة نارية ألصقا عبوة مغناطيسية بسيارة كانت تقل مصطفى أحمدي روشن وشخصين آخرين، أحدهما حارسه الشخصي، في ساحة كتابي شمال طهران. وانفجرت العبوة بعد ابتعاد الدراجة النارية 250 متراً، ما أدى إلى مقتل أحمدي روشن فوراً، وسائقه رضا قشقائي في المستشفى، فيما نُقل حارسه إلى مستشفى. ونقلت"رويترز"عن شهود أن أحد المارة قُتل أيضاً بالتفجير، لكن وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية إرنا أفادت بجرح رجل في ال85، كان يسير في المنطقة. وقال سفر علي براتلو، نائب حاكم طهران:"كانت القنبلة مغناطيسية، ومن نوع القنابل التي استُخدمت سابقاً في اغتيال علماء، وهذا عمل من صنع الصهاينة". وقالت مصادر ل"الحياة"إن أحمدي روشن كان يستعد للمشاركة في تأبين أقيم في جامعة طهران أمس، لمناسبة الذكرى السنوية الثانية لاغتيال العالِم النووي مسعود علي محمدي، في 12 كانون الثاني يناير 2010، بتفجير دراجة نارية أمام منزله في طهران. وفي 29 تشرين الثاني نوفمبر 2010، قُتل العالِم النووي مجيد شهرياري بتفجير قنبلة أُلصقت بسيارته، فيما نجا العالِم النووي فريدون عباسي دواني من هجوم مشابه، عُيّن بعده رئيساً ل"المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية". وفي 23 تموز يوليو 2011، قُتل العالِم النووي داريوش رضائي نجاد بتفجير قنبلة أُلصقت بسيارته. وحملت إيران إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، مسؤولية كل تلك العمليات. أحمدي روشن وأعلنت"المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية"أن أحمدي روشن كان عالمِاً نووياً، شارك في برنامج تخصيب اليورانيوم، فيما أفادت وسائل إعلام محلية بأنه كان خبيراً في الكيمياء تخرّج في جامعة شريف الصناعية، أشهر جامعات العلوم في إيران. وأفادت وكالة أنباء"فارس"بأنه عَمِل على مشروع لصنع أغشية مكثفة تُستخدم لفصل الغاز. ونشر موقع"ألف"أبحاثاً أعدها أحمدي روشن، تفيد بأن الأغشية المُستخدمة لفصل الغاز، تُستخدم أيضاً في تخصيب اليورانيوم. وشغل أحمدي روشن 32 سنة أيضاً منصب نائب مدير للشؤون التجارية في منشأة ناتانز، أضخم موقع للتخصيب في إيران، إذ يضم نحو 8 آلاف جهاز للطرد المركزي. وأفاد موقع"مشرق نيوز"المحافظ بأن أحمدي روشن كان مكلفاً شراء أجهزة ومعدات للمنشأة. ونعت"المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية"أحمدي روشن، مشيرة إلى أنه"كان من المضحين العاملين في الصناعة النووية للبلاد"، لكنها أكدت أن"الأعمال الشائنة التي تمارسها أميركا والنظام الصهيوني المجرم، لن تعطل طريقنا المجيد، وستواصل إيران طريقها بثبات. سنستمر في مسارنا النووي، من دون شك. مسارنا لا عودة فيه". في الوقت ذاته، اعتبر محمد رضا رحيمي، النائب الأول للرئيس الإيراني، أن"هذا العمل الإرهابي الذي ارتكبه عملاء الاستكبار والنظام الصهيوني، يستهدف منع علمائنا من خدمة بلادهم". وأضاف مستدركاً:"استهدف الذين يزعمون محاربة الإرهاب، علماءنا، لكن عليهم أن يعلموا أن هؤلاء مصممون أكثر من أي وقت مضى على تحقيق مزيد من التقدم العلمي". أما الناطق باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى البرلمان كاظم جلالي، فعزا"هذه الاغتيالات إلى تسريب منظمات دولية إلى أعداء إيران، معلومات سرية قدمتها طهران عن علمائها"، قائلاً:"على الوكالة الدولية للطاقة الذرية الحفاظ على المعلومات التي تملكها، وألا تضعها بتصرف إرهابيين". وأفادت وكالة أنباء"مهر"بأن"مفتشي الوكالة الذرية التقوا أحمدي روشن أخيراً". ولفت إسماعيل كوثري، نائب رئيس لجنة الأمن القومي، إلى أن"هذه الجرائم التي ينفذها الصهاينة والاستكبار العالمي، تُواجَه بصمت مطبق من الأممالمتحدة"، مؤكداً أن"أجهزة الأمن الإيرانية ستكشف العناصر الضالعين في الاغتيال، وتقتلعهم من جذورهم". وأشار قائد ميليشيا"الباسيج"متطوعي الحرس الثوري الجنرال محمد رضا نقدي إلى أن"الشهيد أحمدي روشن كان عضواً في المنظمة الطالبية للباسيج، ثم في هيئة الباسيج لأساتذة جامعة شريف". وقال:"كان لديه دائماً هدفان: النضال ضد إسرائيل والشهادة". إيران والعقوبات النفطية في غضون ذلك، نقلت"رويترز"عن مصادر ملاحية إن كميات النفط الخام الإيراني المخزنة في البحر، ارتفعت إلى نحو ثمانية ملايين برميل، مرجحة أن تواصل زيادتها، في ظل العقوبات على طهران وتباطؤ نشاطات المصافي لأسباب موسمية. كما نقلت"رويترز"عن مصدرين في صناعة النفط إن الهند أبلغت شركات التكرير بخفض وارداتها من النفط الإيراني، والبحث عن بدائل. في باريس، أشار وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه إلى استعداد دول عدة منتجة للنفط، لزيادة صادراتها النفطية،"تفادياً للتأثير في الأسعار"، إذا أقرّ الاتحاد الأوروبي في 23 الشهر الجاري اتفاقاً مبدئياً لحظر استيراد النفط الإيراني، تختلف دول الاتحاد حول موعد تطبيقه. واعتبرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أن بدء تخصيب اليورانيوم في منشأة فردو"يظهر مجدداً الازدراء الفاضح للنظام الإيراني بمسؤولياته، والعزلة الكبيرة التي يتسبب بها البلد لنفسه". وقالت:"ليس هناك أي مبرر معقول لهذا التخصيب الذي يقرّب إيران خطوة كبيرة من امتلاك القدرة على إنتاج يورانيوم عالي التخصيب، من النوع الصالح لصنع أسلحة". إلى ذلك، أقر قائد القوات البحرية الأميركية الأميرال جوناثان غرينيرت بأنه لا ينام، استعداداً لاحتمال إغلاق طهران مضيق هرمز. وقال:"إذا سألتني لماذا أسهر الليل، أقول: إنه مضيق هرمز والنشاط في الخليج العربي". أما رئيس أركان سلاح الجو الأميركي الجنرال نورتون شوارتز فأكد أن قواته ستؤدي دوراً مهماً في إعادة فتح المضيق، مشيراً إلى أنها ستكفل"التفوق الجوي على مستوى المكان أو على نطاق أوسع".