ظل "قصر الخورنق" مرتبطاً بما وصلت اليه مملكة الحيرة ودولة المناذرة من قوة ومنعة في التاريخ العربي قبل الاسلام وما بلغته الاخيرة من مجد سياسي وحضاري في عهد ملكها النعمان بن المنذر الرابع الذي امتد حكمه بين 585 و613 ميلادية. ولكن القصر اليوم بات "أثراً بعد عين" على رغم دلائل تشير الى انه يقع قريباً من مدينة "المناذرة" جنوب الكوفة في العراق. وأشارت صحيفة "الثورة" في بغداد قبل ايام الى ان "الهيئة العامة للآثار والتراث" ارسلت بعثة تنقيبية برئاسة الأثرية ناهدة عبدالفتاح النعيمي للتنقيب في "موقع أبي صخير الاثري" أملاً في تحديد ملامح القصر التاريخي وأسسه. النعيمي قالت ان البعثة بدأت اعمالها التنقيبية في الربع الثاني من هذا العام و"استطاعت على رغم الطبيعة القاسية الحصول على نتائج مهمة ومثيرة تتعلق بدولة الحيرة وقصر الخورنق" لافتة الى اكتشاف 467 قطعة أثرية تتنوع ما بين الجرار مختلفة الاشكال والاحجام فضلاً عن لقى اثرية تكونت من اساور نحاسية وقلائد برونزية وفضية مرصعة بأحجار كريمة وفصوص نادرة وقوارير توضح تقدم العرب في صناعة الزجاج. وأكدت النعيمي ان المكان الذي ضم اللقى هو "مقبرة المنذر" وانها جزء من مقبرة العائلة المالكة التي تقع ضمن محرمات "قصر الخورنق"، مشيرة الى "اننا في موضع احد توابع القصر. وفي المراحل المقبلة من التنقيب ربما سنحصل على ادلة جديدة". عميد كلية الآداب في جامعة الكوفة حسن عيسى الحكيم يرى ان لملكة الحيرة العربية ودولة المناذرة شأناً كبيراً في تأريخ العرب قبل الاسلام وان "قصر الخورنق" كان اكثر من مركز للحكم فصار منتدى ادبياً وثقافياً واليه جاء الشعراء النابغة الذبياني والمنخل اليشكري وطرفة بن العبد وغيرهم. وفيه عقد "مؤتمر الخورنق" الذي حاول فيه الملك النعمان بن المنذر "توحيد كلمة العرب للحد من نفوذ الدولة الساسانية". ويلفت الحكيم ان مدينة الحيرة مركز دولة المناذرة اثرت تأثيراً كبيراً في تطور مدينة الكوفة التي اسست في العام السابع عشر للهجرة و"أصبحت امتداداً لماضي الحيرة التاريخي العريق". وعن عمارة "قصر الخورنق" يقول استاذ التاريخ الاسلامي في كلية الآداب في جامعة بغداد بهجت كامل التكريتي ان دولة المناذرة احدى الدويلات العربية المهمة في التاريخ العربي وتميزت حقبتها بالاستقرار والبناء العمراني، وان نمطاً عمرانياً مميزاً عرف فيها سمّي "البناء الحيري" نسبة الى الحيرة. يذكر ان بعثات تنقيبية كانت انشغلت بالعثور على بقايا "قصر الخورنق"، منها بعثة ارسلتها جامعة اكسفورد البريطانية برئاسة رايت انكد 1931، وبعثة عراقية ترأسها العالم الراحل طه باقر 1938 عثرت على سور من اللبن تحيط به ابراج مدورة ومربعة ورجحته البعثة ان يكون حصناً. فضلاً عن بعثات اخرى ارسلت عام 1956 اعقبتها تنقيبات خلال الاعوام 1980-1984 لكنها لم تسفر عن تفاصيل مهمة في شأن بقايا "قصر الخورنق" ومعالم مدينة المناذرة من قصور اخرى.