مع نهاية عهد مكوك الفضاء بعودة"أتلانتس"من رحلته الفضائية الأخيرة كي يستقر في متحف علمي، انفتحت الآفاق على مشاريع متنوّعة لإيجاد بدائل متطوّرة لما يستخدم حاضراً من مركبات في استكشاف الكون. في الوقت عينه، يستمر روبوت فضائي في الدوران حول المريخ، كما يسير على سطحه روبوتان على هيئة سيّارتين، هما"أوبورتشونيتي"و"سبيريت". في المقابل، ثمة من يعتقد أن عهد هذا النوع من روبوت الفضاء، ربما شارف أيضاً على الانتهاء. وقبل التوسّع في هذا الأمر، يمكن إلقاء نظرة سريعة على المواصفات الفنية لروبوتي المريخ، إذ يسير كل من"سبيريت"و"أوبورتشونيتي"على ست عجلات، قطر الواحد منها 25 سنتيمتراً، وجهز كل منهما بمحرّك كهربائي يتغذى بالطاقة من ألواح شمسية، يرتفع الروبوت-العربة عن الارض متراً ونصف المتر، ويبلغ عرضه 230 سنتيمتراً وبطول 160 سنتيمتراً. ويبلغ وزنه الاجمالي 185 كيلوغراماً. وصمّم بشكل يتيح للعجلات ان تبقى ملتصقة بالأرض، مهما كانت تضاريس الموقع تحت العربة. يستعين كل روبوت ب 6 كاميرات لاستكشاف طريقه في التنقل بين صخور المريخ. وتشمل أجهزته العلمية الأخرى، كاميرا بانورامية مرفوعة على عمودٍ طوله 1.5 متر، وجهازاً مؤتمتاً متعدد المهمات محمولاً على ذراع متحركة بطريقة تمكّنه من خدش صخور المريخ والتقاط صور طيفية وميكروسكوبية لمواد هذه الصخور، إضافة إلى مجسّ حراري يعمل بالأشعة تحت الحمراء ويتخصّص في دراسة الغلاف الجوي القريب فوق العربة. تتشكل الألواح الشمسية في الروبوتين، من خمسة مسطحات توجّه ذاتها آلياً لاستقبال أشعة الشمس. تولّد الألواح 300 واط من الكهرباء أثناء تجوال الروبوت على سطح المريخ. وتنخفض هذه الكمية إلى قرابة 140 واط لمدة تصل الى 4 ساعات في اليوم المريخي. وتستخدم العربة 100 واط لمحركات التنقل. وتختزن فائض الطاقة في بطاريتي ليثيوم تزن كل واحدة منهما 7.15 كلغ، تؤمنان الطاقة في الليل وفي الايام الغائمة. فهل شارف أيضاً عهد روبوت الفضاء الوحيد، الذي يذرع سطح كوكب بفضل توجيهات تأتيه من الأرض، كحال الروبوت"أوبورتشونيتي"في المريخ، على الانتهاء؟ وإذا كان الجواب بنعم، فما هو البديل الذي تعمل وكالة"ناسا"على تجهيزه ليشكل قفزتها المقبلة في مغامرة استكشاف الكون؟ في مستقبل غير بعيد، ربما حلّق أسطول من الروبوتات فوق جبال القمر"تيتان"التابع لكوكب زُحل. وقد يحلّق هذا الاسطول الجوي المؤتمت فوق السهوب الفسيحة والمثلجة في ذلك القمر، بل ربما استطاع أن يحطّ أيضاً على سطح المياه السائلة في بحيراته. في هذا الصدد، رأى وولفانغ فينك، اختصاصي الفيزياء في"معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا"في باسادينا، الذي يعمل بالتنسيق مع وكالة"ناسا"أن الجيل المقبل من الروبوت المتخصص في الاستكشاف، سيمثّل نقلة نوعية في الطريقة التي تجرى فيها العمليات الاستكشافية. ويشغل فينك منصب أستاذ كرسي متميّز في فيزياء الإلكترونيات الدقيقة، في جامعة أريزونا، بتوسكُن. وأوضح فينك أن مستقبل استكشاف الكواكب والأقمار والأجرام الفضائية، سيصبح رهناً بجيل من الروبوت الرخيص الثمن، الذي يعمل ضمن فريق كبير، بحيث تتحرك مجموعات منه في كل عملية استكشاف، وتنسّق جهودها بعضها مع بعض، باستقلالية عن التوجيه الآتي من كوكب الأرض. وينسق فينك جهود فريق يتوزّع أعضاؤه بين جامعتي كاليفورنيا وأريزونا، يعمل على تصميم برامج كومبيوتر مؤتمتة، تُعطي الروبوت القدرة على العمل في المسوح الجيولوجية للفضاء، باستقلالية تامة لا تحدّ من قدرته على التنسيق مع مجموعة من روبوتات الاستكشاف، بحيث يعمل الكل كفريق متناغم، كحال فِرق كرة القدم مثلاً. وتعطي برامج الكومبيوتر التي يصممها فينك للروبوت القدرة على الملاحظة والتعرّف الى المشاكل، وتقويم المخاطر، وبالتالي تحديد المناطق التي يجب التعمّق في استكشافها. وفي الوقت نفسه، يتبادل الروبوت المعلومات التي يحصل عليها في اللحظة التي تظهر فيها، مع مجموعة من روبوتات تعمل معه في المهمة الاستكشافية عينها.