تبدو اضطرابات سورية، منذ الآن، كأنها تعدل خريطة الشرق الأوسط الاستراتيجية ? على نحو تتآكل معه مواقع إيران وحركة"حماس"الفلسطينية المتشددة. ويرى المسؤولون الأميركيون أن الرئيس السوري بشار الأسد، قد استنتج أن نجاته من الاحتجاجات الكثيفة ضد نظامه والتي تتواصل في أرجاء البلاد، تتطلب أن ينأى بنفسه على نحو ما، عن إيران. ويُنظر إلى المحتجين على أنهم من المسلمين السنة الذين ينتقدون تحالف الأسد مع القيادة المسلمة الشيعية في إيران. وتنامى الغضب الأسبوع الماضي بعدما كشفت تقارير للاستخبارات الأميركية أن إيران زودت سورية سراً بغاز مسيل للدموع ومعدات ضد أعمال الشغب وغيرها من أدوات القمع. وبغض النظر عما يجري في التظاهرات المناهضة للأسد، تبدو إيران كأنها ستخسر بعضاً من مداخلها السهلة الى سورية، حليفها العربي الأهم. ويعتقد المسؤولون الأميركيون أنه إذا نجا الحكم، سيكون عليه الابتعاد بقدر ما عن إيران لتهدئة المحتجين... أما إذا أطيح به، فالأرجح أن يحكم سورية نظام يهيمن السنة عليه ويكون أكثر عداء لإيران. ويحذر بعض المحللين العرب، مع ذلك، من أن ارتباط النظام السوري بإيران عميق إلى الحد الذي يجعل من هامش المناورة لديه هامشاً ضيقاً. وتواجه"حماس"التي يقع مقرها في دمشق وجذورها في غزة، مشكلات مشابهة. فقد دُفعت المجموعة الفلسطينية المتشددة نحو مصالحة مع حركة"فتح"الأكثر اعتدالاً بسبب من العقد في العلاقات مع الأسد، وفقاً لمصدر عربي أكد معلوماته مسؤول رسمي أميركي رفيع المستوى. وقدمت"حماس"التي ضعفت أخيراً قاعدتها السورية، عدة تنازلات مهمة في الاتفاق مع"فتح" وفي قلب التوتر بين"حماس"وسورية تقع حقيقة أن الحركة تتلقى دعماً قوياً من الإخوان المسلمين- الذين يعتبرون من الأصوات البارزة في الحركة الرامية الى الإطاحة بحكومة الأسد العلمانية. وقال مصدر أن زعيم"حماس"خالد مشعل عرض التوسط بين الأسد وبين أصدقاء"حماس"في الإخوان المسلمين ما أثار غضب دمشق. ويقال إن مشعل أدرك أن قاعدته في سورية لم تعد آمنة وأنه وافق على تقديم تنازلات لمنافسته الفلسطينية"فتح". وذكر مسؤول أميركي، كدليل على ضعف"حماس"، قبولها في الاتفاق الذي رعاه المصريون، طلبين ل"فتح": الأول تراجع"حماس"عن موقفها الرافض لتوقيع ورقة المصالحة المصرية التي وضعت عام 2009 من دون تعديل"والثاني هو قبولها بخطة لتشكيل حكومة من"مستقلين"غير منتمين الى الحركة، أما ما لم تقبله فهو الموافقة على حق إسرائيل في الوجود. ويعتقد بعض مسؤولي إدارة أوباما أنه على رغم قلق إسرائيل، فإن حركة"حماس"ضعيفة، قد تعتبر فرصة لمفاوضات السلام، على رغم أن هذه المسألة لم تسو بعد مع البيت الأبيض. وقد أرجأ الرئيس باراك أوباما خطاباً كان من المقرر أن يخصصه للشرق الأوسط ويلقيه الأسبوع الجاري ويتناول فيه"محددات"المفاوضات من أجل اتفاق سلام، في انتظار تقييم تأثير مصالحة"حماس"و"فتح". * معلق، عن "واشنطن بوست" الأميركية، 29/4/2011، إعداد حسام عيتاني