شهد 21 آب أغسطس 1911 عملية سرقة مدوية لا تزال حاضرة في الأذهان، عندما اختفت الموناليزا من متحف اللوفر في باريس، ولم يعثر على لوحة ليوناردو دا فينشي الشهيرة هذه إلا بعد سنتين إذ سرقها عامل إيطالي أكد أن دافعه كان وطنياً. حصلت عملية السرقة يوم اثنين عند الساعة السابعة صباحاً تقريباً عندما تسلل عامل الطلاء الإيطالي فينتشينزو بيروجيا 30 سنة إلى المتحف الذي يغلق في أيام الاثنين من باب خلفي يطل على نهر السين، وكان يعرف المكان جيداً فقد شارك في العام السابق في وضع زجاج واقٍ حول اللوحة التي تجذب الزوار. ويروي جيروم كوانيار صاحب كتاب"اختفاء امرأة"المكرس للقضية دار لو باساج للنشر"بيروجيا كان يعرف تماماً كيف أن اللوحة مثبتة إلى الجدار". في غضون ثوان قليلة نزع اللوحة التي رسمت بين عامي 1502 و1506 على يد الرسام التوسكاني، واختبأ في أحد السلالم. وهناك نزع إطار اللوحة الحساسة المرسومة على خشب حور من دون أن يلحق بها الضرر. وطوى اللوحة بقميصه وخرج بهدوء من المبنى. وأبلغ فنانان في اليوم التالي باختفاء اللوحة، فهما أتيا لنسخ هذه التحفة الفنية واستغربا غيابها المطول. وبدأ البحث عنها في المتحف فعثر على الإطار الفارغ. وأمر رئيس الشرطة لوي ليبين بتفتيش الزوار. واستحوذت الصحافة على الموضوع مدينة الثغرات في نظام المراقبة في المتحف. وأقيل مدير اللوفر من منصبه هو الذي سبق له أن حذّر الإدارة من نقص في هذا المجال. ومسح ألفونس برتيون مؤسس أول مختبر جنائي للشرطة شخصياً مسرح الجريمة، فعثر على بصمة إصبع يسرى على الزجاج الواقي للوحة. وكانت هذه بصمة السارق. ويشدد جيروم كوانيار قائلاً"إلا أن التحقيق كان مقصراً في هذا المجال إذ لم يتم استغلال هذه المعطيات خصوصاً أن بصمات بيروجيا محفوظة عند الشرطة". وكانت الشرطة على اقتناع بأن السارق لم يتصرف بمفرده وسعت إلى إلقاء القبض على"عصابة دولية". وأقنع ابولينير الرسام الإسباني بإعادتها. فأحضرها بيكاسو إلى"بوتي جورنال". واستعادتها الشرطة وربطت ين القضيتين وسجنت ابولينير. وبقي الشاعر ثمانية أيام في السجن وقد تأثر بذلك في شكل عميق. ونجح بيروجيا على مدى سنتين في إخفاء اللوحة في شقته في الدائرة العاشرة من باريس. ثم راح يراسل تجاراً إيطاليين مقترحاً عليهم اللوحة موضحاً أنه يفضل أن يلعب ورقة الوطنية. في كانون الأول ديسمبر 1913 اقترح عليه تاجر من توسكانا يدعى ألفريدو جيري استقدام اللوحة إلى فلورنسا لمعاينتها. وافق بيروجيا على الأمر. وتوجّه التاجر برفقة مدير متحف أوفيزي إلى فندق بيروجيا وتأكدا من صحة اللوحة واستعادها بهدوء. أوقف بيروجيا وحوكم في إيطاليا حيث حكم عليه بالسجن سنة و15 يوماً فقط. وقد خفضت عقوبته لاحقاً إلى سبعة أشهر. وأكد بيروجيا أنه تحرك بدافع وطني. وخلال المحاكمة اعتبر محلل نفسي أنه يعاني من عته، واعتبر كوانيار"الرجل ليس ذكياً كفاية للقيام بما قام به"مشيراً إلى وجود رجل ألماني غريب التقاه العامل الإيطالي قبيل السرقة.