اكتشفت بعثة أثرية عراقية، مجموعة صلبان وبقايا أديرة قديمة تعود إلى مدينة الحيرة التي اعتنق سكانها المسيحية لقرون قبل دخول الإسلام إلى البلاد. وقال شاكر عبد الزهرة، رئيس بعثة تنقيبات مدينة الحيرة الأثرية، ل"الحياة"إن البعثة نقبت في موقع مجاور لمطار النجف، وعثرت على بقايا أبنية تتألف من 46 غرفة، وتشير الدلائل إلى أنها دير. وأشار إلى أن"الأبنية تتكون من غرف مختلفة المقاسات، منها قاعات طويلة وساحات يفصل بينها جدار تحيط به مجموعة من الغرف الصغيرة والكبيرة، وتوجد على واجهات هذه الغرف والقاعات صلبان معلقة بالآجر على أبواب القاعات والغرف". وكشفت البعثة أيضاً، في موقع أثري آخر، عن عشر غرف مزينة بزخارف وصلبان متنوعة الأشكال، يمثّل بعضها أوراقاً وعناقيد عنب وبعضها الآخر سعف نخيل. ويلفت عبد الزهرة إلى أن كل نوع من الزخارف يقدّم دلالة تاريخية معينة، باعتبار أن فن الزخرفة وعالم العمارة كانا متطورين جداً في الحيرة القديمة. وطبقاً لخبراء التاريخ في العراق كانت مدينة الحيرة، جنوب النجف، عاصمة روحية للنصارى ومقصداً للرهبان طوال أكثر من 500 سنة، قبل دخول الإسلام إلى البلاد. واشتهرت دولة المناذرة، وملكها النعمان بن المنذر، برعاية الصوامع ورهبانها. وكانت مدينة الحيرة تسمى"مدينة الرب"بسبب كثرة أديرتها وكنائسها، إضافة إلى قصورها الشهيرة مثل الخورنق والسدير التي تعود إلى زمن الملك البابلي نبوخذ نصر 605 قبل الميلاد. فكان العرب يأتون إلى العراق من اليمن، في قوافل تجارية تتبادل البضائع مع أهالي الحيرة، على امتداد طريق الحرير الشهيرة، وبنى لهم نبوخذ نصر آنذاك خاناً كبيراً مسوّراً لتأمين إقامتهم. ويؤكد أستاذ التاريخ في جامعة الكوفة، حسن الحكيم، وجود 33 ديراً بين النجف والكوفة من بقايا المسيحية، اكتشف بعضها في منطقة النجف، حيث كانت مملكة الحيرة تحت حكم المناذرة قبل الفتح الإسلامي في القرن السابع ميلادي. لكن القسم الأكبر من الأديرة لا يزال مجهولاً، مبيناً أن منطقة عاقولاء، بين الحيرة والكوفة، كانت مركزاً للسريان ولا تزال آثارها ماثلة هناك.